في حديثي مع الشباب بقرية أبو عدارة والتي تَقع جنوب غرب الحصاحيصا، ونحن في مُهمّةٍ اجتماعيةٍ ونشاطٍ اجتماع أهلي، التقيت بعددٍ من الشباب والشابات ونساء ماجدات.. وهو مجتمع واعٍ وناهض، وقد طلبوا مني أن أساهم برأيي وأقول كلمة في هذا المجال (الدولة المدنية).
وكنا نتحدّث عن الدولة المدنية والمُواطنة، قمت بالتحية لأهل القرية نساءً ورجالاً، وخصّصت بالتحية الشباب الناهض الذي تعالى عن انتماءاته السِّياسيَّة وتوحّدت هِمّته نحو الصعود بمقدرات القرية وتنميتها.
ولهذا أشرت إلى عِلاقَة الإعلام بالمُجتمع المدني ولا يُمكن أن نتحدث عن المُجتمع المدني إلا إذا توافرت القيم المدنية لهذا المُجتمع وهو ما يُطلق عليه المُواطنة، أي أن يرتقي الإنسان فيها من إنسانٍ ناقصٍ أو غير مُكتمل الحقوق أي حُقُوق الإنسان.
وإذا اكتملت مصفوفة حقوق الإنسان يُمكن أن نُصنّف هذا الواقع بالمُواطنة.. والمُواطنة أرقى من المدنية الحديثة بل وأعلى منها مَنزلةً.
فالمُواطنة ليست شعاراً مُجَرّداً من الحقائق ووقائع الحياة، وإنما هي منظومة قيميّة إدارية سياسية تتّجه بكل إمكاناتها لمنح المُواطن كل حُقُوقه.. وتحفِّزه للالتزام بكل واجباته ومسؤولياته.
فثالوث المُوَاطِنة القيمي هو العدالة والمساواة والحرية. وهذا المثلث هو الذي يعطي مفهوم المُواطنة المَعنى الحقيقي، ويخرج المُواطن من حالته السّلبية المُجَرّدة إلى مُشاركٍ حقيقي وفَعّالٍ في كل الأنشطة الوطنية.
وبهذا يتبيّن لنا أنّ المُواطنة هي حقوق وواجبات ومنهج.. ومُمارسة آفاق وتطلُّعات.. وحقائق دستورية وسياسية ووقائع اجتماعية وثقافية .
إذن، مفهوم المُواطنة يحتل مَوقفاً مركزياً في الفكر القانوني والدستوري المعاصر. فإطار المُواطنة المنظور يقوم على الجماعات الحُرّة والمُتوافقة والمُتعايشة بالتراضي والوئام وقبول الآخر بكل خُصُوصياته الذاتية، لذلك خلق مفهوم المواطنة الجامع والحاضر لكل الجماعات والتعبيرات لا يَتَأتّى بإفناء الخُصُوصِيّات الثقافية وإقصائها وتَهميشها واما عبر النظام القانوني والمناخ الاجتماعي الثقافي الذي يسمح لكل التّعبيرات والحَقائق الثّقافيّة من المُشاركة في إثراء الوطن والمُواطنة.
ونُواصل،،،