حميدتي في كرري.. خطاب مُطَمئن
قَطَعَ الطريق للذين يسعون للوقيعة بين الجيش والدعم السريع
حميدتي في كرري.. خطاب مُطَمئن
تقرير- صبري جبور
خطاب مطمئن بحسب مراقبين ألقاه نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، أمام قواته في كرري.. بأن ما يدور في الوسائط ووسائل التواصل الاجتماعي، بشأن وجود خلاف بين الجيش والدعم السريع لايمت للحقيقة بصلة.. وبذلك قطع دقلو الطريق للذين يسعون للوقيعة بين الجيش والدعم السريع.. ويصوِّرون للجميع بأن الأوضاع غير مطمئنة في ظل وجود الصراعات.
وأراد حميدتي أن يرسل رسالة للجميع مفادها ” إن الجيش والدعم السريع على قلب رجل واحد”، للمسؤولية التي تقع على عاتقهما في حماية الوطن والمواطن ومكتسبات البلاد.
يرى خبراء ومختصين أن خطاب نائب رئيس مجلس السيادة كان متزناً، وحوى نقاط مهمة أزالت أشكال التخوُّف الذي كان مسيطراً على الشارع بأن حرب قد تحدث بين الجيش والدعم السريع. مشيرين إلى أن دقلو حريص على تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعه قادة الجيش مع بعض القوى المدنية في الخامس من ديسمبر الماضي..ومنح الإطاري سُّلطة تسمية رأس الدولة ورئيس الوزراء إلى قوى الثورة التي تضم الحرية والتغيير ولجان المقاومة والحركات، شريطة أن تكون من الموقعة على الإعلان السياسي وهو ملحق للاتفاق الإطاري.. وينتظر أن تنتهي العملية السياسية إلى إطلاق فترة انتقال جديدة بقيادة مدنية مدتها 24 شهرًا، بناءً على الاتفاق الإطاري.
خلاف مع “المكنكشين”
أكد نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، عدم وجود أي خلاف بين الجيش والدعم السريع، مشيراً إلى أن الحديث الدائر بهذا الخصوص في وسائل الإعلام مجرَّد شائعات.
وأوضح نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، لدى مخاطبته قوات الدعم السريع، بقاعدة كرري في أم درمان اليوم، أن هناك خلاف لكنه بين من يريدون تسليم السلطة للمدنيين، وبين الذين يتمسَّكون بعدم ترك الحكم. وأضاف (لا يمكن أن نختلف مع الجيش، نحن خلافنا مع الناس المكنكشين في السلطة ديل).
وأوصى القوات بضرورة احترام القوات النظامية، باعتبارها قوة واحدة، ولا بد من أن يشد بعضها بعضاً، وأضاف قائلاً: “القوات المسلحة فوق رأسنا، وليس بينها والدعم السريع أي مشكلة وليس للجيش مشكلة معها، والجيش أصبح شماعة، مطالباً بعدم الاستجابة لمحاولات الوقيعة بين الطرفين، من خلال بعض الاستفزازات، وأردف: (ما تسمعوا الكلام الفي الإعلام ده، نحنا ما عندنا أي خلاف مع الجيش، ناس الجيش ديل إخواننا قاتلنا مع بعض ونحنا بنتقاسم معاهم النبقة) وزاد موجهاً حديثه للقوات: (يا قوة لو أي واحد من ناس الجيش أداكم كف، أدوه خدكم الثاني). وأكد أن الجيش والدعم السريع، يدعمان بعضهما بعضاً، مبيِّناً أن الدعم السريع، أنشئ من قِبَل برلمان، ولديه قانون، وأنه والجيش يعملان ويقاتلان مع بعضهما، من أجل المضي قدماً بالسودان نحو التقدم والازدهار والنماء.
وقال نريد أن نوصل السودان إلى التحوُّل الديموقراطي، وأن الديموقراطية هي الشورى والعدالة والمساواة، ولا بد أن نجعل كل السودانيين متساوين، وهذا خط لا رجعة عنه، مدنية مدنية، وهو اتفاق وعهد بين المكوِّن العسكري والمكوِّن المدني، وأن العهد كان مسؤولاً.
وقال دقلو، إن كل العالم وبالأخص دول الخليج والاتحاد الأوروبي، يدعمون التحوُّل المدني الديموقراطي في السودان، مبيِّناً أن انفتاح السودان نحو العالم وتطوره، بتطور علاقاته الخارجية بالحكم المدني وليس الحكم الدكتاتوري، وتابع بالقول، بطوعنا وإرادتنا قلنا تكون الحكومة مدنية كاملة الدسم.
نقاط مهمة
يقول القيادي بالجبهة الثورية، والكتلة الديموقراطية د. محمد إسماعيل زيرو، نقرأ خطاب نائب رئيس مجلس السيادة من عدة زوايا، تكمن في التزامه بالتحوُّل المدني الديموقراطي في السودان، وأضاف: ” هذا مطلب الشعب وثورة ديسمبر، كما أن خطاب دقلو حوى نقطة مهمة وهي إزالة “الغبشة”، التي تخوَّف منها الشعب خلال الأيام السابقة، في العلاقة بين الجيش والدعم السريع، مشيراً إلى أن النائب أكد على عدم وجود أي خلاف بينهم، ولايمكن أن يحدث أي صدام، كما روَّج عبر الوسائط المختلفة.
وقال زيرو في إفادة لـ(الصيحة): نحن كأطراف لعملية السلام، نثمِّن ما قاله نائب رئيس مجلس السيادة، وكذلك وضح جلياً أن طبيعة الخلاف، خلاف سياسي في وجهات النظر كيفية تكملة العملية السياسية، وأضاف: ” اختلاف الرأي لايفسد للود قضية “، وأشار إسماعيل إلى أن خطاب دقلو طمأن الشعب والرأي العام أن العلاقة بين حميدتي والبرهان سمن على عسل، وتابع ” أيضاً خطاب نائب رئيس مجلس السيادة أجاب إلى أن الضائقة الاقتصادية تكمن حلها من خلال تكوين حكومة مدنية تقود إلى التحوُّل المدني الديموقراطي، وأبان ” هذا مطلب المجتمع الدولي ولايمكن لأي قوى أخرى الوقوف ضد هذا التوجه.
تمكين سابق
وأشار إسماعيل إلى أن ماذكره دقلو أن خلافه مع المكنكشين في السلطة يقصد كل أشكال التمكين السابق، الذي انتهجه النظام البائد، فضلاً عن عدم رضائه لإدارة الدولة بهذا النهج خاصة بعد مجي الثورة.. وأكد أن حميدتي بهذا النهج عبَّر عن زهده في السلطة في هذا الوقت الراهن، منوِّهاً إلى أن خطاب حميدتي متطابق تماماً عما ذكره قائد ثاني الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو، بضرورة يجب تسليم السلطة للشعب بدون لف أو دوران، وقطع إسماعيل ” نحن كاطراف عملية السلام والجبهة الثورية نثمِّن عالياً هذا الخطاب، لجهة أنه يتسق مع مبادئنا في التحوُّل الديموقراطي والدولة المدنية.
جرد حساب
ويؤكد المحلِّل السياسي، أحمد عابدين، في إفادة لـ(الصيحة) ” أعتقد أن الخطاب يتماشى مع قناعة دقلو بتنحي المؤسسة العسكرية عن السلطة وتسليمها للمدنيين وهو يرمي بذلك ضغطاً على الفرقاء كي يتذكروا أن الديموقراطية تعنيكم أنتم المختلفون، فالسلطة المدنية الحالية تمثل فقط الحركات الموقعة على السلام وهي سلطة غير مجمع عليها.. ثم أنه يذكر رئيس مجلس السيادة بالعهد الذي تم توقيعه باسم الاتفاق الإطاري ولكن بجرد حساب للحال والمواقف فإن أنصار الاتفاق الإطاري نفسه يعانون من خلاف داخلي مهول.. بل الآن يسعون نحو البرهان سراً للمخارجة، وقال “مهما بلغت درجة العناد فإنه لا مخرج إلا بفتح الاتفاق الإطاري والتوافق حوله بالتراضي وإدراج قوة معتبرة فيه.
وأبان عابدين “يبدو أن نائب رئيس مجلس السيادة مقتنع تماماً بالخروج من السلطة .. وأضاف: “بالتالي سيظل السؤال ماهي الوصفة التي تجعل القوى المدنية تتوحَّد لإخراج الفترة الانتقالية لبر الأمان ومن ثم الإعداد للانتخابات الحالية الديموقراطية، لافتاً إلى أن العجيب في الأمر أن ذات القوى المدنية بعضها غير مؤمن بالديموقراطية.
وأشار عابدين ” نتمنى أن تتسع مدارك الأحزاب لتشمل حال الوطن والمواطن فتتنازل عن مكاسبها الخاصة للعامة”.
رسالة لهؤلاء
في السياق قال المحلِّل السياسي الفاتح محجوب، في إفادته لـ(الصحيفة) إن رسالة الفريق أول حميدتي في مخاطبته لقواته في كرري كانت موجهة لزملائه في مجلس السيادة من قادة الجيش.. وهو هنا يريد أن يؤكد لقواته أن الخلاف الحالي بينه وبين زملائه في مجلس السيادة ليس بالضرورة خلاف بين الجيش والدعم السريع، بل هو خلاف بينه وبين هؤلاء أي البرهان والكباشي والعطا من دون أن يتطرَّق لهم بالاسم ومع تجاهل تام للقضية التي طرحها زملاؤه قادة الجيش أي دمج الدعم السريع في الجيش السوداني، وأكد الفاتح في حديثه للصحيفة في الوقت الحالي تنشط عدة وساطات للتقريب بين البرهان وحميدتي أشهرها وساطة شيخ كدباس ووساطة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي الحليف المقرَّب للطرفين.
إطار سياسي
المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، قال: إن القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري بدأت مباحثات مع الجيش والدعم السريع لوضع إطار سياسي لورشة إصلاح قطاع الأمن والدفاع.. وشرعت قوى سياسية ومهنية على رأسها قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، وقادة الجيش والدعم السريع، في يناير الماضي، بالمرحلة النهائية لعملية سياسي تستهدف التوافق على قضايا شائكة من بينها الإصلاح الأمني والعسكري.
وقال يوسف، في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر: “هناك نقاش بين القوى المدنية والجيش والدعم السريع من أجل وضع إطار سياسي لتنظيم ورشة إصلاح قطاع الأمن والدفاع”.وأضاف: “نُحرز تقدماً، والآن أقرب إلى الوصول لصيغة الاتفاق”.وكشف يوسف عن تنظيم 6 ورش إقليمية عن العدالة والعدالة الانتقالية في مناطق السودان، خلال الفترة من 11 إلى 14 مارس الجاري، يليها عقد مؤتمر في العاصمة الخرطوم عن ذات الأمر.