“الجامعة العربية” وأزمات السودان.. المحصلة صفر!!!
تقرير- مريم أبَّشر
يؤخذ على الجامعة العربية في المجمل أن المواقف التي تتخذها تجاه أي مشاكل وعقبات تحدث لعضويتها من الدول العربية لا تتخطى مرحلة الإدانة والدعوة لانعقاد قمة أو مجلس وزاري طارئ لا تساوي قراراته التي تصدر عنه ثمن الحبر المكتوب به خصماً على اشتراكات عضويته المدفوعة من أموال شعوب دولها، هذا بجانب الاختلافات التي تدب وسط الدول الأعضاء، وربما تصنف الجامعة العربية من أضعف المنظمات الإقليمية الموجودة في العالم، ولا تحظى بأي وزن للقرارات أو المواقف التي تصدر عنها وفق الخبراء، هذا مع العلم أن معظم الملفات والمشاكل التي تؤرق العالم وتشغله توجد في المنطقة العربية ومحيطها الإقليمي، أهمها النزاع العربي الفلسطيني والعربي الإيراني بما يعرف النزاع الشرق أوسطي، فضلاً عن النزاع والتنافس الدولي على منطقة البحر الأحمر، أضف إلى ذلك فإن الدول العربية حباها الله بموارد طبيعية هائلة أسهمت إلى حد كبير في زيادة وتيرة التكالب والتنافس الدولي والإقليمي على المنطقة الأمر الذي كان ينبغي أو يجعل من جامعة الدول العربية صوتاً قوياً، غير أنها توارت خلف الإدانات.
في وقت سابق
رغم أن دور الجامعة حسب المتابعين ضعيف في المشكل السوداني الراهن، إلا أنها سبق وأن تحرَّكت الجامعة العربية ميدانياً في أزمة السودان، حيث أوفد أمينها العام أحمد أبو الغيط إلى الخرطوم وفداً برئاسة السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، ورئيس مكتب الأمين العام، للإسهام في معالجة الوضع المتأزم في الخرطوم، ودعم الجهود المبذولة لعبور الأزمة السياسية الحالية، في ضوء الاتفاقات الموقعة والحاكمة للفترة الانتقالية، بما يحقق تطلعات الشعب السوداني نحو السلام والتنمية والاستقرار.
السفير زكي والوفد المرافق له عقدوا عدداً من اللقاءات خلال الزيارة كان أبرزها اللقاء مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري ورئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، تناولت تطورات الأزمة الراهنة وسبل دعم الجهود المبذولة لتسويتها.
ونقل زكي إلى البرهان، بحسب بيان الجامعة العربية، رسالة شفهية من أبو الغيط مفادها دعم الجامعة للمسيرة الانتقالية في السودان، ومبادئ حل الخلاف من طريق الحوار، وكذلك الأهمية البالغة لاستمرار الشراكة بين المكوِّنين العسكري والمدني إلى حين انتهاء تلك المرحلة والوصول بالبلاد إلى بر الأمان من خلال عقد الانتخابات.
لهذا السبب
أنشأت الجامعة العربية منظمة في نهايات أربعينات القرن الماضي بعدد محدود من الدول العربية التي كانت مستقلة في ذلك الوقت .
كانت القضية الرئيسة لها حسب الخبير، الدبلوماسي الدكتور السفير علي يوسف هي القضية الفلسطينية وكانت في ذات الوقت السبب الذي إلى دفع لقيامها أو إنشاؤها وذلك سبب حرب ٤٨ بين العرب وإسرائيل، والتي شكلت الهدف الرئيس لقيام الجامعة وحشد الدعم العربي للقضية الفلسطينية، وتابع يوسف: في ذلك الوقت لاتوجد إمكانية لوجود آليات لمواجهة إشكاليات داخلية في الدول العربية نفسها، حيث كانت كل دولة حريصة على سيادتها واستقلالها ولم يكن هنالك تنسيق، بل كان الهاجس الرئيس هو إسرائيل والمواجهة.
الدفاع بالنظر
السفير يوسف، أكد على أن التطور ظل محدوداً وظلت الركيزة الأساسية لعمل الجامعة هو سيادة الدول وحريتها واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية إلا بقدر محدود، وأشار إلى أن أكثر موقف اتخذته الجامعة العربية مرتبط بقضية داخلية هو تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية إبان الثورة التي حدثت في سوريا الأحداث التي تلت ذاك والموقف العربي عموماً من الأزمة السورية واكتفت بأنها علقت عضوية سوريا وتركت لكل دولة عربية حرية التعامل مع القضية السورية بالطريقة التي تراها مناسبة .
مقارنة
عند الحديث عن الجامعة العربية كثيراً ما يلجأ المراقبون لمقارنتها بالاتحاد الأفريقي وهنا يكمن الفرق والاختلاف البائن يقول السفير يوسف: إذا قارنا تعامل الجامعة العربية مع منظمة الوحدة الأفريقية التي أنشأت بعدها في عام ٦٣، منظمة الوحدة الأفريقية تطورت وخلقت جسماً جديداً ثم تحوَّلت لاتحاد أفريقي واستفادت من المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى وأدخلت مفاهيم مثل الحفظ على السلام داخل الدول والانقلابات ولديها مواقف كثيرة مرتبطة بالتطورات الداخلية للدول وهذا لم يحدث في الجامعة العربية لذلك نجد دور الجامعة الغربية ضعيف،
وتابع: رغم ذلك الجامعة العربية ساهمت في مشكلة دارفور كان لديها مساهمات وفتحت مكتب لها في السودان للمساهمة في معالجة الأزمة الإنسانية وغير ذلك من القضايا .
ولكن تظل تدخلات الجامعة العربية المحدودة مرتبطة إلى حد كبير بمبادرات الأمين العام.
أزمة داخلية
عزا يوسف، ضعف وجود الجامعة العربية في ملف الأزمة السودانية لجهة أن الأزمة الحالية ذات طابع داخلي بحت وهي صراع بين أطراف سياسية سودانية حول السلطة ليس هنالك أي توصيف آخر يمكن أن يقال، وهي سلطة انتقالية ويفترض تكون الفترة انتقالية تقود إلى انتخابات ينتج عنها حكومة انتخابية.
ويشير إلى أن الجامعة العربية في ميثاقها وآليات عملها لاتوجد أشياء واضحة لدور يمكن أن تلعبه ويمكن القول إنها لعبته أو لم تلعبه.
وما تقوم به من مجهودات هي مبادرات يقوم بها الأمين العام أو تأتي عبر مجلس الجامعة العربية وهو الآلية الرئيسة في الجامعة يضم كل الأعضاء، وزاد: وحتى قرارات ومبادرات المجلس إذا كان هنالك دولة اعترضت على طرح موضوع أو بحثه فإنه يترك جانباً، وضرب لذلك عدة قضايا مهمة جداً، كقضية الصحراء الغربية، فإن الجامعة العربية لم تتدخل فيها رغم أنها أدت لمواجهات بين الدول العربية وظلت الجامعة بعيدة عنها لأنها قضية ليس حولها اتفاق أو إجماع ولذلك تحدث يكون هنالك تفادي لمثل هذا الأمر.
ونبَّه الخبير الدبلوماسي إلى أن الخطأ موجود في مؤسسة الجامعة العربية نفسها إذ أنها لم تجد حلاً لمثل هذه النزاعات.
غير أن هنالك دول أعضاء في الجامعة تقود مساعٍ لإيجاد مخرج للأزمة السودانية من بينها مصر السعودية الإمارات، تقريباً حوالي (٥٠%) من المجهودات الخارجية تقوم بها دول عربية ولا يمكن حدوث تقاطعات بين الجامعة ودولها الأعضاء، لأن الجامعة عبارة عن إرادة الدول الأعضاء.
وفي بعض القضايا، الأمين العام للجامعة يطرح مبادرات كما حدث في مبادرة دارفور.فالجامعة العربية وقفت وفتحت مكتب في الخرطوم.
عقبة الداخل
مراقبون يرون أن تدخل أي جهة خارجية سواءً الجامعة العربية أو غيرها يظل عاملاً مساعداً فقط، وأن المشكلة تكمن في أن القوى السياسية التي تجتمع وتنفض كل يوم في مكان وتصدر تصريحات متناقضة لم يتمكنوا حتى الآن من وضع برنامج يخرج البلاد من الفترة الانتقالية التي هي فيها .
ويرون أن الحل في يدي السودانيين أنفسهم وفي يد المسؤولين في سلطة الأمر الواقع وأنه لا ينبغي علينا أن نرمي اللوم على الجامعة العربية أو غيرها وحتى التدخلات التي تقوم بها الأمم المتحدة معظمها خدمة لصالح دول سواءً أمريكا أو مصالح أوربية وليست ١٠٠% لمصلحة الشعب السوداني ويشيرون إلى أنه يجب أن لا نطعن في ضل الفيل وأن يوجه النقد لأصحاب المصلحة المعنيين الذين لايريدون التوصل لاتفاق ومختلفين حول من يوقع ككتلة أو أحزاب منفردة وهي في تقدير المتابعين شكليات لا ينبغي أن تضع الوطن كله أمام واقع مرير وظروف صعبة واحتمالات المواجهات والموت والقتل.
الكرسي أولاً
وخبراء في المجال السياسي أشاروا إلى أن كل الخلافات المفتعلة بين القوى السياسية القاسم المشترك الرئيس فيها البحث عن المناصب والكرسي واقتسام المناصب وليس الوطن أو المواطن المطحون تحت نيران وأقدام الساسة المتصارعين واتهموا القوى المتصارعة بشتى تصنيفاتها بأنها تبحث عن تأمين مصالحها الضيِّقة والمرتبطة لحد كبير بمصالح دول أجنبية.
الحسم
خبير دبلوماسي كبير أشار في إفادته لـ(الصيحة) أن الجامعة العربية عرفت منذ نشأنها بعجزها عن حسم القضايا الموجودة داخل دولها كالقضية الفلسطينية، اللبنانية السورية وغيرها وعزا ذلك لطبيعة تكوينها في اتخاذ القرارات وأضاف ذات الخبير، لافتاً للتأثير المصري على الجامعة وقارن بينه وبين التأثير الإثيوبي على الاتحاد الأفريقي يرى أن المصريين يعتبرون الجامعة العربية تحد أذرع السياسة الخارجية، إضافة والحديث للخبير الدبلوماسي وفق قوله إن مصر لا ترغب في انتهاء الأزمة السودانية وقيام نظام ديموقراطي حر لجهة أن مصالحهم مرتبطة بالجيش والحكم العسكري، ونبَّه إلى أن الجامعة كلفت مسؤول بدرجة دبلوماسية صغيرة ليكون مسؤولاً عن ملف السودان. وتابع: لو أنها تضع أهمية للسودان لاختارت مسؤول بمستوى عالٍ، أضف إلى ذلك فإن بعض الداخل المصري يرى في بعض أقاليم السودان أنها لا تنتمي للعرب وليس لها ولاء للجامعة العربية. وتابع: لذلك وجهوا الدعوة لرئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال لزيارة مصر للتعرُّف على مواقفه أولاً .
غير مرحَّب به
ويرى الخبير الدبلوماسي أن الحركة الشعبية بشقيها وبعض القوى السياسية السودانية غير مرحَّبه بالأدوار العربية والإسلامية، ويروا أن أي دور للجامعة العربية بتأثير مصري وبالتالي غير مرحَّب به.