بعد أن توطَّدت مع الرياض: الخرطوم طهران.. هل صار الباب مفتوحاً لعودة العلاقات؟
بعد أن توطَّدت مع الرياض: الخرطوم طهران.. هل صار الباب مفتوحاً لعودة العلاقات؟
تقرير- فرح أمبدة
يرتِّب السودان، لاستعادة علاقاته الديبلوماسية مع إيران، بعد قطيعة دامت ست سنوات، جعلت من البلدين بعيدين عن بعضهما البعض فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، فضلاً عن تصفير التبادل التجاري والاستثماري بينهما، فقد فتحت – على ما يبدو – عودة العلاقة الديبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، الباب على مصراعيه للعديد من دول المنطقة التي دخلت في تحالفات مع العاصمة الغنية الرياض، لاستعادة روابطها مع طهران، أمس، توقع مصدر دبلوماسي عليم تحدث لـ(الصيحة) عن أن السودان وإيران بصدد إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وقد يتم ذلك في وقت قريب، قطع السودان علاقاته مع إيران كان مكان تندُّر في العام 2016م، لجهة أن غالب دول الخليج وبعضها لها نزاعات حدودية لم تقطع علاقاتها مع إيران حتى حينما كانت الحرب مع اليمن في أوجها فيما فعلت الخرطوم.
تدخل في الشأن العربي
قبل ست سنوات، وتحديداً في يناير من العام 2016م، أعلنت الخرطوم بشكلٍ مفاجئ وبدون مبرِّر مقبول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، مناصرة للمملكة العربية السعودية، وقتها أعلنت حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، أن قرارها جاء بسبب استمرار التدخلات الإيرانية بالشؤون الداخلية للدول العربية، ورداً على اقتحام محتجين إيرانيين مباني السفارة السعودية في طهران وقنصلتاه في مدينة مشهد.
كان خاطئاً
المصدر الدبلوماسي الذي تحدَّث لـ(الصيحة)، اعترف بأن قرار قطع العلاقات مع طهران في العام 2016م، كان قراراً خاطئاً ولم يراعِ مصالح السودان “كان قراراً متسِّرعاً تم دون استشارة الجهة الفنية وهي وزارة الخارجية، مشيراً إلى أنه صدر لاعتبارات العلاقة مع المملكة العربية السعودية “خاصةً وأن دول خليجية أقرب إلى السعودية من السودان احتفظت بعلاقتها مع طهران”.
انتفاء الأسباب
الدبلوماسي السوداني أكد انتفاء الأسباب التي كانت وراء قرار قطع العلاقات بعد أن أعادت المملكة العربية السعودية علاقاتها مع إيران، وصار الطريق أمام عود العلاقات بين البلدين سالكاً، مشيراً إلى أن معظم دول الخليج العربي ظلّت على علاقة طيبة مع إيران على الرغم مِمّا يُثار حول علاقة طهران مع الحوثيين في اليمن، منبِّهاً إلى أنّ الإمارات العربية المتحدة مثلاً لم تقطع علاقتها مع طهران برغم أن الأخيرة تحتل أراضي إماراتية وهي جزر طنب وأبو موسى الصغري والكبرى.
ونشير هنا إلى أن السعودية وإيران أعلنا قبل يومين عودة المياه بينهما إلى مجاريها، بعد أن اتفقتا على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين، عقب مباحثات جرت في الصين مع الرئيس شي جين بينغ، برغبة من طهران والرياض في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية.
القراءة الخاطئة
انتهت حقبة الرئيس المخلوع، عمر البشير، في أبريل من العام 2019، ومع ذلك لم تفكر الديبلوماسية السودانية في تصحيح مسار علاقات البلاد الخارجية، خاصة مع دولة مهمة مثل إيران، في هذا الصدد، يقول الباحث والأستاذ الجامعي الدكتور أحمد سمي جدو، لـ(الصيحة): النخب السياسية السودانية ظلت لعقود لديها مشكلة تتمثل في فن قراءات الفضاء الدولي، من يديرون الملفات الآن ليسوا استثاءً ولا أظن أن لديهم الأفق السياسي القادر على قراءة المشهد السياسي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بصورة عقلانية وموضوعية، لإبراز موقف السودان من التطورات السياسية الدائرة الآن بين أمريكا وروسيا من جهة الاقتراب الروسي الإيراني من الجهة الأخرى، ويتساءل: كيف للسودان أن يتبني موقفاً محدداً في الوقت الراهن، لأن قرب إيران من روسيا يبعد إمكانية أن يكون السودان قادراً على التوفيق بين الاستمرار في علاقته مع إسرائيل عدو إيران الأول وبين موقف السودان من أمريكا الداعمة لإسرائيل وتبغض إيران وتتربص بها الدوائر من الناحية الأخرى.
مصلحة السودان
سمي جدو لا يختلف عن غيره وهو يعلق على أن القرار من أساسه كان خاطئاً ولم يراعِ مصلحة السودان، وأن تصحيحه صار ضرورياً رغم التعقيدات التي تشوب الوضع السياسي الراهن في السودان من جهة وعلاقاته المتداخلة مع إسرائيل وأمريكا من جهة ثانية.
تاريخياً ومنذ العام 1954 ظلت العلاقات بين طهران والخرطوم تسير سيراً طبيعياً باستثناء حقبة الثمانينيات التي أيد فيها السودان العراق في حربه ضد إيران، وبالطبع في السنوات الأخيرة، تقول الباحثة والاستاذة بجامعة النيلين، لبابة على منير، في بحث نشر في دورية الدراسات العليا، إن العلاقات السودانية الإيرانية على مدى تاريخها كانت متينة في شقها السياسي، ولكنها هشة في بعدها الاقتصادي والثقافي وفي وقت ما، كانت هنالك جوانب كثيرة في العلاقة بين دول الخليج والسودان ساءت كثيراً في الآونة الأخيرة نتيجة لوجود علاقة خاصة بين إيران والسودان، وترى أن التحدي الأن هو كيف يمكن للسودان أن يتعامل مع الجانبين بالصورة الصحيحة.
العام الفاصل
بشكل رسمي بدأت العلاقات بين البلدين في العام 1974م، عندما افتتح السودان سفارة في طهران، في ظل تلاقي النظامين إيران الشاه، وسودان النميري، حيث الدوران في الفلك الأمريكي غير أن العلاقات بين الدولتين انحسرت إثر الثورة الإيرانية عام 1979م، وتأييد السودان للعراق في حربه ضد إيران، ثم أخذ منحنى العلاقة في التصاعد في عهد الصادق المهدي، ليصل إلى مستوى التحالف الاستراتيجي في ظل نظام الإنقاذ الوطني، الذي يحكم السودان منذ عام، ويعود التقارب بين الدولتين – حسبما ما يقول الكاتب السوري سأعود جمال سأعود من مركز الدراسات السيوية والصينية – إلى عوامل عديدة، أهمها التوجه الإسلامي المشترك، ووقوفهما ضد الضغوط الأمريكية الغربية ووقوعهما في دائرة الاستهداف الغربي 1989، وحسب قوله فإن العام 2016م كان فاصلاً، عندما انضمّ السودان لدول التحالف الخليجي ضد الحوثيين شعر نظام الحكم أن علاقة السودان مع إيران أفقده دول الخليج أو كاد الأمر الذي شكّل ضغطاً سياسياً واقتصادياً عليه، لذلك جاء قرار طرد السفير الإيراني في الخرطوم، وإعلان الخارجية السودانية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران تضامناً مع السعودية، في مواجهة ما سمّتها “المخططات الإيرانية” في المنطقة.
الآن وحسب الدبلوماسي الذي تحدث لـ(الصيحة) لم يعد هناك سبباً لإبقاء القطيعة التي دامت لست سنوات “هذا رأي كل الدبلوماسيين السودانيين. إيران دولة مهمة وعلاقات السودان معها تاريخية ولابد من عودة العلاقات الدبلوماسية معها إلى مسارها الصحيح”.