من جزيرة توتي.. “ماما إقبال” امرأة بقامة دولة
من جزيرة توتي.. “ماما إقبال” امرأة بقامة دولة
الخرطوم- الصيحة
إقبال محمد عباس معروفة وسط الناس، باسم ماما إقبال هي رمز في جزيرة توتي، ولدت وترعرعت في هذه الجزيرة، ابتدعت مع أُخريات، فكرة غاية في الإدهاش لمحاربة ختان الإناث، لكنها كانت الأكثر إصراراً لتنفيذ الفكرة وهي ببساطة تعبئة (الحبوبات) لتشكيل لجنة (حبوبات حماية البنات) من ختان الإناث بهدف تثقيف المجتمع حول مخاطر هذه العادة، هل كان الطريق ممهداً لنجاح الفكرة، خاصة وان سياج الحماية يبدأ بالحبوبات والى أي مدى نجحت.. فلنسمتع الى ماما إقبال وهي تجيب على الاسئلة التي طرحت لها من قبل الصحفيات من مكتب اليونسيف مها جعفر وريم عباس.
كيف بدأت الجمعية العمل على مناهضة ختان الإناث؟
بدأت مبادرة محاربة ختان الإناث كمبادرة مجتمعية وكجمعية تبنيناها. في عام 2006، بدأنا العمل مع روضة أطفال توتي الحديثة، وكان لديهم في ذلك الوقت 34 فتاة مسجلة. كان تركيزنا على التأكد من أنه في يوم تخرجهن من الروضة، سوف تتعهد أسرهن بعدم إخضاعهن لختان الإناث. بعد عام واحد من ورش العمل المكثفة مع عائلاتهن، نجحنا. في يوم التخرج، كانت والدة وجدة كل فتاة معها على المسرح وقد قدمن هذا التعهد القوي حتى إنهن وقّعن بأسمائهن لإظهار التزامهن.
كيف اكتشفتِ أعداد النساء المتضررات من ختان الإناث في توتي؟
واصلنا العمل مع المجتمع، وفي عام 2009 أجرينا مسحاً ميدانياً بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان لمعرفة عدد النساء والفتيات اللاتي تعرضن لختان الإناث. ذهبنا إلى كل منزل في توتي. وكانت النتيجة أنّ 64 في المائة من النساء والفتيات في الجزيرة تعرضن لختان الإناث.
كيف تمكنت من إنشاء لجنة حماية الفتيات بقيادة الجدات؟
التقينا بالجدات خلال المسح. وجدنا أن هناك 18 جدة ضد هذه الممارسة مناهضات لختان الإناث ولم يُخضعن بناتهن أو حفيداتهن لهذه الممارسة، لكنهن لم يتحدثن عن ذلك علناً. وقُمنا بإقناعهن بالانضمام إلينا في احدى الفعاليات في اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقاً إزاء تشويه الأعضاء التناسيلة للإناث للإعلان عن موقفهن. أردنا رفع هذه الوصمة عن المجتمع. وقد كافأنهن واحتفلنا بهن خلال هذا الفعالية. أطلقنا عليهن اسم لجنة الجدات لحماية البنات. قدنا جلسات القهوة التي نظمناها في الجزيرة بشأن ختان الإناث.
ما هي جلسات القهوة؟
تُعقد جلسات القهوة في منازل حول الأحياء الخمسة في جزيرة توتي وهي محادثات نجريها حول القضايا التي تهم المجتمع. ركّزنا المناقشات على ختان الإناث وضمّت التجمُّعات الشباب والأمهات والأطباء والممرضات وغيرهم. وقمنا أيضاً بتعميم الحوارات بين الأجيال لضمان أن تكون هذه الحملة مُستدامة وملهمة للمجموعات المختلفة. وخرجنا من ذلك بمجموعة الشباب لمحاربة ختان الإناث وهي شبكة من الشباب والشابات الذين عارضوا هذه الممارسة وبدأوا في عقد ورش عمل وتجمعات مع شباب آخرين داخل توتي. ساعدنا ذلك في تشكيل لجان حماية صغيرة عملت على المستوى الشعبي. عندما يسمع أحد الشباب عن الختان القادم لفتاة في الحي الذي يقيمون فيه، كنا ننظم تجمع القهوة في منزل هذه العائلة ونحضر أشخاصاً مختلفين لإقناع الأسرة بترك هذا الأمر. نستخدم قادة الدين والأطباء والأمهات وأي شخص يمكنه المساعدة. نتدخل عندما نستطيع.
هل أجريت استطلاعات أخرى بعد ذلك لقياس تأثير عملك؟
نعم، أجرينا مسحاً في عام 2014 وانخفضت النسبة إلى 32% وفي عام 2018 أجرينا مسحاً آخر. وكان عام 2018 هو أيضاً العام الذي انتهت فيه الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ختان الإناث التي قادها المجلس القومي لرعاية الطفولة لفترة عشر سنوات. انخفضت النسبة إلى 12% واعتبرنا توتي خالية من ختان الإناث، لأنّ المنازل التي شملها المسح الأول كانت خالية من ختان الإناث. وعلى الرغم من ذلك، كان لدينا تحدٍ يتمثل في أن المجتمع الوحيد الذي ما زال يمارس ختان الإناث ليسوا من السكان الأصليين في توتي، لأن جميع السكان الأصليين هم من نسل الشيخ حمد ود أم مريوم.
أخبرينا عن الشيخ ود أم مريوم؟
الشيخ ود أم مريوم هو مؤسس جزيرة توتي وجميع السكان الأصليين هم من نسله. وقد كان ضد ختان الإناث، وبالتالي فإن العديد من الشخصيات الدينية والجدات في توتي كانوا ضد ختان الإناث لأنهم كانوا يتبعون قيمه كأحفاده.
هذه الحكاية عن الشيخ موجودة في كتاب بعنوان “طبقات ود ضيف الله”. وقد بنينا على هذا الفهم وهذا هو السبب في أن الحركة كانت عضوية.
هل يمكننا العودة إلى الـ12%؟
تمثل هذه النسبة، الوافدين الجدد إلى توتي الذين انتقلوا إلى هنا بعد بناء الجسر ولم يكونوا في رسم الخرائط الأول وهذا لم يجعلهم جمهوراً مستهدفاً في عملنا التوعوي. لأنّ ختان الإناث كان يتضاءل في توتي، كان أفراد هذا المجتمع يأخذون بناتهم إلى بلداتهم وقراهم لقضاء العطلة ويقومون بختان الإناث. لم يتمكنوا من القيام بذلك داخل توتي، لأن المجتمع كان ضد هذه الممارسة الضارة. بعد ذلك، بدأنا العمل مع هذا المجتمع ودعوتهم إلى ورش العمل الخاصة بنا. أردنا تغيير وجهة نظرهم وجعلهم يؤثرون على عائلاتهم أيضاً. لقد ألهمناهم لتكرار هذا في مجتمعاتهم. حيث نقلت إحدى أعضاء الجمعية تجربة جزيرة توتي إلى عائلتها في النيل الأبيض بالسودان، ونتيجةً لذلك أقنعت جميع شقيقاتها بعدم ختان بناتهن. يتطلب الأمر عائلة لتغيير القرية.