الحلو إلى القاهرة.. عمَّ يبحث؟
الحلو إلى القاهرة.. عمَّ يبحث؟
تقرير- مريم أبشر
يعتزم رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو وقادة من الحركة، زيارة العاصمة المصرية القاهرة يوم 20 مارس الجاري، وذلك لترويج الإعلان السياسي الموقع مع الكتلة الديمقراطية.
وفي 23 فبراير الفائت، حيث وقع الحلو ورئيس ائتلاف الكتلة الديمقراطية جعفر الميرغني، إعلانًا سياسيًا، اعتبر فترة الانتقال منصة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة.
وقال رئيس الحركة في مناطق سيطرة الحكومة محمد يوسف المصطفى، بحسب “سودان تربيون”، إنّ الحلو يعتزم زيارة القاهرة يوم 20 مارس، بدعوة من جعفر الميرغني، للتبشير بالإعلان السياسي ووضعه في برنامج حول المبادئ فوق الدستورية.
وأشار إلى أنّ قائد الحركة سيزور بعد مصر عدة دول، وهي: إثيوبيا، كينيا، تشاد، أوغندا، تنزانيا، نيجيريا وبعض الدول العربية.
وقال يوسف إن الغرض من هذه الزيارات تنوير الدول والشعوب بموقف الحركة التفاوضي خاصّةً في مسائل فصل الدين عن الدولة والوحدة الطوعية والهويات التعدُّدية للدولة السودانية وإصلاح الجيش.
وتأتي زيارة الحلو للقارة وما سبقها من توقيع له للإعلان السياسي مع الكتلة الديمقراطية وفق قيادات في الحرية والتغيير، بهدف قطع الطريق أمام الاتفاق الإطاري الذي يُحظى حتى الآن بالاهتمام الإقليمي والدولي. كما يرى آخرون أن دعوة رئيس الكتلة للحلو لزيارة القاهرة تشير لسعي الكتلة كسب جانب رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» بقيادة عبد العزيز الحلو، وكذلك «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد نور، باعتبارهما أكبر حركتين مسلحتين خارج اتفاق جوبا.
فيما يرى آخرون في توقيع الحلو وميله للكتلة مُحاولة لإرباك المشهد السياسي المُعقّد أصلاً في البلاد، نظراً لتبادل المواقف وتمسُّك كل طرف برأيه. وكان نجل زعيم حزب الأمة التقى في جوبا مؤخراً بالقائد عبد العزيز الحلو وخرج اللقاء بتفاهمات قال الحلو يجب أن يتم التوافق عليها قبل الدخول في أي تفاوض، أهمها وقف استغلال الدين في السياسة وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وتكوين جيش مهني موحد، وتعزيز التنوع الثقافي، وبناء هوية وطنية سُودانية، واقتسام الثروة بشكل عادل غير مركزي، وتحقيق العدالة، وإعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وإنهاء تمكين نظام الإسلاميين وتفكيكه، وتحقيق السّلام الشامل والعادل والمستدام.
لا اختلاف
بعض المراقبين يرى في الرؤى التي يطرحها القائد عبد العزيز الحلو أنها تكاد تكون متطابقة مع حمله الاتفاق الإطاري من بنود الاتفاق الإطاري. وقالت الحركة الشعبية شمال حسب تصريح لنائب رئيس الحركة “للشرق الأوسط” «نتفاوض مع كل القوى السياسية للتوافق على القضايا التي تسهِّل التفاوض. فإذا أتت حكومة جديدة فسيكون التفاوض معها سلساً في حال اتفقنا على القضايا الرئيسية». وعما إن كانت الحركة ستنحاز لأيٍّ من التحالفات القائمة، قال المصطفى إنهم ينظرون إلى مُبادرات هذه التحالفات، وليس إلى صراعها على السلطة في الخرطوم.
ويرى أن «هذه العملية رغم أهميتها لا نعتبرها أولوية للشعب السوداني في المرحلة الانتقالية، بل في نظرنا الأولويات تتمثل في التوافق على أساسيات البناء الوطني، ولا يهمنا من يجلس على كرسي الحكم إذا اتفقنا عليها»، مضيفاً: «لن ندخل في أيٍّ من التحالفات القائمة، ولن نكون طرفاً في الصراعات على السُّلطة، ولن نشارك في اتفاق إطاري أو غير إطاري. إذا تكونت حكومة فسنتفاوض معها على القضايا الجذرية».
الاتجاه الماضي
من ناحيتها، اعتبرت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري أن خطوات الإطاري تمضي بخطى ثابتة، وانه هو الاتفاق الوحيد الذي يمضي وبمساندة إقليمية ودولية. واعتبر الأستاذ المحامي آدم جريجير القيادي بحزب الأمة وقوى الإطاري أن هنالك جهات تعمل على فرملة الإطاري وقطع الطريق أمامه، لافتاً في تصريح لـ”الصيحة” أن الإطاري على المشارف وبانتهاء الورش الخاصة بالعدالة الانتقالية تكون معظم الملفات الخلافية تم بعثها باستثناء ملف الترتيبات الأمنية الذي كان يشكل عقبة حقيقية أمام خطوات الإطاري بسبب الخلاف بين القائد العام للجيش، وقائد قوات الدعم السريع، ولفت الى أن موقف حميدتي المتشدد مبني على أن قائد الجيش أعاد بعد انقلاب ٢٥ من أكتوبر العام قبل الماضي كل القيادات المحسوبة على النظام المعزول من دفاع شعبي وكتائب ظل وغيره للجيش، غير أن الاجتماع الذي عقد بين الرجلين خلال اليومين الماضيين بواسطة من قوى الإطاري حسم الخلاف، حيث تم التأمين على تشكيل لجنة أمنية لمعالجة التحفظات ومراجعتها، كما يرى جريجير في اجتماع رئيس حزب الأمة القومي مع بعض قوى الكتلة بمنزل حاكم دارفور لن يكون مؤثراً على موقف حزب الأمة المهندس للاتفاق الإطاري، مضيفاً أن ناصر ظل لا يرفض اي دعوة من شأنها توحيد القوى السياسية، لكنه لم يخفِ وجود عناصر أسماها بالمشاترة داخل حزب الأمة، الحرية المتاحة داخل الحزب التي لا تؤثر على الموقف الرسمي له من قضايا الوطن.
رُب ضارة نافعة
بعض المراقبين اعتبر ما جرى بين القائد عبد العزيز الحلو رئيس الكتلة الديمقراطية من تواصل ودعوة لزيارة القاهرة بالحراك الطبيعي. وبحسب الخبير الدبلوماسي جمال محمد إبراهيم، فإن الخلاف الذي جرى بين قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع أسهم إلى حد كبير في حدوث تقارب بين القوى السياسية بشتى توجُّهاتها، وأشار إلى أن المراقب يرى أن بعض القوى السياسية بدأت الخلافات التي تحدث بينها آخذة في الذوبان، ويضيف: لا أرى خطورة في التلاقي، لافتاً إلى أن الإعلان السياسي الذي وقّعه الحلو مع الكتلة الديمقراطية لا يبتعد كثيراً عن الاتفاق الإطاري.
هؤلاء هم المستقبل
ويشير إلى أن أي تحالفات مستهدفة الفترة الحالية أو المستقبل للسودان من قبل القوى التقليدية، فإن شباب الثورة تجاوزوها تماماً، واشار إلى ان السودان على أعتاب مرحلة جديدة.
ربما ولكن
وحول ما يُثار عن أن القاهرة وراء محاولة عرقلة الاطاري، قال الخبير الدبلوماسي جمال محمد إبراهيم: يجب أن لا نعطي مصر أكثر من اللازم، وأشار إلى أن الزيارة التي قام بها ستة مبعوثين من دول الترويكا مارست ضغوطا كبيرة على القوى السياسية باتجاه تحقيق خطوات إيجابية في الاتفاق الإطاري، وجدد التأكيد على أن خلاف البرهان وحميدتي أسهم بشكل كبير في التقارب بين القوى السياسية وضرورة المُضِي نحو الأمام.