تجديد العقوبات على السودان.. الحكم المدني وأن طال المسير
تقرير- مريم أبَّشر
قرر مجلس الأمن الدولي تمديد العقوبات الدولية المفروضة على السودان عاماً واحداً متجاهلاً دعوات متكررة أطلقتها الخرطوم بإلغائها.
وصوَّتت 13 دولة لصالح قرار التمديد 12 شهراً، تنتهي في مارس 2024، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت. وكانت الأمم المتحدة قد فرضت عام 2005 خلال النزاع الدامي الذي شهده إقليم دارفور سلسلة من العقوبات على الخرطوم، إضافة إلى حظر للأسلحة.
وظلت الخرطوم تدعو مراراً مجلس الأمن الدولي بإلغاء هذه العقوبات، ورفع الحظر عن الأسلحة الذي فُرض إبان الحرب التي اندلعت في إقليم دارفور في غرب السودان.
وضع شائع
ويتم تجديد العقوبات على السودان في وقت تشهد فيه البلاد وضعاً استثنائياً اقتصادياً وأمنياً وسياسياً رغم الحوار الذي يجري بمساعد الآلية الثلاثية ودول منظمات إقليمية وحسب مراقبون فإن تقديم أي تنازلات أو دعومات يتم ربطها بقيام نظام مدني ديموقراطي وإنهاء الانقلاب، ويضيفون بأن المجتمع الدولي تجاوب بشكل كبير وتفاعل بالإيجابية المطلوبة إبان اندلاع الثورة وحقبة الحكومة الانتقالية التي ترأسها رئيس الوزراء المستقيل الدكتور عبد الله حمدوك، حيث أعاد المجتمع الدولي السودان إلى حضن الأسرة الدولية بعد انقطاع دام ثلاثة عقود، فضلاً عن تقديمه جملة من المساعدات الإنسانية والشروع في إلغاء الديون المثقلة التي ورثتها حكومة الثورة من الأنظمة السابقة، غير أن انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر قطع الطريق أمام خطوات التطبيع والتصالح مع المجتمع الدولي، بل أعاد الانقلاب السودان مجدَّداً للعزلة الدولية وأضاع بذلك فرصة كبيرة بحصد ثمار الثورة ونضالات الشباب.
وعقب الإطاحة بالبشير، تمكِّنت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، من شطب السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، ما أتاح تحرير ملياري دولار، من المساعدات.
نجاح دبلوماسي
ومع ذلك، عدت وزارة الخارجية، تحديد قيد زمني، لرفع العقوبات الأممية المفروضة على السودان منذ العام ٢٠٠٥، نجاحا دبلوماسيا جاء نتاج “للتحركات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها الوزارة وبعثتها الدائمة في نيويورك طوال الشهرين الماضيين”.
وقال بيان للخارجية تلقته “الصيحة” إن تحديد قيد زمني لرفع العقوبات مدته 18 شهرا ، كان بسبب الدعم القوي الذي وجده موقف السودان حيال العقوبات من قِبل مجموعة البلدان العربية ( ٢٢ دولة)، والمجموعه الأفريقية (٥٤ دولة) ومجموعة دول منظمة التعاون الإسلامي (٥٧)، وتعاطف مجموعة حركةً عدم الانحياز ، فضلاً عن دعم الدول الإفريقية الأعضاء بمجلس الأمن الغابون ، غانا ، موزمبيق، إضافة الي العضو العربي .
وكانت لجنة الخبراء قد تكونت بموجب قرار مجلس الامن ١٥٩١ عام ٢٠٠٥ لمساعدة لجنة العقوبات فى رصد حالات حظر توريد السلاح إلى دارفور ولها ايضا مهمة تجميد الاصول وحظر السفر للأشخاص المتورطين فى الصراع.
خضوع للأمزجة
قال القيادى بحزب الأمة الدكتور إبراهيم الأمين: حتى مجلس الأمن يضم في عضويته الدول دائمة العضوية وهي التي تحدِّد حق الفيتو. وتابع: لدينا في الحرب الروسية الأوكرانية أنموذجاً حيَّاً فالبرغم مما قامت به روسيا من حرب لم يتخذ مجلس الأمن الدولي أي قرار ضدها، وعزا الأمين ذلك لأنها تملك حق النقض، ولفت إلى أن القرارات التي يصدرها مجلس الأمن بحق الدول تخضع لأمزجة الدول الكبرى، وأضاف ما تم بشأن السودان للأسف بتجديد العقوبات، يحدث لأن السودان أصبح -الآن- يوجد في أضعف حالاته فضلاً عن أن الدول مصالحها متناقضة متضاربة وهنالك ضغوط من الدول الكبرى .
واعتبر القيادي بالأمة الأصل قرار التمديد تأكيد على أن الأسرة الدولية لم تقدم أي مساعدة للسودان.
واعترف الأمين بأن مشكلة السودان في جبهته الشعبية وداخله المفكك، وقال: هنالك مساومات من قبل بعض الدول الخارجية، وشدَّد الأمين بأنه ما لم نعد النظر في إدارة خلافاتنا ونعمل على حلها بشكل عاجل فإن السودان الآن في خطر .
ولفت إلى أن بعض الدول المحيطة تعمل على إضعاف السودان.
ودعا القيادي بحزب الأمة، السودانيين للعمل من أجل معالجة مشاكلهم وأن يتوافقوا ويتوحَّدوا على مشروع وطني لإنقاذ البلاد، وأضاف إذا لم يتداركوا الأمر فإن الوضع سوف يستمر على هذا الحال وسيعكس هذا الوضع السيئ جداً سلباً على الوطن والمواطن.
رباط ثورة
أما الأستاذ آدم جريجير، القيادي بقوى الحرية والتغيير لم يستغرب تمديد مجلس الأمن عقوباته على السودان. وقال لـ (الصيحة): إن المجتمع الدولي يربط كل تعاملاته مع السودان بالحكومة المدنية والتحوُّل الديموقراطي، وأضاف: ما لم تشكَّل الحكومة المدنية فإننا لا نتوقع رفع عقوبات أو تقديم مساعدات، وأكد أن النظام القائم -حالياً- نظام إنقلابي والأسرة الدولية تريد حكومة مدنية ديموقراطية وهي خيار الشعب، واعتبر التجديد بمثابة ممارسة مزيد من الضغوط على العسكر لتسليم السلطة للمدنيين عبر تسريع وتيرة الحوار، واستبعد ما يثار بشأن التكهنات بتشكيل الحكومة، وتابع: بعد اكتمال ورش العدالة الانتقالية والأمن سوف تتضح الرؤية بشأن التوصل لاتفاق نهائي ومن ثم تشكيل الحكومة المدنية .
أصل القرار
الجدير بالذكر أنه في فبراير 2022 اتخذ مجلس الأمن القرار 2620 (2022) الذي كلف بموجبه فريق الخبراء بجملة أمور منها أن يقدَّم إلى لجنة مجلس الأمن المنشأة عملاً بالقرار 1391 (2005) تقريراً نهائياً في موعد أقصاه 13 يناير 2023.
وأن يعرض الفريق في هذا التقرير النتائج التي خلص إليها والتحقيقات التي أجراها منذ بداية ولايته في مارس 2022م.
وتشير المعلومات إلى أن الفريق اضطلع بمهمتين اثنتين في السودان، ولا سيما في دارفور، خلال شهري مايو ونوفمبر .
كما عقد اجتماعات مع حكومة السودان على الصعيدين الوطني والمحلي، بما في ذلك مفوَّضية العون الإنساني واللجنة الوطنية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج ومفوَّضية السلام الوطنية، ووزارة الداخلية ووزارة العدل والقوات المسلحة السودانية وجهاز المخابرات العامة وقوة الشرطة السودانية وقوات الدعم السريع والولاة في دارفور، والحركات المسلحة الدارفورية واجتمع الفريق -أيضاً- مع ممثلين عن المجتمع المدني، بمن فيهم المشردون داخلياً وضحايا العنف وشهود العيان ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها المنظمات النسائية والسلطات التقليدية. إضافة إلى ذلك، فقد التقى الفريق بممثلي مختلف وكالات الأمم المتحدة وبرامجها وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، والسلك الدبلوماسي. وقام الفريق أيضاً، خلال ولايته، بزيارات إلى الاتحاد الروسي، وإثيوبيا، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وكينيا، ومصر، وحيدر أباد (الهند).