الخرطوم: محمد جادين
وسط ترتيبات أمنية عالية، وحضور وشهادة دولية وإقليمية واسعة، وقّع نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، والقيادي بقوى “إعلان الحرية والتغيير” أحمد ربيع سيد أحمد بقاعة الصداقة أمس، على الاتفاق النهائي بشأن وثائق الفترة الانتقالية، إيذاناً بالدخول للفترة الانتقالية والدولة المدنية، وبدء مرحلة سياسية جديدة.
وكان الشهود على الاتفاق رؤساء إثيوبيا، جنوب السودان، إفريقيا الوسطى، وتشاد، بجانب ممثلين عن مصر والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية وغيرهم، وتسلم رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الوثائق التي تم توقيعها، توطئة لإصدار مراسيم سيادية لتكوين مؤسسات الفترة الانتقالية “مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمفوضيات”.
عهد المؤسسة العسكرية
وقال البرهان في كلمته خلال الحفل، إن القوات المسلحة أثبتت أنها شريك وجسر عبور للتغيير دون أن تفقد مهنيتها، وتعهد بقيام المؤسسة العسكرية في الفترة المقبلة بدورها كاملاً في الحفاظ على مكتسبات الثورة. وأشاد بالشعب السوداني وثورته السلمية، ودعا الشباب للتوجه إلى ميادين العمل بعد أن أدوا دورهم كاملاً في الثورة. ونوّه إلى أن مرحلة التفاوض كشفت عن قيادات للثورة مملوئين بالروح الوطنية. وشكر الدول والمؤسسات التي ساندت السودان في الفترة الماضية. وترحم البرهان على شهداء الثورة، ودعا إلى العمل الجاد لبناء الوطن الذي بذلوا دمائهم رخيصة لأجله، وقال “الحصة وطن”.
رسائل “قحت”
من جانبه، أكد ممثل “الحرية والتغيير” د. محمد ناجي الأصم، ثقة “قحت” في القوات المسلحة كواقٍ وحامٍ للثورة، وتعهد بمحاسبة قيادة المؤتمر الوطني بدون انتقام. وأقر بوجود شرخ بين المدنيين والعسكريين في الفترة الماضية وأخطاء فادحة، لكنه اعتبر الجيش صمام أمان، وقال “باكر ضواي”. وأضاف “بذرة الوطنية عامرة في المؤسسة العسكرية، ونعتز أنها حمايتنا ودرع وقايتنا”.
وشدّد الأصم، على التزامهم بالاقتصاص للشهداء، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب. ونفى أن يكون الانتقام منهجهم إزاء منسوبي النظام السابق، لكنه أكد أن كل مرتكبي جرائم في حق الشعب السوداني سيخضعون لمحاكمة عادلة.
وحثَّ حركات الكفاح المسلح للتواضع على الحوار لحل تبايُناتِها مع “الحرية والتغيير”. وأقر بأن الحركات تمثل فصيلاً أصيلاً في الثورة، وساهمت في اقتلاع البشير بالدموع والدماء والسلاح.
من ناحيته، دعا رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، الأحزاب والقوى السياسية التي لم تلوث نفسها بالاستبداد للمشاركة في المرحلة المقبلة. وقال إن المرحلة القادمة مرحلة امتحان لا إقصاء فيها. وأضاف: سنفتح الباب لكل الناس للمشاركة. ووصف اليوم بيوم العبور للحكم المدني وتحقيق السلام والتحول الديمقراطي وصولاً للانتخابات. وأشار إلى أن هذه المرحلة ستضبطها شراكة مؤسسة مدنية عسكرية للعبور للانتخابات التي بها سيعمد الشعب ويسترد حقوقه الضائعه. ونوّه المهدي، لمشاركة المرأة السودانية التي استطاعت أن تنفض عنها غبار الدونية وتسجل مواقف مشهودة في الثورة.
دعم ودعوات للتماسك
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسي فكي، إن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه، يجسد ويرتب لمرحلة انتقالية ديمقراطية للسودان، وأضاف بأنه يضع حداً للحروب والكوارث والصراعات، وأن الاتحاد الأفريقي أدرك جسامة تلك التحديات، وأعرب عن تقديره لجهود ممثله محمد الحسن ولد لبات والتي تكللت بالتوقيع النهائي على الاتفاق، وأشاد بجهد المبعوث الأثيوبي محمود درير الذي تعامَل معهم لبلوغ الغايات الجامعة.
من ناحيته، أكد رئيس جنوب السودان الفريق أول سلفا كير ميارديت، وقوف بلاده مع السودان لتحقيق أهداف المرحلة الانتقالية وتحقيق السلام الشامل والحقيقي، وقال إن بلاده ستلعب دوراً في عودة المجموعات المسلحة للسلام، ودعا السودانيين للتماسك الداخلي وتحقيق التنمية الاقتصادية. وأضاف بأنه يجب إعطاء السودانيين الفرصة دون أي تدخل لأنهم يعرفون ما هو خير لبلادهم، وأشار للروابط المشتركة بين البلدين، وعبر عن أمله للسودان بمرحلة سياسية جديدة ولحياة أفضل.
بدوره، وصف الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، التوقيع بأنه يمهد الطريق لحلول مستقبلية لقضايا السودان. وقال إن الاحتفال بهذه المناسبة يمثل لحظة مجيدة في تاريخ السودان والانتقال من الصراع إلى الائتلاف. وعبّر عن تضامن بلاده مع السودان يداً بيد، وناشد القادة السودانيين بالانخراط في العملية السلمية والعمل على تطبيق بنود الاتفاق وبناء مؤسسات وطنية قومية، وقال إن الحكومة الانتقالية لديها واجبات في تحقيق السلام وإصلاح الاقتصاد. ودعا السودانيين لحل مشكلاتهم عبر الحوار والدبلوماسية.
وهنأ الوسيط الإفريقي محمد الحسن لبات، الشعب السوداني وأطراف الاتفاق بالتوقيع النهائي على وثائق الفترة الانتقالية، وقال إن إفريقيا قادرة اليوم بقوة وعزم على تخطي مشكلاتها، وأضاف “إن إفريقيا تقف اليوم مع السودان، وأن السودان يقف مع إفريقيا وبذلك نعطي درساً بأن الحل يمكن أن نحققه بأنفسنا”.
قطار الثورة
وفي مشهد احتفالي تكرّر للمرة الثانية منذ انطلاق الثورة، استقبل الآلاف عند محطة شروني بالخرطوم أمس، “قطار الثورة” أو قطار ثوار عطبرة، القادم من مدينة عطبرة للمشاركة في احتفالات توقيع وثائق الفترة الانتقالية. وتحرك القطار مساء أمس الأول الجمعة حاملاً أكثر من (700) راكب، ماراً بمحطات شندي والجيلي والكدرو وشمبات التي صعد على متنه مواطنون منها للمشاركة، حيث انتظرته الجماهير على جانبي السكة الحديد حتى وصوله محطته النهائية.
تكريم الوسطاء
وكرّم المجلس العسكري و”قوى الحرية والتغيير”، الوسطاء لدورهم وجهودهم في تقريب وجهات النظر، وعلى تقديم خدمات جليلة للشعب السوداني. ومنح الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى للسفيرين محمد الحسن لبات الوسيط الأفريقي، ومحمود درير المبعوث الأثيوبي، كما تم منح وسام النيلين من الطبقة الأولى لسفير أثيوبيا لدى الخرطوم، عضو وفد التفاوض والسفير محمد علي بلعيش عضو وفد التفاوض، تقديراً لجهودهما في إنجاح الاتفاق.
تفاصيل أوفى بالداخل