ضم “عسكريين ومدنيين”.. اجتماع (بيت الضيافة).. انعاش (الإطاري)
ضم “عسكريين ومدنيين”.. اجتماع (بيت الضيافة).. انعاش (الإطاري)
تقرير- صبري جبور
خلال الفترة الماضية تباعدت الخطى بين العسكريين والمدنيين حول كيفية المضي قدماً بالاتفاق الإطاري الموقع بين الجيش وأطراف سياسية في الخامس من ديسمبر الماضي، لاسيما بعد تبادل التصريحات بين الطرفين، حول سير العملية السياسية الجارية، في وقت ترفض الكتلة الديموقراطية، وكيانات خارجها، الإطاري بشدة، ترى أنه لايصلح إلى إيجاد حلول ناجعة وشاملة للأزمة، الأمر الذي أدى إلى تعطيل العملية السياسية خلال الفترة الماضية، ولكن مساء الأربعاء توصلت القوى العسكرية والمدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، إلى اتفاق لانعقاد آلية سياسية لصياغة الاتفاق النهائي قريباً.. كان قد انعقد مساء الأربعاء، اجتماع موسع ببيت الضيافة ضم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو، بجانب أكثر من ثلاثين من ممثلي القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، بجانب سفراء وممثلي الآلية الثلاثية والمجموعة الرباعية والاتحاد الأوروبي.. وتيسِّر الآلية الثلاثية التي تضم بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد العملية السياسية بين العسكر والقوى المدنية، بدعم من المجموعة الرباعية التي تضم أمريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية.. في المقابل يرى خبراء ومختصون أن اجتماع بيت الضيافة سيمهِّد إلى خطوات عملية خلال الأيام القادمة بشأن الاتفاق النهائي الذي يفضي إلى تكوين حكومة مدنية ومؤسسات الانتقال الأخرى، بغية الوصول إلى مرحلة الانتخابات، فضلًا عن تحقيق الاستقرار السياسي بالبلاد وتحسن الوضع الاقتصادي الذي تدهور جراء ماتشهده الساحة من خلافات وصراعات، يرى من يفتعلونها مصالحهم مقدمة على مصلحة الوطن والمواطن، فيما يعتقد البعض أن الاجتماع سوف لن يفضي إلى نتائج.
صياغة مسودة
المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، قال:” إن الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري اتفقت على الدعوة لانعقاد آلية ثلاثية، تبدأ عملها بصورة عاجلة لصياغة مسودة الاتفاق النهائي”،وأشار إلى أن هذه الأطراف والآلية الثلاثية اتفقوا على الفراغ من عقد مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري قبل بداية شهر رمضان .. وأضاف عمر إن الاجتماع كلف اللجنة التنسيقية المشتركة مع الآلية الثلاثية، بصياغة جدول زمني للمهام المتبقية واستكمال النقاش فيها.
وأفاد بأن مهام اللجنة تحديد توقيت الاتفاق النهائي وتشكيل هياكل السُّلطة المدنية الانتقالية التي تنشأ على أساس الاتفاق..وتحدث خالد عن تأكيد موقعي الاتفاق الإطاري رغبتهم الأكيدة في الوصول إلى الاتفاق النهائي خلال وقت وجيز، لاستعادة الانتقال المدني وتجاوز التحديات التي تمر بها البلاد..وأضاف: “أمنت الأطراف العسكرية والمدنية على توافقها حول أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري، وعلى عزمها الأكيد على تجاوز النقاشات الفنية المتبقية في هذا الأمر”.
توافق سياسي
فيما قال المتحدث باسم ائتلاف الحرية والتغيير ياسرعرمان: إن التوافق الذي تم خلال الاجتماع على أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري وضع القوات المسلحة والدعم السريع في الاتجاه الصحيح الذي يخدم السودان ويقوم على قوة المنطق لا منطق القوة في إزالة أي تباين بين الأطراف،وأضاف في تغريدات على تويتر ” نحن نتجه نحو قطع الشوط الأخير من العملية السياسية التي تحتاج لمزيد من التفاف الشعب ووحدة قوى الثورة والتصدي لتخريب الفلول الذي سيزداد ضراوة”.
فرص نجاح
يرى المحلِّل السياسي الفاتح محجوب، إن اجتماع أطراف الاتفاق الإطاري من عسكريين ومدنيين بحضور الرباعية الدولية والثلاثية الدولية كان بمثابة محاولة انعاش للاتفاق الإطاري الذي ترنح وأوشك علي السقوط بسبب تعنت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في رفض انضمام الكتلة الديموقراطية للحرية والتغيير بقيادة جعفر الميرغني بشكل كامل،وقال محجوب في إفادة لـ(الصيحة): جاء اجتماع قصر الضيافة مشدِّدًا على دمج الدعم السريع في الجيش ومتجاوزاً لفكرة حصر العملية السياسية في أحزاب معينة وذلك بتكوين لجنة موسعة من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ومن الكتلة الديموقراطية للحرية والتغيير لدراسة كيفية إكمال العملية السياسية، وأضاف: ” إذاً نظرياً تبدو فرص نجاح اجتماع قصر الضيافة كبيرة لكن على أرض الواقع يكمن الشيطان في التفاصيل، وتابع: ” وهي للأسف الشديد شديدة التعقيد ويصعب الوفاء بأي مهلة زمنية في مواعيدها، ويؤكد الفاتح ” لكن أي تأخير لن يكون مشكلة كبيرة إن كانت الأطراف السياسية تحرز تقدماً معقولاً في سعيها لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية.
مهام جديدة
ويقول القيادي بالحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، محمد المعتصم حاكم، إن اجتماع العملية السياسية بالقصر الجمهوري لا جديد والانتخابات الديموقراطية هي الحل خاصة أن فولكر مازال يدير الحوار والاجتماعات وفق أجندته المعروفة والخاصة وبرغبة مفهومة سلفاً من المجلس المركزي للحرية والتغيير، فقد تم -أيضاً- تكليف فولكر بالأمس، أو خلال الاجتماع وآليته الثلاثية بصياغة المهام المتبقية للفترة الانتقالية وتحديد ميعاد الاتفاق النهائي، وأيضاً كلف بتشكيل هياكل السلطة المدنية الانتقالية والوصول للاتفاق النهائي قبل بداية شهر رمضان وذلك حتى تتجاوز البلاد كل التحديات التي تواجهها حسب ما ورد في بيان ختام اجتماع بيت الضيافة بالأربعاء، وقال حاكم: ” مازلنا نكرر باستمرار على أهمية إشراك كل القوى السياسية الفاعلة وحركات الكفاح المسلح ومنظمات المجتمع المدني والتي تمثل أكثر من 90 في المئة من الشعب السوداني في تلك العملية السياسية والاتفاق الإطاري دون أدنى أقصاه لأحد إلا للذين يواجهون اتهامات جنائية أمام القضاء السوداني، وأضاف: ” ما زالنا نؤيد وندعم ذلك الاتفاق الإطاري برغم تحفظاتنا عليه شكلاً ومضموناً، وتابع: ” لكن حرصنا على وحدة بلادنا وتماسك نسيجها الاجتماعي يحتم علينا قبوله تفادياً لأي خلافات أو صراعات سياسية أو عسكرية قد تقود البلاد إلى حروب أهلية جديدة قد تتسبب في تقسيم بلادنا إلى دويلات صغيرة في مواجهة الاستعمار الاقتصادي الجديد الذي برز بشدة بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
معالجة الأزمة
ونوَّه حاكم إلى أن من يحكم السودان فيما تبقى من الفترة الانتقالية لا خلاف عليه وحتى المهام والبرامج لن يكون حولها خلاف خاصة معالجة مسألة معاش الناس والتعجيل بعقد مؤتمر اقتصادي دولي بمشاركة الخبراء السودانيين من داخل السودان وخارجه لإيجاد حلول عاجلة وأخرى على المدى الطويل وصولاً لحل نهائي لتلك الأزمة المستفحلة والذي يهمنا في نهاية المطاف ويهم كل الشعب السوداني ولا يقبل المساومة أو المراوغة أن تجري الانتخابات البرلمانية بعد نهاية الفترة الانتقالية مباشرة والتي يجب أن تتراضي حولها كل القوى السياسية الفاعلة بمراقبة دولية بعد تكوين مفوضتي الأحزاب والانتخابات والتي بالضرورة ستجري بعد أقل من عامين ووقتها سيعود الجيش إلى ثكناته ليقوم بواجباته الوطنية معززاً مكرما بعد أن يتم تسليم السلطة الشرعية لحكومة ديموقراطية مدنية منتخبة من الشعب لينتهي بذلك عهد التمكين والتعيين وتكليفات السيد فولكر أو غيره إلى الأبد.. ويؤكد حاكم أن السودان وطن يسع الجميع، والآن في أمس الحاجة لنضع أيادينا فوق بعض من أجله ومن أجل شعبه الذي ما عاد يحتمل الصبر والانتظار أكثر من الذي مضى وبالتالي من المهم وحدة الصف الوطني والإجماع الشعبي قبل فوات الأوان .
تجاوز واضح
فيما عبّر قادة الكتلة الديموقراطية عن غضبهم من اللقاء الذي انعقد مساء الأربعاء، والذي ضم القوى المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، وقال قائد حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي على حسابه في تويتر: “طالعنا في الأسافير بيان ممهور بتوقيع الناطق الرسمي للعملية السياسية المبتورة، مفاده أن اجتماعاً مهماً انعقد برئاسة قائد الجيش والموقعين على الإطاري، واعتبر هذه الخطوة تؤكد تجاوز الأصوات المنادية بإصلاح العملية كما حذرنا سابقاً، وأضاف ” هذه العملية المبتورة لن تقود إلى استقرار مهما ادعت غير ذلك”.
إعلاء مصلحة السودان
في السياق ناشد سفير خادم الحرمين الشريفين بالسودان، السفير علي بن حسن جعفر، جميع الأطراف السودانية، الموقعة وغير الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، على ضرورة تجاوز الخلافات، والإجماع على كلمة سواءً من أجل السودان وشعبه، والمشاركة في صياغة مسودة الاتفاق السياسي النهائي، والانخراط في الآلية السياسية، التي ستبدأ مطلع الأسبوع القادم.
وقال السفير، لـ(السُّوداني) عقب اجتماع بيت الضيافة الذي عُقد الأربعاء: “يجب إِعلاء مصلحة السودان على كل شيء آخر، والتوافق من قبل جميع الأطراف السياسية في البلاد، فالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية الراهنة في السودان، تقضي بأن يلتف الجميع حول العملية السياسية”.وأضاف السفير: “أعتقد أن المسافة الآن بين جميع الأطراف صارت قريبة جداً، ولمست فيهم الروح الوطنية العالية وحب السودان، وأتمنى أن يترجم ذلك في إجماع وطني عريض، ليعبر السودان إلى الأمام ويتجاوز تعقيدات هذه المرحلة الحساسة”.
وأكد بن حسن جعفر، دعم بلاده لكل جهود التوافق والتصالح بين الأطراف السياسية في السودان، وشدَّد بأن المملكة لن تتأخّر عن دعم السودان الشقيق.