عرقلة رفع العقوبات الدولية.. حسابات الغرب في السودان
الخرطوم- صلاح مختار
شدَّد وزير الخارجية السفير علي الصادق، على أن الوقت حان لإنهاء العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار (1591) الخاص بالأوضاع في دارفور متهماً ثلاث من الدول بعرقلة القرار.
ويقيّد القرار إمداد السودان بالأسلحة والعتاد، مالم تبرز وثائق تحدد المستخدم النهائي، ويتضمَّن القرار كذلك حظر أشخاص من السفر وتجميد أصول.
وشكَّل مجلس الأمن الدولي تبعاً للقرار (1591) لجنة فنية تمده بتقارير سنوية عن أنشطتها التي تشمل رصد تنفيذ تدابير الجزاءات والنظر والبت في طلبات الإعفاء من هذه التدابير. إذاً عرقلة رفع العقوبات على السودان هل لحسابات خاصة للغرب بالسودان أم ماذا؟
تحوُّلات كبيرة
وزير الخارجية علي الصادق، قال في مقابلة مع صحيفة (الوطن البحرينية): إن عقوبات مجلس الأمن فُرضت في 2005، إبان اندلاع الحرب في إقليم دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة، لكن هناك تحوُّلات كبيرة على الأرض والساحة السياسية تستدعي إلغاء القرار (1591) ورفع العقوبات المفروضة على السودان.
وأضاف: “لم تعد هناك حرب في دارفور، ومعظم اللاجئين عادوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في قراهم، كما أن من كانوا يقاتلون الجيش السوداني في ذلك الوقت -الآن- هم أعضاء في مجلس السيادة، ومنهم وزراء، وحكام أقاليم، وبالتالي هناك تغيير كامل في الحياة السياسية، الأمر الذي يستدعي إلغاء القرار”.
وأشار الوزير إلى أن السودان يلقي دعماً من الدول العربية، على رأسها الإمارات بصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن، حيث تساند إلغاء القرار، ومعها -أيضاً- كل من روسيا والصين، علاوة على دول إفريقية وأعضاء غير دائمين يساندون السودان. وفي المقابل اتهم علي الصادق، ثلاث دول بعرقلة رفع العقوبات، وقال: “أمريكا وبمساندة من بريطانيا وفرنسا، ترفض رفع عقوبات مجلس الأمن الدولي المفروضة على السودان”.
وقال: “ربما لدى الغرب حسابات أخرى، خاصة أن إفريقيا أصبحت ساحة للصراع بين القوى الغربية وروسيا والصين”. وأضاف: “نحن نفسر هذا الأمر على أنه استهداف، ونفهم أنه ليس من مصلحة الدول الثلاث أن يكون هناك استقرار سياسي في السودان”.
نظام العقوبات
وظل السودان يكرر مطالبته برفع العقوبات في كل مرة وفي الـ(7) من فبراير 2023 طالب السودان مجلس الأمن الدولي برفع العقوبات المفروضة عليه، والتي تشمل حظراً على الأسلحة والسفر منذ العام 2005. حيث عقد وزير الخارجية المكلف علي الصادق، لقاءً مع سفراء الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية. وذكر البيان أن اللقاء ركز على إبلاغ السفراء بموقف السودان المطالب بإنهاء نظام العقوبات المفروض عليه بموجب قرار مجلس الأمن رقم (1591) للعام 2005. ونقل البيان قوله: “إن الأوضاع في السودان اليوم تختلف كلياً عما كانت عليه في العام 2005 وقت فرض العقوبات”. وأضاف الصادق: “إن التطورات الجارية في السودان تستلزم دعم المجتمع الدولي لجهود الأطراف السودانية نحو انتقال سلس نحو الديموقراطية ورفع هذه العقوبات”.
انسياب الدعم
وفي السياق رهن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس، انسياب الدعم الدولي للسودان بتشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية.
وقال بيرتس في معرض حديثه بعد اجتماع خاص بتقييم الترتيبات الأمنية بعد المواقيت الجديدة لمصفوفة اتفاق سلام السودان في جوبا: إن بعض القوى السياسية تقاوم المضي نحو اكتمال العملية السياسية لارتباط مصالحها بالوضع القائم- الآن- مشيراً إلى أن إكمال العملية السياسية بالسودان وفقاً للاتفاق الإطاري السياسي صار أقرب من أي وقت مضى، معلناً أن العقبات تتزايد كلما اقترب الوصول إلى الحل.
العملية السياسية
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد هدَّدت بمحاسبة معطلي سير العملية السياسية في السودان، مما استدعى مجلس الأمن الدولي لرهن استئناف المساعدات الاقتصادية بالتوصل لاتفاق نهائي يؤدي لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
واعتبر المجلس أن توقيع الاتفاق الإطاري بين المدنيين والعسكريين خطوة أساسية نحو إكمال الترتيبات الدستورية الموجهة للسودان خلاف فترة الانتقال. كما أعلن في بيان، عن ترحيبه بتوقيع الاتفاق السياسي الإطاري في السودان، مشدِّداً على أنه خطوة أساسية نحو تشكيل حكومة بقيادة مدنية، تقود الفترة الانتقالية وتنتهي بانتخابات حرة نزيهة. وحضّ الأطراف السودانية على بدء العمل دون تأخير في المرحلة الثانية من العملية، بما في ذلك معالجة القضايا الحاسمة التي توخاها الموقعون على اتفاق الإطار السياسي، الذي يعزز السلام والأمن في السودان، مع ضمان مشاركة المرأة على النحو المنصوص عليه في الاتفاق الإطاري.
مصالح مشتركة
ويرى المحلِّل السياسي د. أبوبكر آدم، أن كل المواقف التي تتخذها أمريكا بالضرورة تتبعها بريطانيا وفرنسا باعتبار مصالحهما وتحالفهما المشترك في السودان وفي كل القضايا الدولية, وقال لـ(الصيحة): الولايات المتحدة الأمريكية من مصلحتها أن يأتي النظام المقبل في السودان حسب وصفتها واختيارها, والتي ترضى عنها أو تكون مقبولة لديها, وبالتالي ليس صحيحاً أنها تدعم بشدة التحوُّل المدني الديموقراطي بالشكل الذي يريده بعض الناس, بقدر ماتريد تحقيق مصالحها سوى كان مع المدنيين أو بشكل آخر في الحكومة, ورأى أن الحرص على السودان في هذه الفترة للتنافس المحموم بينها وروسيا لانتزاع مناطق نفوذ في منطقة البحر الأحمر.
وقال كما تعلم أن السودان يشغل موقعاً مهماً واستراتيجياً في منطقة البحر الأحمر، إضافة إلى الساحل الكبير, ولذلك تخشى أمريكا من عرقلة الروس في المنطقة,وذلك من خلال حرصها على السودان تريد أن تقطع الطريق أمام روسيا في المنطقة, وقال: من الضروري أن تكثف أمريكا ضغوطها على القوى الرافضة للاستقرار في السودان من أجل تشكيل حكومة مدنية, تدير الفترة الانتقالية وترعى مصالحها في المنطقة.