3مارس 2023
قبل أسبوعين وتحديداً في ليلة 27 رجب، مرّ علينا يوم كله فضل لنا وعلينا دون أن ننتبه إليه، لقد شغلتنا مكابدتنا للدنيا من أن نتذكره رغم أنه حمل إلينا الكثير من الهدايا والنعم، ذلكم هو يوم الإسراء والمعراج، عندما أسرى الله برسلونا الكريم من مكة حيث المسجد الحرام إلى أرض فلسطين حيث المسجد الأقصى ومن ثم عرج به من الأرض إلى السماء، في ليلة واحدة في معجزة إلهية عظيمة لما رود في قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (سورة الإسراء: 1).
عاد الرسول إلى مكة بعد أن رأي من ربه الآيات الكبرى، وحمل إلينا معه هدايا عظيمة، من بينها تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس صوات بأجر الخمسين، يا لها من نعمة عظيمة، ماذا يكون حالنا لو لم تُخفض الصلوات إلى خمس، ومن بيننا من يستثقلها، وان أداها لا يؤديها بحقها، ومن بين الهدايا العظيمة وصية أبينا، خليل الله، سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقد أبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يخبرنا بالغرس الذي يدخلنا الجنة، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفق ما يروي ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ “لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئ أُمَّتَكَ مِني السَّلامَ ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ ، عَذْبَةُ المَاءِ ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلَّا اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ” وفي رواية َزَادَ “وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ”.
في هذه الليلة العظمية، خصَّ الله سبحانه وتعالى رسوله بمِنَحٍ عظيمة لم تكن لأحد سواه من إخوانه الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، ففي المسجد الأقصى، صلَّى نبينا عليه السلام بالملائكة والأنبياء ثم عُرِجَ به إلى سدرة المنتهى، وعُرِضَت عليه الجنَّة؛ ليرى فيها ما أعدَّه الله ليبشر به المتقين، كما عُرِضَتْ عليه النار؛ ليشاهد فيها ما أعدَّه الله تعالى من العذاب الأليم لينذرَ به الكافرين والمشركين، وغير ذلك من آيات ربِّه الكبرى.