عبد الله مسار يكتب: العملية السياسية (٣)
قُلنا في مقالينا العملية السياسية (١) و(٢)، إنّ العملية السياسية التي تُجرى الآن، والتي بدأت بقانون نقابة المحامين، ثم الاتفاق الإطاري، ثم الإعلان السياسي المدسوس، ثم الورش، ثم الاتفاق النهائي، وهذه العملية تُجرى وفق رغبة جزء من الحرية والتغيير المركزي، وبعض واجهاتهم دون النظر إلى باقي أهل السودان بدعم الآلية الرباعية، ووساطة الآلية الثلاثية التي يقودها فولكر، وهذه الآلية ومن معها مجتهدة جداً في أن يتم الاتفاق النهائي مع مجموعة الموقعين على الإطاري، ولكن هذا الاتفاق هو جزئي ومع مجموعة قليلة من القوى السياسية والمجتمعية تدعي ملكية الثورة، وهذا شعار وما دونه أخرى، ثم هنالك متغيرات في الأمر.
١/ قيام ورشة القاهرة والتي ضمت عدداً من القوى السياسية وخرجت بمخرجات مهمة جداً، عملت توازناً لمشروع قحت، خاصة وأن ملف السودان في الدوائر الخارجية قد تحول من مواقع إلى أخرى، وصار ملفاً أمنياً لأنه دخل دائرة الإرهاب، والتي يدور كثير من مشاكلها عبر السودان دون استيطانها، ولذلك هنالك دول إقليمية وأخرى عالمية صارت جُزءاً من ملف السودان، وتعمل للتوازن بين المشاريع السودانية المطروحة، ولأن أصلاً ملف السودان بعد الثورة صار خارجياً في يد الأجانب.
٢/ القوى الوطنية السياسية من غير الموقعين في الاتفاق الإطاري توحّدت في مشروع وطني جامع خارج مشروع الموقعين على الإطاري، وصار هنالك تنافس بين المشروعين.
٣/ الشارع السوداني لم يعد هو ذات الشارع بعد قيام الثورة.
٤/ الأحزاب والمجموعات التي تقوم على رأس العملية السياسية بينها خلافات كثيرة وفي داخلها، أعاقت مواقفها العملية السياسية وجعلتها مُتجاذبة وحصلت لهذه القوى انشقاقات معلنة ومكتومة خففت من وزن العملية السياسية، وجعلت إدارة ملف العملية السياسية مهلهلاً.
٥/ قلّ الحماس الخارجي لدخول لاعبين جدد في الداخل والخارج، وصار الفريق أول البرهان أقوى اللاعبين في المسرح السياسي، خارجياً صار ضمن اللاعبين الأساسيين.
إذن، العملية السياسية الجارية الآن ستنتهي إلى غير رغبة الموقعين على الإطاري.
والاتفاق النهائي سيتغيّر شكلاً ومضموناً الى أمر جديد، وقد يكون جامعاً ومانعاً وحتى بعض الإسلاميين سيكونوا ضمن الخط العام حتى لا يستوطن الإرهاب في السودان ويكون عابراً كما كان.
ننظر في المتغيرات في المقال القادم.
والسياسة متقلبات، أنا فيها أو أطفيها، سياسة أبلم، وهي حرب ناعمة، أسلحتها كثيرة أهمها العقل المرن.
قديماً قيل (الدائره كله تفقده كله.. وبعضهم قال فن الممكن).