الشاعر إسماعيل الإعيسر: القصيدة “بتجي تصحِّيني من النوم وتمشي”!!
الشاعر إسماعيل الإعيسر: القصيدة “بتجي تصحِّيني من النوم وتمشي”!!
إسماعيل الإعيسر شاعرٌ له مفردته الكتابية الخاصّة ذات الطعم المغاير الذي لا يشبه الآخرين.. فهو شاعرٌ تأخذ المفردة عنده مساحات وبراحات شاسعة ويحشدها بالكثير من الوسامة والجمال.. وتمرّد الإعيسر في الكتابة قاده لمنطقة الجنون المطلق والرمزية المشروعة حتى أصبح أبرز الشعراء المجددين في هذا الزمن..
حاوره: سراج الدين مصطفى
إعيسر: ما زلت بعيداً عن الحضور الذي يوازي ما تكتب؟
أنا أصلاً لا استعجل الأشياء ويمكن أن تقول بأنني أهدرت زمناً كبيراً في سبيل البحث عن وسيلة حتى تخرج كتاباتي، لأنّني ظللت أكتب ولمدة طويلة، ولم تخرج النصوص إلاّ بعد هذه الفترة الطويلة، ولكن رغم ذلك استفدت منها في تجويد الشعر حتى يخرج متماسكاً وقوياً.. ولكن يا سراج الدين أنا دائماً ما أقول “باكر أحلى.”
كتاباتك يصفها البعض بأنها مجنونة؟
ما أفعله في الكتابة الشعرية هو نوع من التجريب.. وأؤمن بمفردات إبداع لا يعني التكرار.. والإبداع في تقديري هو الابتكار، هو أن تكتب شعراً مُختلفاً.. وهناك فيلسوف له مقولة تطربني جداً (قل كلمتك وامضِ).. وأنا أريد أن أؤسس لفكرة البصمة حتى أصل بالناس حينما يسمعون قصيدة أن يقولوا هذه القصيدة من كلمات إسماعيل الإعيسر حتى ولو لم يكتب اسمي عليها.. وهذا التفكير يحتاج لاجتهاد كبير (وشوف كويس وسمع ومعرفة جيدة بالعالم الذي حولك وكل الحياة.. وأنا في حالة تجريب بشكل مستديم).
ولكن العامية قد تجعلك تتحرك في جغرافيا محدودة؟
رغم إنني تكلمت عن العامية بهذا الحب.. ولكن لديّ مجموعات قصصية ومجموعة شعرية اسمها “لو كان هذا الشوق خيل”، وهي باللغة العربية الفصحى، ورغم توجسي منها في البداية ولكنها جاهزة للطبع.. وأنا اجتهد في كل ضروب الكتابة حتى يكون لي شكل مميز ومختلف.
لماذا هذا التكثيف في الرمزية؟
هي ربما تكون، لأنّ كتابها أراد أن يخفي أشياءً.. والرمز في كل شيء أصبح في ذات نفسه شكلاً جمالياً.. والرمز في تقديري هو قصيدة تنهي بعد القصيدة.. والرمز أصبح له وظائف أخرى لأنك يمكن عبره أن تجعل القارئ يشترك في كيفية الحل.. وهذه نوع من المتعة الكبيرة بالنسبة للكاتب.
كتاباتك المجنونة باعدت بينك والفنانين الكبار؟
الفنانون الشباب هم أقرب لوجداني لأنني في كتاباتي أتحدث عن “أسع وعن بكرة” ولا أريد أن أرجع ولا أحبذ الالتفات للوراء كثيراً.. وكل ما أقوم بالتجريب هذا يعني بأنني أكتب “لبكرة” وعن “زول جاي” ولضرورات المواكبة ويمكن هذا التفكير جعلني بعيداً عن الفنانين الكبار.
إعيسر شاعر غنائي ولكن ليس معترفاً به كشاعر غنائي في اتحاد الشعراء؟
الشاعر الغنائي لا يحتاج لجهة أن تمنحه شهادة بأنه شاعر غنائي.. لأن الكتابة ليست وظيفة محددة ولكنها تأتي بشكل جنوني وأنا أفضل أن أصبح كبيراً بالكتابة وليس عن طريق بطاقات الاتحاد.
هل ذلك لتمردك كشاعر أم كإنسان؟
ربما لأنني متمرد أو لأنوي مستحٍ ولا أعرف بأن أذهب لإنسان وأطلب منه أن يغني لي.. واتحاد شعراء في ندواته التي كان يقيمها في إشراقة التجاني يوسف بشير كنت حضورا في كل لياليه حتى ان محمد يوسف حينما يكون له ضيوف فهو يجعلني أقرأ في ختام الليلة وبيني وبينه علاقة جميلة وهو له رأي جميل في الشعر الذي أكتبه.. والقضية ليس تمردا أو شاعرية، ولكن أنا لا أحب التنظيمات ولو قالوا لي تعال وأصبح رئيسا سأرفض لأنها تحدني من أشياء كثيرة.
بطاقة الاتحاد شرط للشاعر الغنائي؟
هو اتحاد موجود وإذا أنا كتبت غناءً، فهذا يعني بأنني تلقائياً سأصبح عضواً حتى بدون بطاقة رسمية صادرة منها، لأنني كتبت غناءً وهو موجود في الساحة.
هل تعتقد بأن هذا الاتحاد يحتاج لإصلاح؟
من المؤكد هذا الاتحاد يحتاج للإصلاح.. لأنّ قادته ليسوا هم الجيل الذي وقف عندهم الشعر.. والشعر موجود ومستمرٌ إلى أن يرث الله الأرض.. ويجب أن يفكر قادة الاتحاد في التجارب الجديدة وهذا هو التفكير الذي يجب أن يعملوا به ويسهموا في تطوير الأجيال الجديدة وإذا لم يهتموا بهذا، فهذا يعني بأن الاتحاد يقف على أرضية لا يستطيع أن يتحرك منها للأمام.
وكيف ترى لجان الإذاعة والتلفزيون والمصنفات؟
أنا أعتقد بأن 70% من الشعب السوداني ليس من المعقول أن يتحكّم فيهم النسبة الباقية.. ولو لاحظت تجد أن كل اللجان لا يوجد فيها شباب، مع ملاحظة أنّ هناك تجارب جديدة في الكتابة يجب بالضرورة أن يكون هناك شخصٌ مواكبٌ حتى يكتمل النصاب الموضوعي القويم.. ولجان السودان كلها تتحكّم فيها شخصيات بعينها.
هذا يقودني للتباين ما بين لجنة المصنفات ولجنة الإذاعة والتلفزيون؟
لا أدري الفلسفة من ذلك، ولكن من المؤكد هنالك إشكالات ولكن ما يهمني أن تكون اللجان بها كل الاجيال، لأنّ هنالك تيارات كتابية جديدة، لذلك يجب أن يكون هناك مواكبون لهذا التجديد حتى لا يتم ظلم النصوص الجديدة.