الاستصحـــــــاءُ سُـــــــــــنّةٌ
الاستسقاء: طلب السقيا ونزول المطر
والاستصحاء: طلب الصحو وانجلاء الشمس وذهاب الغُيُوم
الاستسقاء يكون بدعاء الخطيب يوم الجمعة من على المنبر، وبالصلاة المعروفة بصفتها وصفة الخُرُوج إليها وقلب الرداء والدعاء وغير ذلك مِمّا ثبت في صفتها وسننها.
والاستصحاء سنة ثابتة في هدي النبي عليه الصلاة والسلام ويكون بالدعاء فقط فلم تشرع له صلاة مَخصُوصَة كالاستسقاء وإنّما الدعاء فقط.
دليل هذه السنة هذا الحديث النبوي العظيم إذ دعا النبي عليه الصلاة والسلام مِن على المنبر يوم الجمعة:
عن شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وُجَاهَ الْمِنْبَرِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْه، فَقَالَ :اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا قَالَ أَنَسٌ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلاَ قَزَعَةً وَلاَ شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ، وَلاَ دَارٍ قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ قَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا ثمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ قَالَ فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ.
قَالَ شَرِيكٌ فَسَأَلْتُ أَنَسًا أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ قَالَ: لاَ أَدْرِي. متفق عليه رواه البخاري ومسلم.
فيسن لمن كانوا يتضرّرون من نُزُول الأمطار أن يهتدوا بهدي النبي محمد عليه الصلاة والسلام ويدعون بأن يجعلها الله تعالى حواليهم ولا عليهم، وأن ينزلها على بُطون الأودية ومنابت الشجر …
قال ابن عبد البر المالكي في الاستذكار: (وفي الحديث أيضاً ما يدل على الدعاء في الاستصحاء عند نوال الغيث كما يستسقى عند احتباسه، وينبغي لمن استصحا أن لا يدعو في رفع الغيث جُملةً ولكن اقتداءً بالنبي عليه السلام وما أدب به أمته في ذلك بقوله اللهم حوالينا ولا علينا ثُمّ بين ذلك بقوله منابت الشجر وبطون الأودية يعني حيث لا يخشى هدم بيت ولا هلاك حيوان ولا نبات).
فليحيي هذه السنة.. من تضرّروا بنزول الأمطار وغمرت السيول والأمطار بيوتهم أو حاصرتها.. وكل من يَحصل لهم الضرر بنزول الأمطار، ولا حَرَجَ في ذلك بدعاء الله تعالى أن يجعلها حواليهم ولا عليهم .
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم رحمتك يا رحمن يا رحيم بكل من مَسّه الضر في هذه الأيام بسبب السُّيول والأمطار.. اللهم كن في عونهم يا قوي يا عزيز.