27 فبراير 2023
قُلنا في مقالاتنا الحملة الإعلامية المُنظّمة ضد الدعم السريع وقائده (1) و(2) و(3) و(4)، إنّ الجيش مؤسسة وطنية معنيٌّ بها حفظ الأمن والعرض والأرض، إنه يجب أن يشمل كل أهل السودان جنوداً وضباطاً، وأن يبتعد عن العمل السياسي، ولا ينحاز لأي فئة سياسية، وأن يقوم بواجباته المهنية بعيداً عن التمحور، وهو جيشٌ له تاريخٌ قديمٌ، وهو من أعرق الجيوش في أفريقيا والعالم العربي، وهو جيشٌ أُسِّس على الضبط والربط، ولديه عقيدة قتالية ثابتة تقوم على ثوابت الوطن، وهو جيشٌ يحمي الوطن والدولة والبلد.
أما الدعم السريع، فهي قوات مقاتلة قامت بقانون مجاز من الهيئة التشريعية، ومصادق عليه من رئيس الجمهورية وتحت إشرافه وفق قانونه، ويقوده الفريق أول محمد حمدان دقلو منذ نشأته، ومهامه محددة وفق قانونه، ودخل في السياسة بعد ثورة ديسمبر 2018م نتيجة اختيار قائده بعضويته في المجلس العسكري الأول، ثم نائباً لرئيس مجلس السيادة في المرحلة التي تلت ذلك، وكان الانسجام واضحاً وقوياً بين الفريق أول البرهان والفريق أول حميدتي حتى كون الفريق أول حميدتي يكون نائباً للبرهان كان اختياراً من البرهان لانسجامهما، ولأنّ قوات الدعم السريع قوية ومقاتلة، وقد أبلت بلاءً حسناً في قتالها وفي كل معاركها، بل لم يصل الدعم إلى ما وصل إليه إلا بمساعدة الجيش له، وكان سنداً وعضداً للجيش.
وكان الرجلان بينهما انسجامٌ تامٌ لفترة طويلة، ولكن برز الخلاف بعد أن تغيّرت المواقف السياسية للرجلين نتيجة الاتفاق الإطاري والموافقة عليه من قِبل الفريق أول البرهان والمجموعة العسكرية في مجلس السيادة، والفريق أول حميدتي كان غائباً في الجنينة، علم عبر اتصال تلفوني أن المجموعة العسكرية وافقت على الإطاري وفي حضور الفريق عبد الرحيم دقلو.
ويقول حميدتي انه لما حضر من الجنينة، قابل السيد الفريق أول البرهان، وقال له نحن المجموعة العسكرية في مجلس السيادة وافقنا على الاتفاق الإطاري دون رجعة، وقال الفريق أول حميدتي إذن لا رجعه من الاتفاق. وقال الفريق أول حميدتي أعلن موقفي هذا، وقال له الفريق أول البرهان نعم، وهنا يعتقد الفريق أول حميدتي:
1/ إنه ملتزم بهذا الاتفاق الإطاري نتيجة لهذا الموقف وسوف يستمر في دعمه حتى النهاية من باب أوفوا بالعهود. إذن، الخلاف في هذا الأمر خلاف تقديري. ومعروفٌ أن الرئيس البرهان يستطيع أن يناور لأن لديه أكثر مؤسسة يقودها تختلف مواقفها.
أولاً موقف الجيش.
ثانياً موقف أغلبية الشعب.
ثالثاً موقف أكثرية القوى السياسية والأهلية والمجتمعية، هذا الموقف لا ينطبق على الفريق أول حميدتي.. هذا في إطار الاتفاق الإطاري.
أما في الإطار الآخر، فإن هنالك ضغطاً شديداً على العساكر من قبل فولكر والمجتمع الدولي ممثلاً في الرباعية والترويكا، ومعلوم لماذا الضغط عليهم.
1/ للموافقة على مشروع الاتفاق الإطاري، لأنه صناعتهم ويخدم أجندتهم.
2/ هنالك كروت ضغط أخرى مرفوعة ضدهم.
3/ اعتقادهم أن موافقتهم على الإطاري تعني حل مشاكل السودان الاقتصادية والمعيشية، مع أنّ الوعود الخارجية أغلبها هبوب.
4/ بيع الوهم من القحاتة لهم أن المجتمع الدولي والمدنية معهم مع أن المجتمع الدولي كذبه كبيرة.
5/ فوق هذا يصادف خلاف الرجلين هوىً في نفس النخب والمجموعات المحتكرة للسلطة.
إذن، هذا الخلاف غير أساسي، ولا يخص دمج قوات الدعم السريع في الجيش، ولا هو من طرف مؤتمر وطني ولا حركة إسلامية ولا فلول، ولكنه مصالح آخرين محلية وخارجية تستعمل الفلهوة والاستهبال السياسي والمجتمع الدولي، لتحقيق أغراض لا تستطيع تحقيقها عبر الوفاق الوطني ولا عبر صندوق الانتخابات، ولذلك نحن مُحتاجون في السودان لدولة المواطنة والعقد الاجتماعي حتى يستقيم أمر السودان، نتناول ذلك في المقال القادم.