*في منتصف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا كنا نتجول ومعي بعض الزملاء الإعلاميين وسط أجواء خريفية رائعة لم تُعِقنا مياه الأمطار الكثيفة عن الحركة، ولم نجد شوارع مقفلة بمياه الأمطار التي لا تتوقف طيلة اليوم.
*في هذه العاصمة الأفريقية تشعر وكأنك في دولة أوربية من نظامها وجمالها وروعتها، وعند محطات الباصات شاهدنا المواطنين وهم ينظمون أنفسهم بالطابور، فليس من حق القادم متأخراً أن يجد له مقعداً قبل الذي سبقه في المحطة.
*الصفوف في هذه العاصمة تشعرك بالنظام والتنسيق واحترام الآخر، وليس عيباً ان تقف صفاً لركوب المواصلات أو شراء أغراضك الخاصة، ولكن العيب أن تجد من يخرق هذا النظام لإحداث فوضى غير محمودة العواقب.
*وفي العاصمة الخرطوم قد نجد الكثير من الصفوف غير المنتظمة وأكثرها هذه الأيام أمام المخابز حيث أزمة الخبز التي بدات مع عيد الأضحي المبارك.
*في أحد المخابز كان المواطنون يقفون في صفين أحدهما “للرغيف” البلدي وآخر للالي، فشق صفهم هذا أحدهم وهو يهتف “مدنياااا” ثم أردف هذه المدنية التي تريدون؟.
*وهو لا يعلم أن بعض الدول الأوربية وربما جلها بها ظاهرة الصفوف هذه، وذكرنا في مقدمة هذه الزاوية صفوف المواصلات في العاصمة الإثيوبية، والصفوف تعني النظام وحفظ الحقوق للذين قبلك في الصف أياً كان الغرض الذي أنت من أجله وقفت.
*حسناً.. الكثيرون يعتقدون أن التحول إلى حكومة مدنية يعني بالضرورة توفير كل الخدمات في ليلة وضحاها، والبعض يفهم أن التوقيع الذي شهدته الخرطوم ظهر السبت المنصرم يعني ارتفاع الجنيه ورخاء الأسواق وتوفر كافة الخدمات، وبالطبع هذا الفهم غير صحيح، فالسودان يحتاج لسنوات عديدة حتى يصبح من الدول القوية باقتصادها وخدماتها، وأول هذه الخطوات نحو القمة هو الاختيار السليم للتشكيل الوزاري في الفترة الانتقالية والتى يعول عليها كثيراً لإحداث بعض المعالجات في الاقتصاد المتهالك.
*أخطر مرحلة في سنوات السودان القادمة هي المرحلة الانتقالية التي تتطلب أشخاصاً بمواصفات محددة وكفاءات عالية حتى يجدوا مخرجاً لأزمة السودان الاقتصادية ووضع خطط ومعالجات للنهوض بالبلاد تنموياً وتوفير كافة احتياجات البلاد من سلع وخدمات.
*مؤكد أن الفترة القادمة يحتاج فيها السودان لتعاون المجتمع الدولي والدول الصديقة، بدءاً من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ثم تقديم المعونات والدعم اللازم لتوظيفه في التنمية التي يحتاجها أهل السودان في كافة ولاياته.
*عموماً السودان يعتبر من أكبر الدول الزراعية، وهو من الدول القلائل التي تتمتع بموارد اقتصادية متنوعة، فقط تحتاج لحسن إدارتها بالصورة المثلى حتى ينهض السودان سريعاً ونشهده من الدول المتقدمة التي تكيد بعض الأعداء الذين لا يريدون الخير لهذه البلاد.