26 فبراير 2023
بس أسمعنا مرة..
الدنيا تبقى ما فيها مرة… والكون يلالي بهجة ومسرة
هكذا غنى المغني..
ولا أعلم إن كان الذي يخاطبه قد سمعه – ولو مرة – أم لا..
فإن كانت أنثى فقطعاً لم تسمعه..
وإلا لما صار شاعراً… فهكذا حال كل شاعرٍ لا تسمعه أنثاه..
من لدن مجنون ليلى… وحتى شاعر أسمعنا مرة هذا..
ومن حسن حظنا أنهن لا يستمعن لمن يعشقونهن… وحسن حظهم هم أنفسهم..
من حسن حظ الشعراء هؤلاء..
فلو أن الواحد منهم استمعت له أنثاه لانقلبت الآية… وبات هو من لا يسمع..
وذلك حين يضحى زوجها… فيُصاب بخرس الأزواج..
وتظل هي تتكلّم – وهو لا يسمع – حتى لحظة خلوده إلى الصمت الأبدي..
وكذلك الحاكمون – في بلادنا – لا يسمعون..
وهذا من سوء حظنا – وحظهم – عندما تتكشف الحقائق بعد فوات الأوان..
ويبقى قدرنا أن نردد كما الشاعر:
أسمعنا مرة… بس أسمعنا مرة… الدنيا تبقى ما فيها مرة..
ولكنهم لا يسمعون… لا يستمعون… ولو مرة..
فتظل الدنيا – دنيانا – ذاخرة بكل ما هو مر… بكل مرارات الفشل..
ولا داعي للتذكير بمناسبات أغانينا هذه… أو رجاءاتنا..
ولا التذكير بعديد المُناسبات التي تحقق فيها ما كنا نحذر منه..
ولكنا نكتفي بمثالين في كلمتنا هذه..
أحدهما قديم في عهد البشير… وثانيهما جديد في عهد البرهان..
والبشير هذا – بالمناسبة – كان من أسوأ الذين لا يسمعون..
كان أشد تطنيشاً من أنثى شاعر أسمعنا مرة..
ولذلك أمست دنياه مرة في نهاية المطاف..
ومن تحذيراتنا له عدم التمادي في العلاقة مع الصين مكايدةً لأمريكا والغرب..
وقلنا إن الصين تمارس استعماراً خفياً..
فهو ليس من قبيل الاستعمار القديم الذي انتهى في منتصف القرن الماضي..
وإنما هو ضرب جديد – وخطير – من الاستعمار..
ومصوبٌ نحو شعوب أفريقيا..
فهو استعمار تحت شعار الاستثمار… وفقاً لشروطٍ مذلة..
إما أن تدفع لنا نقداً… أو تدفع لنا أرضاً… هذه هي نهاية العلاقة الودية..
وحدث هذا – بالفعل – في نهايات عهد البشير..
والآن ظهرت دراسة حديثة تثبت صحة ذاك الذي كنا نحذر منه البشير..
ما كنا نحذره منه… ولم يسمعنا ولو مرة..
وهذه الدراسة جاءت تحت عنوان: استعمار المقايضة الصيني الناعم..
ولأنه ناعم ينخدع به كثير من الأفارقة..
وأشارت الدراسة إلى أن الصين امتلكت الآن نحو 7% من أراضي أفريقيا..
وما زال الحبل على الجرار..
وهو استعمار سبق أن حذر منه وزير خارجية أمريكا الأسبق تيلرسون..
كما حذرت منه هيلاري كلنتون..
وسمياه الاستعمار الحديث الأخطر… تجاه دول – وشعوب – القارة السمراء..
أما المثال الثاني فخاص بالبرهان..
فهو لم يسمعنا – أو يسمع لغيرنا – إلا في موضوع بيان تصحيح المسار..
ثم لم يعد يسمع… ولا مرة..
ولا مرة سمعنا في مسألة اختيار حكومة كفاءات مستقلة لحين الانتخابات..
وذلك أسوة بما فعل سوار الذهب عقب ثورة أبريل..
ولو أنه فعل لكنا في غنى – الآن – من هذه المماحكات السخيفة..
ولكان قال له الجميع: عداك العيب..
فهذا هو الإجراء الصحيح الذي درجت عليه فترات الانتقال في بلادنا..
ومن أراد أن يحكم فلينتظر الانتخابات..
لا أن يتكالب على السلطة – عن طريق الفهلوة – كما هو حال جماعة قحت..
والآن نحن أحوج ما نكون إلى هذه الخطوة..
فبالله عليك يا برهان: كفانا تسويفاً… ومماطلة… ومنحاً لقحت قيمة لا تستحقها..
فهي لا قيمة لها مطلقاً..
سواء حزبية… أو شعبية… أو سياسية… أو فكرية..
واشرع فوراً في تكوين حكومة تصريف أعمال بعيداً عن المحاصصات..
أسمعنا مرة!.