من أجل أمنك والشعاع المختزل ..!!
إن من يستمع إلى الإشاعات والروايات المختلطة بالدماء والحديث عن الاغتيالات والتفلتات الأمنية ورائحة البارود المتوقع حدوثها أثناء عطلة عيد الأضحى المبارك وهي روايات غطت ساحات وسائل التواصل الاجتماعي فترة قبل العيد، وأثارت المخاوف ويكاد الإنسان يهرب من البلاد، لكن يحمد للأجهزة الأمنية كافة على رأسها قوات الدعم السريع والشرطة بأنهم بسطوا الأمن وجعلت المواطن يطمئن أكثر أن هذه القوات وفي مقدمتها القوات المسلحة وجهاز الأمن هي من يرسم لوحة وخريطة استقرار البلاد وأمن وطمأنينة شعبها بعد الاستعانة بالله أولاً وأخيراً، وإنني متابع عن كثب وملاحظ لمسيرة الشرطة السودانية بكل تشكيلاتها بدءاً من السجل المدني وإدارة مكافحة التهريب والمرور على سبيل المثال، فهي كل يوم تكتب لنا أدباً جديداً على سجل الشرطة في خدمة الشعب ورفاهيته، وعلى الرغم من غياب السلطة التنفيذية لمدة قاربت نصف العام، ولكن الخدمة التي تقدمها الشرطة للجمهور لم تتأثر ولم تتوقف، وهي بهذا تستحق أن تخاطب بلغة أخري تحتوي على شفرة أبجدية التضحية والتفاني ولن يستطيع أحد قراءتها سوى من أدركوا معنى وقيمة ما يقدمه البوليس والإيثار الذي يظهرونه من أجل الوطن والمواطن وإن من يشاهدهم والناس يتجولون مع أسرهم في الأعياد ومواصلة أرحامهم وأفراد الشرطة والدعم السريع مصلوبون على الشوارع ومداخل المدن في مشهد ولوحة تؤكد معنى وقيمة ماذا تعني الحياة والتضحية من أجل بقاء الوطن وسلامة أهله.
حقيقة تختلط المشاعر بعنف داخلنا وقد تتصارع ليصطفي منها بالنهاية أكثرها تعبيراً وقوة في المعنى والواحد منا يشاهد أفراد الشرطة والدعم السريع منتصبين وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وزخات المطر على رؤوسهم ويتحملون المعاناة بجسارة وفرح من أجل الوطن وفي نفس الوقت يتحملون الأذى من الذين يطلقون عليهم النعوت والصفات السيئة دون أن يعرفوا قيمتهم الحقيقية، لكن حقاً أن أفراد الشرطة والقوات المسلحة والشرطة والأمن العام تتحكم في تصرفاتهم وصبرهم حقيقة هم مدركوها أن زورقهم المبحر بخضم أزمات السودان السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإما يصبروا على الحال ويجلبوا مع آخرين الأمن والاستقرار ويهبون الحياة للبعض أو يكونوا جزءاً من أسباب بؤس السودانيين ولو قدر لهم الكلام لحدثونا بالمثير الخطر حول هذا الأمر إلا أنهم يعرفون مزاج السودانيين الحاد يكاد لا يثق بأحد، شعب يساوره الشك من كل شيء لذلك هذه القوات النظامية كثيراً ما لزمت الصمت وتركت الحقيقة تتحدث وليعرف الشعب بطريقته الخاصة أن هؤلاء الجنود البسطاء قد أغدقوا عليه من هدايا أرواحهم وراحتهم وحقوق أسرهم كي يرتاح وينام ملء جفنيه، لحظتها سينبذ البعض شكوكهم وأوهامهم ويقبلون جباه هؤلاء الأشاوس المجهولين في محبة وحبور ووفاء.
نحن بحاجة إلى ترسيخ الإلفة بين شعبنا وقواته النظامية كي نحظى بوطن عملاق ومستقر حتى يحدث الصمت المكان ويكسر حاجز الانزعاج المصنوع لدى البعض من أفراد الشعب تجاه العسكريين ويدرك الكل أن العسكريين ليسوا أعداء وليسوا ضد مصالح الشعب.
كثيرون تخونهم الذاكرة ولا يستحضرون جمائل الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن حين يقدمون على الإساءة إليهم بشيء من الاستياء والعتاب، لكن سيظل ويبقى جهاز رصد المشاعر الصادقة يطارد قلب كل من طلب خدمة من أي من هذه الأجهزة في ساعة عسرة ووجدها حاضرة فكت عنه كربته بكل أرجاء الزمن وجميعنا تابع لحظات إخلاء العالقين أثناء انقطاع طريق أمدرمان / جبرة الشيخ / بارا، وقد تقطعت بهم السبل إلا حبل الرجاء في الله، واصطلوا بنيران الخوف من المجهول وكانت تعلو اصوات النساء والأطفال بالصراخ وتعلو أصوات أسرهم بالجدال هنا وهناك حول مصيرهم المجهول.
أثناء تلك الأجواء المشتعلة عمت الفوضى وطلب النجدة وسائل التواصل الاجتماعي جمعت القوات النظامية أطرافها وصوبت نحو نجدة هؤلاء فانعطف لحظتها خطاب اللسان والأقلام ليقول بلغة مفهومة وواحدة إن المجلس العسكري الانتقالي قد تمكن من إخلاء العالقين بطريق أمدرمان بارا فهو خبر جلب المحبة وبين جزء مهم من أدوار وأثر الأجهزة العسكرية في لحظات المحن والكوارث العظيمة وبين كيف أن هذه القوات قومية والوطنية لا تفرق الناس على أساس اللون أو اللغة أو الاتجاه السياسي والجغرافي فالناس عندها سواء وهنا تكمن الثقة فيهم، وهي ثقة ممنوحة لهم من طبيعة تكوين هذه القوات ومجال عملها الذي لا يعرف التعنصر والمكر والانحياز الجهوي ـ إن الأجهزة العسكرية وحنكتها وخبرتها تتجسد بقدرتها على استخلاص العقار الوطني من السم الزعاف ولديها القدرة أيضاً في تجسيد واكتشاف خبث المتربصين بالوطن وشرهم وقدرتهم على دس الزعاف بالعسل السائغ، وفي كل الحالتين تتجسد أعنف معاني وقيمة هذه الأجهزة وضرورة بقائها في المشهد السوداني المضطرب، ولابد من الثقة فيها وكشف شعاع النور المختزل فيها كشريك أصيل في الاستقرار والتنمية بأنواعها المختلفة .