الخرطوم- رشا التوم
في ظل تعقيدات المشهد الاقتصادي وقتامة المشهد نتيجة المؤشرات السالبة للأداء الكلي للاقتصاد تأتي الزيادات التي نفذتها هيئة الجمارك على بعض السلع لتعزيز من حجم الكارثة وتوسع الهوة مابين المواطن والحكومة، والرسوم المفروضة تلقي المزيد من الأعباء المالية تنذر بتدني الاستيراد وتراجع الطلب على السلع وارتفاع معدَّلات التضخم. وتقليل الإيرادات الحكومية للخزينة العامة للدولة ولم ولن تجد الدولة سبيل لتوفير أموال وإيرادات غير اللجوء إلى جيب المواطن لسد العجز في ميزانيتها.
وأجرت هيئة الجمارك، تعديلات لفئات الرسوم الجمركية لأكثر من (103) من سلع الوارد، ووفق التعديلات تمّت زيادة رسوم الجمارك بين (3%– 40%)، فيما تمّ خفض الرسوم الجمركية لسلع الطاقة البديلة.
ووفق مستند ممهور بتوقيع مدير دائرة التعريفات بهيئة الجمارك، العقيد شرطة بابكر الشايقي الحاج بدران، بناءً على قرار مجلس الوزراء في جلسة رقم (4) بتاريخ 30 يناير 2023م، وتمّ تعديل التعرفة الجمركية للسكر المستورد من (10%) إلى (25%)، والصّلصة من (25%) إلى (40%)، وملح الطعام من (3%) إلى (25%)، والأسمنت من (25%) إلى (40%)، والبنزين من (3%) إلى (10%) والجازولين والفيرنس من (0%) إلى (3%)، كما تمت زيادة الصابون من (25%) إلى (40%) وورق الطباعة من (3%) إلى (10%) والملابس والأحذية من (25%) إلى (40%) والسيراميك والبورسلين من (25%) إلى (40%) وقطع غيار المُحرِّكات من (25%) إلى (40%) ومركبات النقل العام (10) راكب وأقل من (25) راكباً من (10%) إلى (25%) والركشات من (25%) إلى (40%)، وفرض رسوم جمركية بنسبة (20%) على اللحوم والأسماك والخضروات ومُنتجات صناعة الألبان وزيادة الرسوم الجمركية للفواكه من (20%) إلى (40%).
وقال الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي، إن الأثر المترتب على الاقتصاد والمواطن نتيجة الزيادات الجمركية المعلنة كارثي.
ووصف الوزراء ومن يساندهم من “الأفندية” بأنهم ليسوا بدراية كافية بمردود تلك السياسات التي أقروها وهم في مكاتبهم المكيفة ولم يتعمقوا فيها
ونبَّه الرمادي إلى أن الزيادة في الفئات الجمركية تؤدي إلى المزيد من الغلاء التضخم وإثقال كاهل المواطن.
مشيراً إلى تآكل إضافي للقوى الشرائية للسلع وتراجع الطلب عليها أكثر من ذي قبل، وحذَّر وزارة المالية من فقدان الإيرادات نتيجة لتدني الاستيراد، وتابع: لن تكون هناك رسوم جمركية كافية للخزينة العامة أو أرباح للعاملين في التجارة وحصيلة الخزينة العامة من عائد ضريبة أرباح الأعمال سوف تقل بصورة كبيرة جدًا.
ووصف في حديثه لـ(الصيحة) الزيادة في الفئات الجمركية بأنها لا تتناسب مع الظروف التي يعيشها الشعب السوداني في ظل معدَّلات التضخم الجامحة والتي تجاوزت 50%، فضلاً عن تآكل القيمة الشرائية للعملة الوطنية.
وانتقد عدم مراعاة الرشد والتأني في اتخاذ تلك القرارات والتي ضاعفت الرسوم لأكثر من ثلاثة أضعاف مما ينعكس على الأحوال المعيشبة للمواطن والذي بدوره يجابه أوضاعاً اقتصادية صعبة ولن يحتمل فرض ضريبة ولو بنسبة 1%، وأطلق تحذيرات بأن الحكومة تسعى بأرجلها نحو الانهيار الاقتصادي، وأردف بأن القائمين على إدارة وزارة المالية لن يحصلوا على زيادة في الإيرادات نتيجة الزيادة بسبب أحجام الجميع عن شراء السلع لعدم المقدرة المالية وناشد بقيام مجلس أعلى للاقتصاد يكون من 10 أشخاص من ذوي الخبرة والمهنية للبت في مثل هذه المسائل قبل أن تصبح قرارات ملزمة.
ويشير رئيس قسم الدراسات الاقتصادية الفاتح عثمان في تصريح صحفي أن الجمارك السودانية أعلنت عن زيادة في الجمارك لطائفة واسعة من السلع بنسب تتراوح بين 7٪ و15٪ ومعظم هذه السلع مدخلات إنتاج للمصانع وبالتالي من المتوقع حدوث زيادات بنسبة لا تقل عن 20٪ من قيمة السلع التي ستشملها الزيادة وهذا نظرياً يفترض أن يؤثر في التضخم وتسبب بعض الزيادات فيه لكن بالمقابل بعض الزيادات الجمركية تعتبر بمثابة رسوم حمائية لتخفيف الإغراق كما في رسوم الأسمنت والبورسلين .
وأضاف لكن بشكل عام معظم السلع عدا البنزين ليست سلع مؤثرة ولن تتأثر السوق برسوم زيادة البنزين لأن أسعاره أصلاً متذبذبة بحكم تذبذب أسعاره في السوق العالمية.
وأكد على أن الزيادات الجمركية الأخيرة غير مؤثرة بشكل كبير على الأسعار في السوق السودانية لأنها مع تنوعها وكثرتها تجنبت السلع الأساسية عدا الوقود الذي طالته رسوم طفيفة لن تؤثر كثيراً في توازن أسعار الوقود في السودان بفصل التذبذب الكبير في أسعاره في السوق العالمية.