تقرير / مريم أبشر
أخيراً، وبعد تباين واختلافات ومشاورات ماراثونية أخلّت بجدول مصفوفة تشكيل مؤسسات الحكم المدني لثمانٍ وأربعين ساعة، توافقت قوى الحرية والتغيير وقبلها المجلس العسكري الانتقالي على منسوبيهما في المجلس السيادي العشرة وتوافقا أيضاً على العضو الحادي عشر بشكل نهائي، كما رشح في وسائل الإعلام وأعلنه الطرفان، وطبقا للقوائم، فإن المجلس العسكري اعتمد في عضويته للسيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والفريق أول ركن محمد حمدان حميدتي، فضلاً عن اختيار الفرقاء ركن شمس الدين الكباشي وياسر عطا والفريق ركن إبراهيم جابر، فيما توافقت قوى الحرية والتغيير بعد تبديل وتعديل ومشاورات تسببت في خرق المصفوفة على اختيار الدكتورة عائشة موسى والدكتور صديق تاور ومحمد الفكي سليمان، ومحمد الحسن التعايشي، فيما نالت القبطية الأستاذه رجاء نيكولا عبد المسيح ثقة الطرفين بالتوافق كعضو يحمل الرقم الحادي عشر في المجلس السيادي.
مؤشرات إيجابية:
التشكيلة التي أفرزتها مشاورات قوى الحرية والتغيير رغم التعثر والانتقادات التي طالتها من هنا وهنالك من القوى السياسية المكونة لأضخم تجمع سوداني يضم ألواناً من الطيف السياسى والمدني المختلف، إلا أنه وفقاً لمحللين تحدثوا للصيحة غطى تمثيلاً هو الأول من نوعه منذ استقلال السودان للمناطق التي تصنف بأنها مهمشة حيث غطى التشكيل الذي تبنى في المرتبة الأولى الكفاءة بجانب المناطقية، معظم مناطق الهامش متمثلة فى شرق السودان والجنوب الجديد، والغرب، بجانب تمثيل للوسط والشمال، هذا فيما يلي اختيارات قوى الحرية والتغيير.
ويرى المراقبون ـن الاختيار راعى بشكل كامل المناطق التي كان ينظر إليها بأنها مهمشة. ولم تكن خيارات المجلس العسكري الانتقالي رغم اعتمادة معظم أعضائه بعيدة عن وضع اهتمام خاص في التمثيل للمناطق التي عانت ظلماً في السابق بحسب نضالات أبنائها حيث ضمت التشكيلة دارفور وغرب السودان والجنوب الجديد.
إنصاف الأقباط:
ولعل اختيار الأستاذة القانونية الضليعة، رجاء نيكولا عبد المسيح شكّل إنصافاً غير مسبوق للطائفة المسيحية القبطية في السودان، وحسب المعلومات التي تحصلت عليها الصيحة، فإن الأقباط لم يتولوا منصباً قيادياً بارزاً في الدولة منذ ستينات القرن الماضي، في عهد الرئيس السابق جعفر نميري حيث عين حينها طبقاً للمعلومات موريس سدرة وزيراً للصحة. ويضيف مصدر أن الطائفة القبطية رغم قلة عددها في السودان إلا أنها ظلت مؤثرة ولها بصمة خاصة في النسيج السوداني وتحظى باحترام كبير، ويعتبر الاختيار موفقاً راعى جوانب متفردة في السودان ومكوناته المتداخلة.
هيكلة المركز:
ويرى متابعون لمجرى الأحداث أن تشكيلة السيادي حسمت لحد بعيد جدلية مطالب الهامش بإعادة هيكلة المركز والسلطة فى الخرطوم، ويشير مصدر إلى أن هنالك حديثاً عن مظالم تاريخية وظلم للأطراف، وظل الهامش يشكو شح تمثيله في السلطة المركزية، فضلاً عن ظلم بعض الإثنيات، ويرون أن العضوية التي تواضع عليها الشريكان تعد إلى حد كبير لبت جانباً كبيراً من مطالب المناطق الطرفية في السودان إذا تم استبعاد المحاصصة التي أكدت قوى الحرية تجنبها فضلاً عن أن من تم اختيارهم بناء على الكفاءة المشهودة .
رمزية السيادي:
المجلس السيادي يمثل رمزية الدولة وسيادتها، ويعتقد مراقبون ـن الدول دائماً ما تلجأ لترضية الأقليات والأطراف الأكثر تهميشاً باختيار عناصر كفاءة تمثلها في السلطة المركزية كرمزية إيجابية الغرض منها تقوية اللحمة الوطنية وإتاحة الفرص والنأي عن مناكفة التمييز والتهميش كما حدث في الهند وإثيوبيا وموريش وغيرها من الدول، ويرى مصدر مطلع أن الاعتذارات التي أبداها بعض من وقع عليهم الاختيار لشغل التكليف يمثل ظاهرة إيجابية، تعكس حقيقة أن من ثاروا لتغيير واقع مؤلم لغد أفضل للسودان، لم يكن ذلك رغبة في التكالب على السلطة، وكنز المغانم والمكتسبات وبجانب إدراكهم لعظم المسئولية الأخلاقية للمنصب أمام الله أولاً والشعب السوداني ثانياً.
الكنداكة تتقدم:
اختيار اثنين من الكفاءات النسائية ضمن طاقم المجلس السيادي لتسيير الصفة السيادية للفترة الانتقالية يعد مكسباً كبيراً للجندر وللمرأة السودانية التي شاركت بقوة وخاضت معارك الكر والفر متقدمة الرجال في سبيل تحقيق سودان العدالة والحرية والمساواة، ويرى المراقبون أنه ولأول مرة في تاريخ السودان منذ استقلاله في بداية ستينات القرن الماضي تمثل المرأة في أعلى سلطة سيادية ورئاسية في البلاد.
ويرى المراقبون أن الاختيار الذي وقع على الدكتورة عائشة والأستاذة رجاء سيمثل نقلة نوعية وإضافة حقيقية للمؤسسة الرئاسية تضاف إلى السجل الناصع للمرأة الكنداكة السودانية ذات التاريخ النضالي الباذخ .