بالمنطق
صلاح الدين عووضة
أبرمها!
كان خجولاً..
سيما إزاء النساء..
لم يدخل في علاقة مع الجنس الآخر إلى أن بلغ الأربعين من عمره..
عشقنه كثيرات بسبب جميل صفاته… وملامحه..
ولكن حاجز الخجل حال دون تجاوبه معهن..
وكان لابد أن تحين لحظة المواجهة مهما طال الزمن… والعمر؛ وقد حدث..
وكانت ليلة زفافه إلى من وقع عليها اختيار أمه وشقيقاته..
فنصحه أصدقاؤه بأن (يعب) إذا أراد أن ينجح..
وفعل- في الليلة الأولى- رغم إنه لم (يعب) من قبل في حياته أبداً..
ولم تشهد الليلة سوى (إرجاعه) ما شرب… ومعه ما أكل..
ونصحوه بأن يعيد الكرة في الليلة الثانية..
فكانت النتيجة (سلبية) كما الليلة الفائتة… ولكن دونما (إرجاع)..
وفي الليلة الثالثة نجح… فابتهج أصحابه..
وسألوه إن كان قد (عباها) فقال لهم (بل برمتها)..
وذلك عملاً بنصيحة أحد أصدقائه هؤلاء وهو يهمس في أذنه (أبرمها)..
وكانت أول (برمة) له في حياته أيضاً..
وهذه الحكاية من قلب مأساة الواقع تُضاف إليها أُخر (حتى تكتمل الصورة)..
صورة تفشي الممنوعات ذات (الصورة) الزاهية..
سواء عبر الترويج لها عينياً- بحاويات المخدرات- أو فكرياً..
فنحن نعلي من شأنها بكامل قوانا العقلية..
أو بالأصح؛ قوانا اللا عقلية..
ننسب نكاتنا إلى (المساطيل) ونضحك- بلا وعي- على أنفسنا..
وكأنّهم وحدهم من يملكون القدرة على الإضحاك..
وكأن براءة اختراع النكات لا يستحقها إلا الذين هم من جماعتهم..
وكأن النكتة لا تكون ذات تأثير إلا إذا اقترنت بهم..
ثم نساهم- عن جهل- بربط الإبداع بالمخدرات… وعلى رأسها الحشيش..
فالمطرب الفلاني صوته رخيم بسبب الحشيش..
والممثل الفلتكاني يبدع تمثيلاً – مجنوناً – جراء الحشيش..
والكاتب العلاني- نعم حتى الكتاب – يخط كلاماً عجيباً تحت تأثير الحشيش..
وكاتب هذه السطور لحقه أيضاً طرف سوط الحشيش..
فقد أقسم أحدهم أنه رآه – ذات مساء – يجلس على شاطئ أبي روف..
وكان (يبرمها) مع زميله الفاتح جبرا..
وجزم آخر – على ذكر حي أبي روف هذا – أن له زوجة هناك..
وقد يكون تزوجها وهو (مغيب) بفعل الحشيش..
فلما رجع إليه وعيه اكتشف أنها قد (ضاعت منه)..
ومن ثم فمن يعثر عليها الرجاء الاتصال بصاحب هذه الزاوية..
أو التبليغ لدى أقرب مركز شرطة..
أما أبرز أوصافها – بلا شك – أنها مختلة العقل..
وما نود أن نخلص إليه هو حاجتنا إلى (خارطة طريق) تنقذنا من المخدرات..
سيما ما يُسمى (الآيس) الذي انتشر بين الشباب هذه الأيام..
وأهم معالم هذه الخارطة محاربة ظاهرة (الحاويات)..
ومحاربة الترويج لبضاعتها تحت واجهة (طرائف المساطيل)..
ومحاربة (خدعة) ربْطها بأوجه الإبداع كافة..
ومحاربة تصويرها (كمفتاح سحري)… لكل أبواب العوالم السحرية..
ومنها عالم ليلة الزفاف..
وأبواب النجاح إنما سرها في مفتاحٍ اسمه الوعي..
وليس (أبرمها)!.