“الدعم المَرِن” ينقذ مجتمعات في دارفور من الفقر المدقع
“الدعم المَرِن” ينقذ مجتمعات في دارفور من الفقر المدقع
الخرطوم- فرح أمبدة
سانية كرو، بلدة صغيرة تقع في محلية كاليميندو، على بعد 3 ساعات، تقريبًا، بالسيارة من الفاشر عاصمة شمال دارفور، يسكنها حوالي 30 ألف نسمة، البلدة نائية ومناخها قاس، يعتمد سكانها على موسم الأمطار لإنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، البُنى التحتية شبه معدومة، اشتهرت بإنتاج محاصيل نقدية بجانب الصمغ العربي منها الفول السوداني والسمسم والمحاصيل الغذائية الأساسية مثل الذرة الرفيعة والدخن .
تحسين سبل الكسب
قبل ثلاث سنوات، أدرجت البلدة – ضمن بلدات أخرى- في نطاق برنامج يطلق عليه “برنامج مرونة الأمن الغذائي والتغذوي” من قبل منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) لكونها تتمتع بإمكانية إنتاج عالية للصمغ العربي، ومجتمعها لديه احتياجات واضحة لسبل العيش والتنمية الزراعية فوق أنه حريص على المشاركة بدليل أن عدد الأسر المستفيدة زاد من (400) في السنة الأولى، و (600) في السنة الثانية، بينما وصل عام 2022 إلى (1050) مستفيداً، بمن فيهم الشباب والنساء.
يتألف الدعم المقدَّم من مجموعة من الأدوات والمدخلات (بما في ذلك البذور المحسَّنة وشتلات الهشاب)، وإعادة تأهيل موارد المياه في القرية، وإنشاء هياكل مجتمعية وجمعيات نسائية، وتوفير الخدمات الإرشادية، وفتح خطوط النار، والتدريب وبناء القدرات على مدى إنتاج وحصاد وتسويق الصمغ العربي، ممارسات الحراجة الزراعية والمساعدة في التخفيف من حدة النزاعات وحلها، بما في ذلك الحوارات بين الشباب والنساء والزعماء التقليديين والشيوخ.
توفير البذور المحسَّنة
وحسب سكان من البلدة تحدثوا لـ(الصيحة)، أصبح مجتمع ساني كرو، يجني فوائد إدراج البلدة في برنامج الأمن الغذائي والتغذوي، فقد أدى توفير البذور المحسَّنة واعتماد ممارسات زراعة جديدة، إلى زيادة في إنتاج الفول السوداني والسمسم، يقول مشرفون على البرنامج: إن الزيادة وصلت إلى (80٪) أكثر مما كانت عليه في السابق، وقد عرف سكان البلدة طرق جديدة لتسويق منتجاتهم في العاصمة ومدن أخرى، بل إن شباب من أبناء القرية أبلغوا (الصيحة) بأنهم بصدد تسجيل جمعية لتصدير منتجات القرية من الصمغ العربي إلى خارج الحدود، لكن ما هو مبشر قولهم
بأن نساء ساني كرو أسسن جمعية خاصة بهن للمساعدة في إنتاج مجموعة من الخضروات والحبوب في “الجبراكات” القريبة من منازلهن، فضلاً عن ذلك بدأن في زراعة أشجار الجوافة والليمون.
وضع مشجع
ما يجعل من ساني كرو، بلدة أنموذجية لإنتاج الصمغ العربي، هو أن شجيرات الهشاب الصغيرة التي يزرعونها كشتلات تتميَّز بدرجة عالية من التحمُّل – حسب قول سكان البلدة لـ(الصيحة)، فهي لا تحتاج بعد زراعتها في موسم الأمطال إلى أي ري بعد ذلك وبعد أقل من خمس سنوات، سيكونون إنتاجها كاملاً، لكن هذا الوضع المشجع لا يخلو من عقبات تحد من تطوير زراعة الهشاب في المنطقة، فعلى الرغم من أن إنتاج الصمغ أخذ في الارتفاع، إلا أن سعر العائد للمنتجين لا يزال منخفضًا، ويرجع من تحدثوا للصيحة ذلك الى الافتقار إلى البُنى التحتية والطرق، والافتقار إلى وسائل النقل وضعف الوصول إلى الأسواق والمكانة القوية للسماسرة والتجار المحليين، ففي كثير من الأحيان يكون المنتج مجبراً لبيع منتوجه للتجار في بداية الموسم، حيث تكون الأسعار في أدنى مستوياتها.
مشكلة الحصاد وتسويقه
في دارفور وفي كثير من البلدات والقرى الشبيهة بساني كرو، يكسد الإنتاج ويبحث السكان عن بدائل للزراعة، نظرًا لبُعد الإقليم وانعدام البُنى التحتية جنبًا إلى جنب مع المناخ القاسي وانعدام الأمن رغم تحسُّنه في السنوات الأخيرة، ولمجابهة ذلك، برأي منظمة الفاو، لابد من البحث عن وسائل، لمعالجة حصاد الصمغ وتسويقه ويعد ذلك أمرًا أساسيًا لتحسين الأسعار، يقول سكان من ساني كرو لـ(الصيحة): (يكون الإنتاج كثيفاً في بعض المواسم، في مقابل بروز مشاكل ما بعد الحصاد تتعلق بالمعالجات المحلية والوصول إلى الأسواق.