26 فبراير 2023
قُلنا في مقالاتنا الحملة الإعلامية المُنظّمة ضد الدعم السريع وقائده (1) و(2) و(3)، إنّ الدعم السريع قوات سودانية وطنية، أُنشأت بموجب قانون مجاز من الهيئة التشريعية القومية بغرفتيها، وصادق عليه رئيس الجمهورية، وسبب إنشائها أنّ الحرب في السودان احتاجت لقوات خفيفة الحركة والتسليح، وقبلها كان يقوم بهذا الدور قوات حرس الحدود، وقادت معارك كثيرة، وانتصرت في كثير من المعارك التي خاضتها، وكانت تحت إمرة رئيس الجمهورية ويقودها منذ نشأتها الفريق أول محمد حمدان دقلو، وهي قوات ذات مهام خاصة، ومن مهامها مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب وحراسة الحدود، وهي لم تكن متواجدة في العاصمة الخرطوم، جيء بها عندما بدأت المظاهرات في الخرطوم، ولما اشتد أوار المظاهرات في الخرطوم، انحازت إلى الثورة مع قيادات الجيش وزال النظام، واُختير قائدها عضواً في المجلس العسكري، وانتشرت في الخرطوم ضمن القوات المشتركة التي حفظت الأمن في الخرطوم، واستمرت تؤدي دورها في كل ما أُوكل إليها من المهام، بل أُوكلت لقائدها مهام كثيرة بعد أن صار نائباً لرئيس مجلس السيادة، فكان رئيس اللجنة الاقتصادية، ثم رئيس وفد الحكومة للسلام في جوبا، واستلم ملف السلام، وبدأ قائدها ينتشر ويتمدد، خَاصّةً وأنّه يملك أدوات التمدُّد.
وهنا بدأت الحملة الإعلامية الأولى، وكانت حملة موجهة لحرقه وقتله معنوياً، بدأ ذلك باتهامه بفض الاعتصام، وأن قواته ترتكب مخالفات في داخل مدن العاصمة، واضطر لإخراجها إلى معسكرات في ضواحي العاصمة، واستمرت الحملة حتى صارت شخصية، وحتى اسمه حُرف من حميدتي إلى (حميرتي)، وإنّه رجل جاهل وإنّه أميٌّ، وإنّه تشادي.
وصارت القوات التي يقودها والتي دعمت الثورة أصبحت مليشيات، رغم أنها هي قوات رسمية وبقانون ويوجد في العالم شبيه لها.
وقطعًا، إنّ هذا الاستهداف مؤثرٌ جداً على هذه القوات وعلى قادتها، ولذلك مطلوبٌ من القائمين على هذه الحملة التفريق بين المواقف السياسية لقائد القوات، والعمل العسكري، بل مطلوبٌ التفريق بين الشخصي والعام والنقد الموضوعي والتجريح والتبخيس والازدراء والاستخفاف، لأنّ هذه المواقف تخلق غُبناً اجتماعياً سالباً، يترك أثراً غير إيجابي في المجتمع، ويُولد غُبناً لدى هذه القوات.
ولذلك، مطلوبٌ من الناقدين لهذه القوات وقائدها عدم شخصنة المواقف.
والمطلوب من قائد الدعم السريع، الوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، وأن تكون علاقته جيدة مع كل المجتمع السوداني، وأن لا يتورّط في مواقف وتباينات القوى السياسية، وأن ينسق مواقفه مع الجيش ولا ينزلق في منزلقات السياسة، لأن ممارسة السياسة بالنسبة له نفل، والأصل في الأمر مواقفه العسكرية المنسجمة مع الجيش والبرهان، وأن لا يستعدي أي قوى سياسية ولو اختلفت معه في الخط السياسي.. لأنّ الجميع أبناء السودان، ويشملهم حق المواطنة.
إذن، أعتقد أنّ السودان وطن الجميع من حق أي شخص أن يأخذ المنهل الذي يورده، ولكن من حق أي شخص أو جهة أن لا يستعدي لرأيه وموقفه، خاصّةً وأن السودان ملئٌ هذه الأيام بخطاب الكراهية والغبن الاجتماعي، مما يخلق بؤر توتُّر بين المكونات المجتمعية.
مطلوبٌ من عقلاء السودان، التدخُّل لحسم مثل هذه الأقوال والمواقف والتكتلات
لصالح الوطن، دون الاصطفافات للتيارات المتعارضة والهدّامة.
نهيب بكل الكُتّاب في الوسائط أن يراعوا ذلك، ويُفرِّقوا بين الخاص والعام والنقد الموضوعي وغير الموضوعي.
ولنعمل جميعاً لوحدة البلاد، ونبعد عن خطابات الكراهية التي تفتت النسيج الاجتماعي.