28 فبراير 2023
القراء الأكارم نفتح هذه المساحة للأستاذ الطيب المكابرابي ليطل عليكم ويقدم رؤيته ايمانا بالرأي والرأي الآخر.
خلال قراءتي ومطالعتي لصحف الخرطوم أمس، لاحظت أنّ كثيراً من كُتّاب الأعمدة خصّصوا مساحاتهم للعلاقة بين الجيش والدعم السريع وخطابات البرهان ورسائله التي بعث بكثير منها من مناسبات اجتماعية بولاية نهر النيل، تناولت الاتفاق الإطاري وما سيترتّب عليه من علاقة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
في صحيفة واحدة كان ثلاثة من الكُتّاب على الأقل يطرحون الأمر بصورة تستهدف تعميق الهوّة بين الطرفين (الجيش والدعم السريع)، فقط لضمان وقوف السيد قائد الدعم السريع في صف تطبيق الإطاري حتى وإن لم ترض بذلك قيادات الجيش، وبالتالي الجيش بأجمعه!
شخصٌ واحدٌ هو الأخ الغالي شقيفات من تناول الأمر بموضوعية ورؤية تؤكد حرصه على الوطن قبل حرصه على الاتفاق الإطاري.
شقيفات الذي كنت استغرب رئاسته تحرير صحيفة “الصيحة” لعدم معرفتي به كصحفي، ولم يحدث أن التقيته إلا عبر مجموعات الواتساب، وتشاركنا نقاشاً كثيراً من القضايا عبر هذه المجموعات دون أن نكون على معرفة ببعض.
هذا الرجل تحدّث في عموده يوم أمس عن زيارات ومشاركة البرهان في مناسبات اجتماعية بنهر النيل، وقد أثنى على انتظام مثل هذه المُناسبات، ولكنه رأي أن يقتصر حضور المسؤولين فيها على المُعتمد كما يراه.
ثم إنه انتقد مخاطبة رئيس مجلس السيادة للجماهير المُشاركة والحاضرة، والتحدث عن قضايا قومية كان يجب أن يكون الحديث عنها في أماكن تختلف عن المُناسبات الاجتماعية والأهل والعشيرة.
الغالي شقيفات وبرغم معرفتي لانتمائه القبلي، تناول قضية الجيش والدعم السريع من زاوية تؤكد أنه حريص على عدم تحريض أحد الطرفين ضد الآخر، وإن السودان يحتاج بنيه ويحتاج ما يجمع لا ما يُفرِّق، وإن العلاقة بين الجيش والدعم السريع لا يجب أن تستثمر في تدمير الوطن، بل الواجب أن تتطابق كل وجهات النظر حول ضرورة أن تظل العلاقة بينهما قائمةً على أنّ السودان يجب أن يظل موحداً تحرسه قواته بما تملك من قوةٍ ومن سلاحٍ وعتادٍ.
ما أكبرته في الرجل صياغته أحاديثه بشكل مقنع لكل من يقرأها، ثم نقده رسائل رأس الدولة من مناسبات اجتماعية، مع تأكيده على أهمية مثل هذه المناسبات وحق أهلها في دعوة من يشاءون للمشاركة.
صحافتنا تحتاج من هُم في قامة شقيفات ومن يكتبون حرصاً على الوطن ويطرحون الرأي بشجاعة حتى في تصرُّفات رأس الدولة ليس تقليلاً من مكانته، وإنّما نصحاً وتصحيحاً ينبغي أن يكون.. ولكنا للأسف العلينا بكُتّاب لا تتعدى رؤيتهم نجاح المشروع الذي يُناصرون حتى وإن انهزم أو انهدم الوطن بأكمله..!