(5) ركائز مغربية للتصدي لخطر التطرف العنيف
(5) ركائز مغربية للتصدي لخطر التطرف العنيف
متابعات- الصيحة
اتخذت المملكة المغربية بشكل مبكر واحترافي وبصورة استباقية تدابير للتصدي لخطر التطرف العنيف، حيث وضعت نهجًا متعدد الأبعاد ومتكامل، والذي يعتبر محوره الأساسي هو الوقاية وذلك باحترام تام لسيادة القانون ومبادئ حقوق الإنسان. ويرتكز هذا النهج على خمس ركائز رئيسية وهي:
- الركيزة الدينية:
⁃مركزية إمارة المؤمنين : تعتمد سياسة إدارة الشؤون الدينية في المملكة على حقيقة أن رئيس الدولة، بصفته أمير المؤمنين، يتمتع بشرعية تستند إلى ممارسة السلطة على مدى 12 قرنًا. ويترتب على هذا المنصب وظيفة الحفاظ على الثوابت الدينية وحماية حرية ممارسة العبادة، على أساس مبادئ الإسلام السني المعتدل والمتسامح والمفتوح.
- الركيزة الأمنية والقانونية:
على المستوى الأمني، تعتمد الإستراتيجية التي وضعتها المملكة المغربية للوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بهدف القضاء على هذا الوباء الذي يهدد ليس فقط المغرب، ولكن الإقليم بأكمله، على الوقاية من الأعمال الخبيثة، واليقظة والمراقبة.
هذا النهج الاحترافي سمح بالتوقع والتصدي المسبق للهجمات الإرهابية المحتملة، وإحباط العديد من محاولات الاعتداء على الأمن والاستقرار في البلاد.
تم إعادة هيكلة الهندسة الأمنية الوطنية لتعزيز حوكمة الأمن في المملكة، وذلك تطبيقًا لأحكام الدستور الذي يكرس مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وفي هذا السياق، أنشئت المملكة المغربية المكتب المركزي للأبحاث القضائية في مارس 2015، والذي يتولى معالجة قضايا مكافحة الإرهاب بإشراف رئيس النيابة العامة. وتم إنشاء هذا المكتب نتيجة للتعاون بين وزارتي الداخلية والعدل، في إطار نهج شامل يشمل العديد من الخدمات الأمنية والقضائية.
تعكس بداية عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية الالتزام الدائم للمملكة بإعادة هيكلة وتطوير مؤسساتها الأمنية في إطار يضمن في الوقت نفسه احترام حقوق الإنسان وسكينة المواطنين.
استطاعت المملكة المغربية تقوية ترسانتها القانونية من خلال التعديلات التي تم إدخالها على القانون الجنائي، وخاصة بموجب القانون رقم 86.14 لعام 2015 الذي يكمّل ويعدّل القانون 03-03 لعام 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب.
- الركيزة الاجتماعية والاقتصادية:
تتمثّل الوقاية ومكافحة التطرف العنيف في المملكة المغربية أيضًا في تعزيز التنمية البشرية التضامنية، بهدف إنشاء شبكات اجتماعية قوية تعزّز مقاومة الفئات الضعيفة أمام التطرف وتحول دون إنشاء بيئات تتغذى عليها الإرهاب والتطرف العنيف. وتعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتعليم، وتوفير فرص العمل للشباب، والوصول إلى التكوين المهني، هي الرافعات الأساسية للركيزة الاجتماعية والاقتصادية.
- الركيزة المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون:
يُعَدُ الدستور المغربي لعام 2011، الذي يضم حوالي أربعين مادة تتعلق بحقوق الإنسان، ميثاقًا وطنيًا حقيقيًا لحقوق الإنسان. فقد دخل المغرب في مرحلة دستورية تسمح بتبني مبادئ الحماية والترويج لحقوق الإنسان على المستوى الوطني، من خلال تضمين العديد من المؤسسات والهيئات المختصة بحماية الحقوق والحريات الأساسية، والحكامة الجيدة، والتنمية البشرية المستدامة، والديمقراطية التشاركية، لاسيما:
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؛
- مؤسسة الوسيط
- المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان
- الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها
- مجلس الجالية المغربية بالخارج
- المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
- هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز
- المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
- هيئة الإنصاف والمصالحةالتي نفذت عملية العدالة الانتقالية
إن تأسيس هذه الآليات دستورياً هو عملية سياسية رئيسية تهدف إلى تعزيز الإطار المؤسساتي وتعزيز الهيكلية الوطنية لحقوق الإنسان.
- ركيزة التعاون الدولي:
يدرك المغرب تمامًا أن أي دولة لا تستطيع لوحدها التغلب على الإرهاب العنيف، ولذلك يعطي الأولوية للتعاون الدولي من خلال مختلف صوره وتفاعلاته بما في ذلك التعاون الثلاثي والتعاون شمال-جنوب والتعاون جنوب-جنوب.
يشارك المغرب، على المستويات الإقليمية والدولية، في نشر المساعي الحميدة والدروس المستفادة التي تم تطويرها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية في مكافحة التطرف العنيف.
نظمت المملكة المغربية بشكل مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية أول حوار سياسي حول مكافحة التطرف العنيف في جنيف في 4 دجنبر 2015، الذي جمع للمرة الأولى المجتمع الدبلوماسي في جنيف مع مؤسسات الفكر الدولية الناشطة في البحث حول التطرف العنيف.
يدرك المغرب، نظرًا لأهمية التعاون الدولي في مكافحة التطرف العنيف، أنه في مرحلة متقدمة من تطوير برنامج تعاون طموح مع شركائه في مختلف المجالات المتعلقة بمكافحة التطرف العنيف.
المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب: بصفته الرئيس المشارك للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وضع المغرب مع هولندا مذكرة لاهاي – مراكش بشأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتشكل هذه المذكرة أداة مهمة متاحة للدول وتجمع المساعي الحميدة التي تم تطويرها في إدارة المقاتلين الإرهابيين الأجانب. كما اتفقت المملكة والاتحاد الأوروبي على إطلاق مبادرة في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب حول “التعليم لمنع ومكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب”، والتي سيتم الإعلان عنها في شهر ماي2023.