ياسر زين العابدين المحامي يكتب: الاستثمار بالموت الكريه
في الحقيقة
ياسر زين العابدين المحامي
الاستثمار بالموت الكريه
رائحة الموت تفجعنا بكل لحظة…
سرادق العزاء تُنصب هنا وهناك…
الموت يخطف الشباب سمبلة…
فأمنياتهم عودة العسكر لثكناتهم…
بعيداً عن الحياة السياسية تماماً…
أشواقهم، حرية، سلام وعدالة…
وجع يمتد للعصب هز وتر الأزمنة…
حاضر، مستقبل، بات قاتماً…
ببرهة يحترق قلب أم على ضناها…
يتشكّل الوجع والخوف اللئيم…
العسكر لم تتغيّر عقيدتهم لا يرف لهم جَفَنٌ…
لا تهتز لهم شعرة مبرّراتهم، الوطن ماضٍ بمنزلق خطير…
منطقهم ليس بالإمكان أفضل مما كان
بهذه الظروف…
بنادقهم، مصوبة للصدور العارية…
الغاز المُسيّل للدموع يقطع الأنفاس…
الليالي حالكة، مُدلهمة، قاتمة…
صدور مفتوحة ببسالة منقطعة النظير
لأجل شعارات الثورة… لأجل المدنية…
تضحية بأبهى معانيها هم رائعون فلا مُبرّر لقتلهم…
ليس صعباً تحديد القاتل لكن يستمر مسلسل الإفلات من العقاب…
لا قانون يبيح القتل بالمظاهرات…
الموت فاحت رائحته في كل مكان…
دفعوهم لمعركة غير مُتكافئة..
دفعهم ساسة أضاعوا الثورة بعدما
سرقوها، بعدما…
وقّعوا على وثيقة سمُّوها دستورية…
كتبوها خِلسةً بلا تفويض ولا ضمير…
لاختلال أركانها أصلاً ووصفاً…
باعوا واشتروا بثمنٍ بخسٍ…
قبضوا الثمن مناصب مقابل شلالات
الدماء…
حظيوا ببريق السُّلطة وبزخرفها…
وسرقوا الكحل من عين الوطن…
جاءتهم السُّلطة بمقايضة حرام…
بقسمة ضيزى لم يراعوا إلًّا ولا ذمة…
أمانيهم امتداد الفترة الانتقالية لما لا نهاية…
ليخلدوا بالكرسي ويتنعّموا بمفاتنه…
وليغرقوا بعطاياه حتى الثمالة… الموت بحقبة حكمهم تجرّعناه شهيقاً وزفيراً…
وصمتوا صمت أهل القبور ما حرّكوا
ساكناً…
غضوا الطرف عن فض الاعتصام، وعن
تكوين مؤسسات الدولة…
وعن فساد وخيم لم يفصح عنه بعد…
دفعوا الشباب لحتف أنفهم، واليوم يموت أحدهم…
ويتم استثمار موته لتحريك الشارع
لأجل أجنداتهم…
ليقولوا إنّ الثورة مُستمرةٌ لتكون كرت
ضغط يُوضع بالطاولة…
ويهتفوا بشعارات كذوبة مُضلّلة…
للعودة لمناصب عبر الدماء والأشلاء
والموت الفظيع…
قِمّة بالكيد والغباء المفرط…
مناهم احتراق الوطن عن بكرة أبيه بحال ذهاب سُلطتهم…
غداً يجلسون على التل وهو يحترق…
وعندما يتمزّق إرباً إرباً ويتفتّت…
سيشيرون عليه بأصابعهم ليقولوا…
هنا كان لنا وطنٌ اسمه السُّودان!!!
بعضهم سيُيمِّم وجهه شطر بلده الثاني بجوازه الأجنبي…
البعض الآخر يملك ما يرحل به…
يموت الغلابى التعابى بالوطن كمداً…
أليس بالبلد عاقلٌ يمنع سفك الدماء…
يهدئ الروع، يطبب الجراح، يطيب
الخواطر…
يصنع خطوط التقاء وتفاهم تجسر العلاقة…
يقيل العثرة، يكفكف الدمعة ويمنع الفتنة…
يرسم الابتسامة برغم الموت الكريه…
الساكن فينا حد النخاع…؟!
فما زلنا ننزف بكل يوم ويسقط أبناء
لنا بعمر الزهور…
ليحكم ساسة استنفدوا فرص الحياة
فلا مقامٌ لهم…
ويفلت القاتل من العقاب لتتكرّر الفعلة
ويعز الصبر وقتها…
قطعاً لن يضيع حق وراءه مطالب…
لم ينفذ حكمٌ بإعدام أي قاتل لحد
الآن…
الأحكام ما زالت تراوح مكانها، لكن
القصاص ولو طال السفر…!