من العُرف المعمول به في الدول، أنّها تنص في مُقدِّمة أنظمة حكمها ودساتيرها على (دين الدولة ولغتها)، وتعلن هويتها من خلال ذلك، ومن يتتبع ذلك سيجد أنّ الدول الإسلامية تنص على أنّ الإسلام هو دين الدولة والتشريع الإسلامي هو مصدر التشريعات، وهذا ما سَارَ عليه الحال في بلدنا السودان على اختلاف الحكومات التي تَعاقبت على حكمه.
وللاستشهاد لذلك أسوق هذه النماذج:
المملكة العربية السعودية:
المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تَامّة؛ دينها الإسلام ودَستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله ولغتها هي اللغة العربية.
المملكة الأردنية:
المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مُستقلة ذات سيادة، ملكها لا يتجزّأ ولا ينزل عن شيءٍ منه. والشعب الأردني جُزءٌ من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابيٌّ ملكيٌّ وراثيٌّ.
الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية.
جمهورية مصر العربية:
الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومَبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
دولة الإمارات العربية المتحدة:
الاتحاد جُزءٌ من الوطن العربي الكبير، تربطه به روابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المُشترك.
وشعب الاتّحاد شعبٌ واحدٌ، وهو جُزءٌ من الأمة العربية.
الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدرٌ رئيسيٌّ للتشريع فيه، ولغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية.
دولة الكويت:
الكويت دولة عربية مُستقلة ذات سيادة تامّة، ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أيِّ جُزءٍ من
أراضيها. وشَعب الكويت جُزءٌ من الأمة العربية.
دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مَصدرٌ رَئيسيٌّ للتشريع.
جمهورية الصومال:
السِّيادة للشعب يُمارسها على الوجه المُبين في الدستور والقوانين. وليس لفئةٍ من الشعب أو لأيِّ فردٍ أن يدعي السِّيادة أو يزعم الحق في مُمارستها.
الإسلام دين الدولة.
جمهورية مُوريتانيا
موريتانيا جمهورية إسلامية لا تتجزّأ ديمقراطية واجتماعية.
باكستان:
الإسلام دين الدولة في باكستان.
المملكة المغربية:
تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية مُتعدِّدة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي.
وهكذا…
تَجد النّص والتّصريح في مُقدِّمات أنظمة الحكم والدساتير على دين الدولة ولُغتها..
يَا تَرَى لماذا أغفلت الوثيقة الدستورية الانتقالية المُوقّعة بين المجلس العسكري الانتقالي وقِوى الحُرية والتّغيير ذكر دين البلاد ولغتها؟!
وَقَد تَفَاجَأ النّاس في هذا البلد المُسلم العَظيم بالوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية التي وقّع عليها المجلس العسكري الانتقالي وقِوى الحُرية والتّغيير، فَقد تَفاجأوا بوثيقة لم تُراعِ حَال دولتهم ودينها ووصفها وعقيدتها ومنهاجها، فقد قرأوا في الفصل الأول في طبيعة الدولة: (جمهورية السودان دولة مُستقلة ذات سيادة ديمقراطية برلمانية تَعدُّدية لا مركزية تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المُواطنة دُون تمييزٍ بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس….).
لم يرد في وصف طبيعة الدولة بأنّ السودان دولة مُسلمة، وأنّها تعمل بالتشريع الإسلامي، وبحثوا في الوثيقة فلم يجدوا اسم (الإسلام) الذي هو دين أهل السودان، ولم يجدوا شيئاً يُفيد بأنّ هذه الوثيقة الدستورية وُضعت لمُسلمين!!
وبدأ النُّقّاد ينقدون هذه الوثيقة، ويبدو أنّها ستُحظى بنقدٍ كثيرٍ في الأيام القادمة، وعلى الجهتين اللتين أعدّتا ووقّعتا على الوثيقة العناية والاهتمام بما يُكتب في التعليق والنقد لهذه الوثيقة، ولطالما أنّها يجب أن تمثّل أهل السودان فليسمع المجلس العسكري والحُرية والتّغيير رأي أهل السودان في وثيقتهم وليعدلوا وفق ما هو عليه حَال السُّودان وغيره من الدول الإسلامية.. وفي ذلك أداء الأمانة وحفظ حق الشعب السوداني المُسلم وفي ذلك الاستجابة لصوت الحكمة والعقل.