يوم الفرح
*أمس كان يوماً استثنائياً للشعب السوداني، وهو يتوج جهد ثورته بالتوقيع على الوثيقة الدستورية والإعلان السياسي بحضور عدد من رؤساء الدول الشقيقة ووزراء خارجية البعض وبمشاركة من الاتحاد الأوربي.
*سيكون السبت السابع عشر من أغسطس يوماً تاريخياً، به ستكون بداية الانطلاق نحو القمة التي يسعى إليها أهل السودان منذ خروج المستعمر الإنجليزي في خمسينيات القرن الماضي.
*منذ مغادرة الإنجليز أرض السودان وبدء العد التنازلي للنظام والتنمية والقوة الاقتصادية، حيث كان للجنيه السوداني عزته وكرامته والواحد منه يساوي ثلاثة دولارات وربما أكثر، وهو عكس ما يحدث الآن في الألفية الجديدة، حيث أصبح الدولار الواحد يساوي أكثر من ستين جنيهاً.
*لم تهدأ شوارع الخرطوم أمس من الفرح والاحتفال بهذا التوقيع الذي يعتبر بداية لمشوار طويل يتطلب وقفة الجميع في الوصول إلى نهايته.
*ستكون الخطوة الصحيحة بعد التوقيع والاتفاق على د. حمدوك رئيساً للوزراء، هي حسن اختيار الطاقم الوزاري الذي سيحقق النجاح في المرحلة المقبلة وتنفيذ كافة بنود الوثيقة الدستورية خاصة فيما يتعلق بمهام الفترة الانتقالية والتي تتكون من ثلاثة عشر بنداً.
*في كلمته، قال رئيس الورزاء الأثيوبي أبي أحمد أمس إن الديمقراطية بدأت الآن في السودان، ولكن هذه الديمقراطية تتطلب بناء المؤسسات والحفاظ عليها والإخلاص في العمل من أجل دولة ديمقراطية ذات مبادئ واقتصاد قوي.
*ثلاثة عشر بنداً وُضعت في الوثيقة التي وُقِّع عليها أمس، وجميعها مهم، بيد أن أهمها ونحن في هذه المرحلة هي الفقرة رقم أربعة والتي تعني بمعالجة الأزمات الاقتصادية وإيقاف التدهور الاقتصادي والعمل على إرساء أسس التنمية المستديمة، وذلك بتطبيق ببرنامج اقتصادي واجتماعي ومالي وإنساني عاجل لمواجهة التحديات الراهنة.
*هذه الفقرة ينظر إليها كل الشعب السوداني في الداخل، فالتدهور الاقتصادي الذي حدث خلال السنوات الماضية جعل جل الشعب السوداني يُعاني في كافة المجالات.
*أصبح الموظف البسيط يعاني والعامل مطحون في معاشه، وفي البحث عن التعليم الجيد والعلاج الناجع، وبعد أن كان في السودان ثلاث طبقات تحولت بهذا التدهور الى اثنين فقط، طبقة عليا لا تشعر بهذه المعاناة، وطبقة سفلى تعاني في كافة المجالات وهولاء هم غالبية الشعب السوداني.
*حسناً، الكثيرون من أبناء السودان الآن ينظرون لهذا التوقيع من خلال نافذة تحسين الأوضاع الاقتصادية قبل أي شيء آخر، والجميع ينتظر حمدوك الذي لا يملك عصا سحرية للتغيير، ولكنه يملك اختيار طاقم اقتصادي من ذوي الكفاءات العالية لإيجاد أسرع الطرق لمعالجة هذا التدهور الاقتصادي والعمل على تحسين الأوضاع المعيشية لأبناء هذا الشعب، ومن بعد ذلك وضع الخطط طويلة المدى لإحداث التنمية التي ينشدها الجميع لإعادة السودان إلى موقعه الطبيعي “سلة غذاء العالم”.
*المهم أن الخطوة الأولى انتهت في طريق إعمار السودان بهذا التوقيع وفي الانتظار العديد من الخطوات التي تجعل الجميع وفي مقدمتهم أسر شهداء ثورة ديسمبر يشعرون بأن هناك تحوُّل وتطوُّر يحدث في السودان وأن مسلسل الفساد قد انتهى دون عودة مرة أخرى.