محمد طلب يكتب: عصفور الحرية
أسعدني جداً أن تأتي ابنتي من المدرسة نهار اليوم بكتاب جميل وملون من مكتبة المدرسة وتقول لي (هيا نقرأ)….
مما بعث السرور في نفسي وأراح وأزاح بعضاً من أوجاعي…. ومبعث سروري هنا هو (هيا نقرأ) هذه او تعال اقرأ معاي يا أبوي كما قالتها نصاً ابنتي الحبيبة….
أن تأتي هذه الجملة من طفلة لم تكمل الصف الأول فهذا أمر ممتاز جداً ويعني أن هناك اهتماماً من القائمين على أمر المدرسة من معلمين وإدارة وداعمين من أهلنا الأكارم (مدرسة حكومية)
لفت نظري الكتاب الملون وصوره الجميلة وعنوانه الرائع (عصفور الحرية)
لكن بصعوبة بالغة استطعت أن اجعل ابنتي تقرأ كلمات الصفحة الأولى المتلاصقة والكثيرة في أوراقه الصغيرة بحجم A5 أو أقل من ذلك…
اطلعت على الكتاب لوحدي بسرعة فوجدته يطرح موضوعاً مهماً في شكل قصة وأذكر أننا تعرضنا لهذا الأمر ونحن بالصف الثالث الابتدائي في كلمات موجزات في شكل مختلف وهو نشيد بلحن جميل مازلت أحفط كلماته وظلت فكرته راسخة بالقلب والعقل إلى اليوم…
قد كان عندي طائرٌ * * في قفصٍ من خشب
ظريف شكلٍ ريشه * * حلو طويل الذنب
ولم أكن أمنعه * * من مأكلٍ أو مشرب
وهو يغني دائماً * * بصوته المحبب
ففر عني ومضى * * من دونِ أدنى سببِ
وقال لي حريتي * * لا تشترى بالذهبِ
ما هذا الجمال.. القضية التي ترهقنا الآن تمت معالجتها على لسان عصفور ضعيف ودرسناها في الصف الثالث ابتدائي… الفرق هنا أن الكتاب وموضوعه لا يتناسب مع ابنتي الصغيرة بالصف الأول التي لم تكمل الحروف الهجائية بعد بينما في زماننا ومناهج بخت الرضا المميزة تدرجنا لقضية (الحرية) بعد وصولنا الصف الثالث بعد أن تشبعنا مع الأصدقاء (بدر وأمل) و(هند ونصر) بدروس الوطنية والعمل والأمل.
الفائدة التي جنيتها من أمر الكتاب الملون الجميل (عصفور الحرية) هي (هيا نقرأ) فهذا في حد ذاته أمر مهم بغض النظر عما سواه
وعندي بعض الملاحظات كولي أمر وغير متخصص في أمر التربية والتعليم لكن يهمني جداً مستقبل ابنتي وجيلها ووطني الجريح
أولاً
كتب الصف الأول يجب أن تكون على الأقل في حجم (A4) فما فوق سواء كانت كتباً مدرسية أو مكتبة
تانياً
كما ان الخط يجب ان يكون كبيراً و واضحاً علي خلفية بيضاء ولا تكون الرسومات خلفية للكتابة… وكل ذلك كان موجوداً في (كتابي الاول) و(كتابي الثاني) لو تذكرون
ثالثاً
التعبير بكلمات بسيطة وقلييلة العدد ومفهومة المضامين وتحمل قضية ورسالة… مثلاً من خمسة كلمات تعلمنا مفهوم قضية كبيرة مثل قضية الوطن والوطنية
أنا ولد
وانت بنت
انا ولد البلد
وانت بنت البلد
والبلد بلد البنت والولد
وتلتها دروس عن (العٓلٓم) و(العمل) و(الأمل) و(العِلم)
فمثل هذا الدرس على قلة كلماته وحروفه الا انه يحمل اكثر من قضية ورسالة سهلة القراءة والكتابة والفهم الذي يتطور لاحقاً في الدروس التالية والسنوات القادمة ومن هنا تبدأ دروس الوطنية واهتمام التلميذ بالاخلاق والمبادئ والوطن
ولقد نجح (التنظيم) الذي حكم 30 سنة في تدمير كل ذلك عن قصد وبطريقة ممنهجة والنتيجة كما ترون الآن… ليتني أعود طفلاً كي اهتف مع الأصدقاء (بدر وأمل) في درس الوطن الأول الذي درسناه بالصف الاول والخلفية علم السودان والكتابة علي لونه الابيض
الوطن
يا وطن الاب
يا وطن الام
يا وطن الاهل
يا ارض الخير
يا اعظم ارض
هتف بدر
العمل العمل العمل
وهتفت امل
العمل العمل العمل
انا طفل اليوم
وبطل الغد
حقيقة لم نكن بحاجة للهوس الجهادي و(في حماك ربنا وفي سبيل ديننا لا يروعنا الفناء) طالما أن (نشيد العلم) اختصر ورتب وسلسل الأولويات باختصار وكلمات بسيطة ودون (هياج) بقول لا يحتاج لزيادة (نحن جند الله جند الوطن) وهل هناك وضوح أكثر من هذه الكلمات للاسف ما زالت بعض المدارس تمارس هراء (لا يروعنا الفناء) والشعارات الخاوية….
أخيراً وصيتي لمن تؤول إليه أمور حكم البلاد التعليم التعليم… التعليم… التعليم.
سلام