لمن فاتهم الاستماع …
لما تتشابك وتتداخل عليك الأحداث تصبح بحاجة إلى اقتناص مفردة موحية تفلت من”العقل الباطن”، تكون لك بمثابة رقم سري للولوج الى داخل دهاليز تفكير وبرامج تلك الكيانات …
* في لقاء مطول على شاشة الحدث، ذكر القيادي بالجبهة الثورية ياسر عرمان مفردة (الجيش الجديد) ، ذلك من ضمن مكونات ومطلوبات مشروع السودان الجديد الذي تسعى الجبهة الثورية لترسيخه وتجسيده على واقع أرض (السودان القديم) …
* بحيث أننا سبق وأن سمعنا بأطروحة تحرير السودان وفلسفة (السودان الجديد) الذي يقوم على أنقاض السودان القديم، غير أننا، في المقابل، لأول مرة نسمع باطروحة (الجيش السوداني الجديد) !!
* وبطبيعة الحال سينهض هذا الجيش على عقيدة جيوش الجبهة الثورية، التي يفترض أن تكون الكتف بالكتف والقدم بالقدم والسلاح بالسلاح مع الجيش السوداني، إن لم تكن بديلًا له، ذلك حال نجاح نضال (الكفاح الثوري) في انتزاع حق إعادة هيكلة القوات المسلحة السودانية المخالفة ..
* على أن الجبهة الثورية في المقام الأول والأخير هي قوات عسكرية، لا تنتهي قضيتها بتسكين جراح قادتها في هياكل السلطة الانتقالية، فقضيتهم الأم تتلخص في عمليات تسكين جيوش الجبهة الثورية ودمجها في أجهزة الأمن الوطنية، وفق مرجعية وعقيدة جديدة تستوعب مشروع السودان الجديد .
* بمعنى أن ما تحمله الجبهة الثورية وتحلم به من مشروع، يمثل نظام حكم كامل بديل (لمشروع السودان القديم)، حتى الجيش يفترض أن يكون(جيش جديد لنج)، ليس له أية علاقة بجيش دولة السودان القديمة، التي يفترض أن ترسل إلى ذاكرة التاريخ بجيشها وأجهزتها، وربما بلغتها وديانتها وتقاليدها وكل متعلقاتها وموروثاتها البالية !!
* هنا مكمن خطورة ما ينادون به من إعادة هيكلة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، حسناً فعل عسكريو المجلس وهم يتنازلون عن كل شيء، سوى الاحتفاظ بإدارة ملف الأجهزة الأمنية حتى تكون بمنأئ عن عمليات التفكيك وإعادة التركيب، القضية المركزية للقوى اليسارية الثورية، ألم يخرج الحزب الشيوعي السوداني من العملية برمتها، عندما لم ينجح في تفكيك منظومة المجلس العسكري ..و… و…
* لا أعرف الى أي مدى تعي القوى الوطنية التي تشارك اليسار عضوية كتلة الحرية والتغيير، تعي سعي اليسار المتطرف إلى الوصول إلى محطة (هيكلة القوات المسلحة والمنظومة الأمنية)، في أي مرحلة من مراحل المرحلة الانتقالية، وأعني تحديداً حزب الأمة القومي والاتحاديين، على أنهم هم دون غيرهم الذين يمثلون (الدولة السودانية القديمة)، والذين يوصفون من قبل اليسار بالقوى الرجعية القديمة … وليس هذا كل ما هناك