صلاح الدين عووضة يكتب: الدين يسر!
بالمنطق
صلاح الدين عووضة
الدين يسر!
ولكنا نغلو فيه..
تماماً كما أهل الكتاب الذين حذرهم الله من الغلو في دينهم..
وعن رسولنا الكريم أن الدين يسر..
وما خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما… أوسطهما… أبسطهما… أسهلهما..
ولكن منا من يحب الغلو – والتشدد – في الدين..
والآن نحن مقبلون على شهر رمضان؛ وفيه غلوٌّ… وتشدد… ومبالغة..
كما فيه سوء فهم لبعض أركانه..
كما نسيء بعض أركان الحج؛ فنشطح… أو نبالغ… أو نتشدد..
فزيارة قبر حبيبنا المصطفى – على سبيل المثال – ليست من أركان الحج..
بيد أن منا من جعلها من أهم أركانه..
وقل أن يخلو مديحٌ نبوي من ربطٍ بين زيارة بيت الله وزيارة مثوى النبي الكريم..
ثم الإسهاب في مدح الثانية هذه إلى حد المبالغة..
كما أن منا من يفاخر بحجه لأكثر من مرة؛ أو أدائه العمرة لأكثر من مرة..
والمرة هذه قد تضحى مراتٍ ومرات؛ من باب التباهي..
بينما رسولنا الحبيب ذاته لم يحج – أو يعتمر – سوى مرة واحدة طوال حياته..
وأصلاً الحج فرضٌ لمن استطاع إليه سبيلا..
فإن لم يتيسر له السبيل هذا فلا حرج عليه؛ أما العمرة فإنها سنة..
والسنة يُؤجر فاعلها؛ ولا يُؤثم تاركها..
ولأن نبينا الكريم يحب اليسر خشي أن تُفرض علينا التراويح..
وهي أصلاً سنة… وليست فرضاً..
فكان يُؤديها – لوحده – في المسجد؛ فلما تجمع الناس خلفه صار يصليها ببيته..
وقال في ذلك: أخشى أن تُفرض عليكم..
ولكنا فرضناها على أنفسنا – من بعده – إلى حد أن منا من عظَّمها عن جهل..
وصار يظن أنها أهم من الصلوات المفروضة..
وكذلك المبالغة – والتشدد – في النهي عما لم ينه عنه رسولنا الحبيب أصلاً..
مثل التحذير من العطر… والسواك… وكثرة المضمضة..
إنه شيء مثل مبالغتنا – وتشددنا – عند الحديث عن عذاب القبر… وأهواله..
مع أنه ما من عذاب قبرٍ أصلاً..
فالروح حين تغادر الجسد لا تعود إليه إلا عند البعث؛ إلا يوم القيامة..
فكيف يشعر الجسد بالعذاب من غير روح؟..
ثم كيف نوفق بين هذا وبين قول القائلين وفقاً للقرءان: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا؟..
فمثل هذا التساؤل يعني أن صاحبه ما كان يحس ولا يشعر..
وأصلاً هو لا يحس – ولا يشعر – بالزمن..
تماماً كما النائم؛ وقد شبه رب العزة – في كتابه العزيز – الموت بالنوم..
ثم هنالك سوء فهمٍ شهير لأحد أركان الصوم هذا..
فمعلوم أن الله قد استثنى المرضى – والمسافرين – من الصيام..
ثم أشار بعد ذلك إلى الذين يطيقونه..
وسواء كانت كلمة يطيقونه هذه بمعنى النفي – أو التثبيت – فالأمر سيان..
وهؤلاء عليهم فدية طعام مسكين..
يعني من ليسوا هم مرضى – ولا على سفر – ولكنهم يطيقون الصوم؛ أو لا يطيقونه..
وهذا كلام الله وليس من عندي..
وهو كلام لا يحتمل الغلو… ولا التشدد… ولا المبالغة..
فيا أيها الناس:
الدين يسر!.