بكلماته الحبيبة وأسلوبه المُطلق في اللطف والفكاهة الىتية من دهاليز جماله المكنوز منذ صباه الباكر وببراعته في نظم شعوره الصادق كقصائد مُذهبة بألحنها بأسلوب السهل الممتنع، ودعنا العم الشاعر والملحن والإعلامي والمسرحي الأستاذ السر أحمد قدور وتحضرني هنا عبارته التي ما زال يتردد فينا صداها (إن شاء الله ما آخر وداع) متمنياً للوطن أن يعيش في أمن وسلام ورخاء وعزة وازدهار ليعلن نهاية مشواره في برنامج المجتمع السوداني الفني (أغاني وأغاني).
خلفه في المشوار الزميل والناقد مصعب الصاوي وبأسلوب مختلف تماماً في الرؤية لما قُدم في تاريخ البرنامج لاستعراض مراحل إشراقات الأغنيةِ السودانية العظيمة، ولعل العزيز مصعب كان أمام امتحان صعب، لكن في اعتقادي والكثيرين قد نجح بذكائه في أن يبث في حلقات هذا البرنامج في الموسم الماضي كأول موسم له ذخيرة مدهشة من المعلومات الموثوقة مع قليل النفس من الأكاديمي المهضوم لعامة الشعب، وما سرني في هذه التجربة احتفاظ البرنامج ببعض الأصوات المميزة في المواسم الماضية كإنصاف فتحي وعصام محمد نور الذي نتمناه في هذا الموسم وغيرهم، مع إضافة أصوات قد أبعدتها السنوات بغربتها وعثراتها ولها جمهورها العريض فقدناها وفقدنا فيها رحابة إنساننا و(القمري الفوق نخل الفريق) و(مشوار العصاري ورعشة الورد البِراري) لسنوات مثل عاطف السماني وهاجر كباشي، والتي بلغني اعتذارها هذا الموسم وأتمنى أن يكون الخبر غير صحيح، استطاع مصعب أن يعيدهم لجمهورهم فقد تابعنا تطوراً واضحاً لامتداد موسيقانا السودانية من خلال أصواتهم في هذا البرنامج فهي أصوات تدخل القلوب قبل البيوت بلا استئذان.
وما يطمئن حسب معلوماتي ويدفعنا للجلوس أمام شاشة قناة النيل الأزرق، أن هذا الموسم الثامن عشر، لبرنامج أغاني وأغاني، قد احتفظ بصوت نحسبه من الغوالي والدرر ولسنتها التاسعة في البرنامج هي المُطربة المتفردة (هدى عربي) فهدى قد سارت تدريجيًّا في طريق طويل، تحولَت فيه من فنانة ذات نطاق ضيق في تعبيره ووظيفته وأسلوبه، إلى فنانة تتمازج مع الصبغة الإنسانية العامة، والحضور الطاغي في بيوتنا السودانية فإننا نراها وثيقة الصلة بالحياة وبالمجتمع الإنساني الكبير وقد أكسبها ذلك في نفس الوقت صبغة الفنانة التي ترتكز إلى قاعدة جماهيرية دائماً ما تنتظر منها الجديد وفي اعتقادي أن هدى تظل هي الكرت الرابح لبرنامج أغاني وأغاني لكل المواسم لما تقدمه من اجتهاد واضح يليق بمشاهد يتعطش للمختلف في البرنامج كل عام.