ممثلة معسكرات اللاجئين السودانيين بشرق تشاد مريم بخيت لـ(الصيحة): ساعة الفرار فاجأني المخاض
ممثلة معسكرات اللاجئين السودانيين بشرق تشاد مريم بخيت لـ(الصيحة): ساعة الفرار فاجأني المخاض
خرج ابني باكراً ليشهد قسوة الإنسان على أخيه الإنسان
(20) عاماً ونحن بالمعسكرات ونعيش ظروفاً صعبة واستثنائية
بعد اتفاق السلام (ما شفنا) غير ضوء خافت
(250) ألف أسرة بـ(13) معسكراً للاجئين بتشاد
دردشة- نجدة بشارة
(20) عاماً، منذ أن أجبرتهم ظروف الحرب على الهجرة قسراً من الوطن.. الذكريات لا تهدأ والخواطر تتدفق حنيناً إلى الديار.
جلست مريم بخيت أحمد ممثلة اللاجئين السودانيين بشرق تشاد، إلينا ونظراتها الغائرة تبحث عن ماضٍ مضى وحلم بالعودة لا يموت.
رسمت مريم صورة قاتمة لأوضاع اللاجئين بالمعسكرات، خاصة المرأة والطفل.. وحكت في عجالة اللقاء قصة الآلام والنزوح.
* حدثينا عن الأوضاع في معسكرات اللاجئين؟
الأسر السودانية تعيش في المعسكرات تحت ظروف صعبة واستثنائية، حيث المعاناة من شظف العيش، وتدهور في التعليم، وانعدام لأبسط مقومات الحياة، تسرُّب للأطفال من المدارس، ضعف التعليم، انعدام الصحة .
* كم عدد المعسكرات التي تضم لاجئين سودانيين في تشاد؟
هنالك عدد (13) معسكراً، يضم حوالي (250) ألف أسرة سودانية، هؤلاء من ست مناطق هي منطقة تينا، كورنوي، كورماي، كبكابية، كتم، وهنالك 7 معسكرات تضم لاجئين من مناطق غرب الجنينة، ومناطق أخرى من دارفور.
* منذ متى بدأتم النزوح؟
من 20 عاماً، منذ بداية الحرب في دارفور 2003م، غادرنا ديارنا مجبورين.
* ما فقدتموه بالوطن هل وجدتموه في دولة تشاد؟
وجدنا الأمن والأمان والاستقرار، ومعاملة طيبة من حكومة دولة تشاد، لكن فقدنا دعم المنظمات الأجنبية منذ خمسة أعوام.
* إذن كيف تحصلون على المعاش؟
معاشنا على الله.. رزق اليوم باليوم، وكبار السن والأطفال مازالوا يتلقوا الدعم من بعض المنظمات المحلية.
* وماذا بشأن الصحة والتعليم؟
الخدمات الصحية شبه معدومة، لاتوجد أمراض مزمنة، أو معدية، لكن هنالك سوء التغذية بالنسبة للأطفال.
* حدثينا عن قصة النزوح.. وليلة مغادرة الوطن؟
كان الوقت بين الظهر والعصر.. حوالي الثالثة في العام 2003م، خرجنا وأصوات الرصاص وهدير الانتنوف تتبعنا.
خرجنا من منطقة كرنوي، توجهنا غرباً، كنت أهرول، أحمل طفلاً في كتف وآخر في بطني (حامل سبع أشهر)، وأمسك بيدي 4 بنات واثنان من البنين، كنا نجري ونهرول، قطعنا مسافات طويلة فاجأني المخاض في منتصف الطريق، وخرج ابني باكراً يشهد على قسوة الإنسان لأخيه الإنسان في الحدود بين السودان وتشاد بلغ بي التعب استسلمت للإرهاق والمرض، وأشرقت علينا شمس يوم صعب خارج ديارنا، طفلي مازال يعاني نقص النمو والأمراض، بالرغم من معالجته بواسطة المنظمات.
* الآن عدتم إلى الديار؟
عدنا لأن حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، زار المعسكرات خلال زيارته أحسسنا بصدق النوايا ورغبة صادقة، وحكومة دارفور أعادتنا.
* ووضعتم ثقتكم في الحكومة؟
نحن مازلنا ضيوفاً في وطننا، صحيح حاكم إقليم دارفور استقبلنا وأكرمنا لكننا لن نعود حتى تتحقق المطالب الـ61 التي قيَّدناها في توصيات ورشة العودة الطوعية للاجئين والنازحين.
* السلام بعيون اللاجئين؟
نحن نؤمن وننادي بالسلام، ونؤيد السلام، ونرفض الحرب، ولكن نرفض العنف، خاصة العنف ضد المرأة.. ننشد السلام لدارفور حتى نعود إلى القرى، لأن أوضاع اللاجئين في معسكرات تشاد سيئة جداً بالرغم من أن حكومة تشاد قدَّمت ما تستطيع من دعم، إلا أن المعاناة موجودة.
* وبعد توقيع اتفاقية سلام جوبا، ماذا وجدتم؟
ما شفنا غير ضوء خافت..ولكن نتمنى أن يعم السلام، ربوع دارفور لنعود إلى بيوتنا، مساكننا.
* الإحساس بالأمان؟
زارتنا في المعسكرات..ولولاها ما كان حضرنا إلى السودان….ومتى ما وجدنا الأمان التام سوف نعود إلى بلدنا ونعمل بالزراعة. متفائلون بورشة العودة الطوعية إذا تحققت هذه التوصيات سوف نعود ونعمِّر ديارنا.
* كيف كان اللقاء مع الوطن؟
كنا خايفين الوطن والناس ما يتقبلونا بعد 20 سنة.. لكن الترحاب وسط الأهل استقبلونا بالدموع والضحكات.. أخذت من تراب الأرض شممت رائحة الوطن.. أنا في بلادي.
* كم شخصا جئتم ممثلين لورشة العودة؟
جئنا 11 امرأة، وعدد من الرجال.. سوف نعود ونبشِّر ببشريات قرب العودة وحلم الرجوع إلى الديار.. لأننا منذ 2018 نعيش في أوضاعاً قاسية ونبحث عن يد تمتد و(تطبطب علينا).. نحتاج إلى رائحة التراب وحضن الأهل.
* هل حدث انصهار وتزاوج مع دولة تشاد؟
لا، لم يحدث تداخل مع مواطني دولة تشاد.. لكن هنالك الاغتصابات مازالت موجودة والخوف مازال والقسوة والقهر، وجدنا التمييز.. مثلاً في حال المياه هم لازم يسقوا البهائم أولاً ثم يأتي دور المواطن السوداني اللاجئ.