تقرير ــــ نجدة بشارة
عقب خمسة أشهر ونصف الشهر من التقلبات السياسية بين (العقبات والتحديات)، (الشد والجذب)، (التأييد والرفض)، من قبل الشعب ومن الشركاء في إعلان قوى الحرية والتغيير أحياناً، وبعض المكونات السياسية الأخرى، ومن الثورات المضادة، تارة أخرى، خلافاً لهموم الأمن والمواطن.
من المتوقع أن يحل المجلس العسكري نفسه تلقائياً، بعد تكوين المجلس السيادي ويسلم أوراقه (للوطن) و(لذمة التاريخ)، ولسان حاله يقول: (من كان منكم بلاخطيئة فليرمنا بحجر).
ولعل الفترة الانتقالية للمجلس وعلى قلتها كانت مشحونة بالأحداث الجسام التي كادت في أكثر من موقف أن تقتلع المجلس العسكري وتطيح به وبالثورة التي ظل يحرسها منذ التفافه للثوار في السادس من أبريل، من تربص من سماهم بالمندسين و(الدولة العميقة) حتى سلمها مؤخراً للديمقراطية، (المدنية) ناصعة البياض لولا تلك النقائص البائنة التي حسبت عليه (كفض الاعتصام في التاسع والعشرين من رمضان والتي لم تجد نتائج تحقيقاته القبول أو التسليم بها)، بالإضافة للخطيئة التي ظل المجلس يوصم بها بوصفه امتداداً للجنة الأمنية للنظام السابق، رغم الحرب الشرسة التي قادها العسكري (لتبييض نيته) ضد مؤسسات الفساد التابعة لقادة الإنقاذ بالتحفظ على ممتلكاتهم واتباع شركاتهم المشبوهة لشركات عامة وربما تكون برأته من ردة التبعية للرئيس السابق البشير.
ومع تسلسل الأحداث خلال هذه الفترة عمدت (الصيحة) إلى جرد حساب للفترة الانتقالية للمجلس مع محللين تحدثوا عن النواقص والإنجازات لفترة المجلس العسكري من خلال طرحنا للتساؤلات عن هل استطاع العسكري أن ينجز القضايا الأمنية والاقتصادية تركة الإنقاذ أم ستورث مجدداً للحكومة الانتقالية مع مزيد من التعقيدات؟
شهادة حق :
في خطاب قوى الحرية والتغيير في حفل التوقيع على الوثيقة الدستورية وجهت (قحت) الشريك الأصيل للعسكري رسالة للقوى العسكرية كافة بقولها: استكملتم معنا النشيد وسرتم معنا في طريق الثورة والتغيير بصدور مفتوحة وتضحية كان لزاماً أن تكون، فهذا واجب لا مستحيل معه.. واجهت مسيرتنا معاً العقبات التي فتحت أبوباً للريبة، لكن أملنا في (باكر الضواي) كان هو مفتاح الصبر.. سالت الدماء بالأمس أنهاراً وانهمر الدمع مدراراً وحدثت أخطاء دُفع معها الثمن فادحاً، لكننا رغم ذلك نؤمن بأن (بذرة الوطنية) عامرة ندية في هذه المؤسسة التي نعتز أنها حمايتنا ودرع وقايتنا، ومهما شُقت بيننا الدروب وكثرت الحفر، فإنه بيدنا اليوم أن نصنع معاً طريقاً معبداً يبني الثقة ويعززها، يتم فيه تداول السلطة بصورة سلمية يطوي صفحات مظلمة من الديكتاتورية البغيضة ونؤسس عبرها لديمقراطية مستدامة في السودان.
النواقص :
خبراء تحدثوا بأن (لا كمال) في السياسة، وهنالك دائماً النواقص والقصور من كل فعل سياسي، الا أن ذلك ربما لا يقلل من جهد الحادبين على مصلحة الوطن، وفي ذلك يرى المحلل السياسي د. عبد الله آدم خاطر في حديثه (للصيحة ) أن فض الاعتصام وإزهاق أرواح الشهداء والمفقودين كان نقطة سوداء كبيرة لوّثت صحيفة المجلس العسكري رغم أن النتائج أظهرت البريء وجرّمت المجرم، إلا أن حبل المسئولية ظل برقبة العسكري، وأردف: لكن أي إخفاق سياسي آخر تم التعويض عنه بالانتقال السلس الذي تم من الواقع الشمولي إلى النظام الديمقراطي، الذي سيسوده حكم القانون ودولة المواطنة.
تحدي الصعاب :
فيما ذهب الخبير الأمني الفريق حنفي عبد الله في حديثه (للصيحة) إلى أن المجلس العسكري الانتقالي منذ تشكيله ظل يعمل في ظروف قاسية، متجاهلاً الكثير من التهم التي كانت تأتيه من كل الاتجاهات وتضج بها الأسافير أساءة وتجريحاً دون بينة واضحة، وأردف: إلا أن االعسكري ظل يؤدي مهامه رغم تعطيل دولاب العمل بالدولة لغياب الحكومة الفعلية والوزراء واستعاض عنهم باللجان لتوفير، الوقود، السيولة، الخدمات عبر الاتصالات الخارجية رغم الأزمة الطاحنة التي خلفها النظام السابق.
إيجابيات :
وأشار حنفي إلى إيجابيات قال إنها تحسب للانتقالي العسكري أهمها إيفاؤهم بوعدهم للانتقال الديمقراطي بتقديم التنازلات في كل جلسة تفاوض يخال للشركاء انهيارها، حتى الوصول إلى توقيع الوثيقة الدستورية والسياسية، وأضاف أن السيولة الأمنية التي كانت تحيط بالبلاد عقب سقوط النظام كادت أن تودي بالثورة وتورد السودان مورد الهلاك لولا الوجود الأمني للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع التي عملت بتناغم لحفظ الأمن.