الغالي شقيفات يكتب: الحرب النفسية والاجتماعية
لأجل الوطن
الغالي شقيفات
الحرب النفسية والاجتماعية
شهدت الساحة السودانية في الأيام الماضية، حرب شائعات وتحريض بين المكونات السياسية والاجتماعية والعسكرية، وجهة سياسية ونظامية متهمة بالوقوف وراء الشائعات وصناعة الحرب النفسية والاجتماعية بين مكونات الشعب السوداني المدنية والعسكرية، وللأسف يقف وراءها بعض كبار الكُتّاب المُنتمين تنظيماً للاتجاه الإسلامي وآخرين. ومعلومٌ أن الحرب النفسية ذات طبيعة مستترة، فهي تعمل في الخفاء ومن وراء ستار ولا تظهر بصورة علنية وواضحة، وقد تمارس في شكل خبر أو قصة أو واقعة أو رواية أو مسرحية أو شائعة، ولذلك يمكن القول إنّ جهة مخابراتية خارج الحدود قد تعمل أيضاً في التضليل وتوجيه الرأي وصرف الأنظار عن قضايانا الحقيقية، والشعب السوداني يعلم مَن هُم، والحرب النفسية تعد من النشاطات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي تتم خلال الحرب الفعلية، أو توجيه الرأي العام، أو حرب الأفكار، ومن هنا جاء اتصالها بعلم السياسة من حيث كونها في النهاية تقوم لخدمة سياسة الدول المُصدِّرة لها والقائمة عليها، ولا ريب في أنّ سياسة الدولة المُصدِّرة للحرب النفسية هي التي تضع الإطار والضوابط لهذه الحرب، وتتضمّن الحرب النفسية بعيدة المدى، نشر الأخبار بطريقة مستمرة وبوسائل شتى بغرض مُساعدة السياسة الخارجية للدول ورفع سقفها والحصول على التعاطف والتأثير، وليس غريباً علينا كثرة المنصّات الإعلامية والمواقع الإلكترونية التي تُموِّلها بعض الجهات لخدمة أغراضها، وقد يعلم مُثيرو الشائعات والحرب النفسية على القوات المسلحة والدعم السريع، والذين يسعون الوقيعة بين الطرفين، أهداف المُخطّطات الخارجية، لكن من الانتصار لذاتهم لا يهمّهم الوطن، فكتب أشهر الصحفيين الكيزان أنّ نائب رئيس مجلس السيادة تم احتجازه وهو يعلم أن ذلك جريمة، ولا يُمكن لدولة عضو في الأمم المتحدة أن تقوم بذلك، وأضاف كوز آخر: نائب السيادي يرتدي واقي رصاص، وهو أكثر من يعلم أنّ الرجل قاد عشرات المعارك ميدانياً.
عموماً، كل المجموعات العاملة في الشائعات والإعلام والتحريض والتضليل مكشوفة للرأي العام وليس لها أيِّ تأثير، وقد قلت هنا من قبل إنّها أكثر حركةً وخبرةً من إعلام الإطاري وإعلام الدعم ومتفوقة عليه، فهذه حقيقة من خلال تقييمي ورصدي ومتابعتي لكل الأطراف من على البُعد.
والآن أصبحت الحرب الإعلامية والنفسية جُزءاً لا يتجزّأ في الصراعات الحديثة على كل المستويات والأهداف، وذلك من خلال شَن مجموعة حملة نفسية على الطرف الآخر أو تبادل الطرفين لهذه الحملة، وبما أدّى إلى تغييرٍ حادٍ في النمط الإعلامي، تختلط فيه المواد الإعلامية بالعمليات النفسية، وتُشن من خلاله عمليات الدعاية التي تُؤثِّر على الخصم، إلى جانب الحملات المُضادة التي تهدف إلى إحباط الحملة النفسية التي تشنّها المجموعة الأخرى.
نأمل ان يُوجِّه العاملون في الغرف التحريضية أقلامهم لما هو أهم من الصراعات السياسية التي أقعدت بالبلاد ودمرت العباد، ووضعت البلاد في خطر محدقٍ، وكل مواطن أصبح يتخيّل نفسه في معسكر نزوح في توشكي أو هايكوتا أو قندر والعمارات ينعق فيها البوم.