في قضية تبديد (27) مليون دولار.. تبرئة شقيق المخلوع وآخرين
الخرطوم- محمد موسى
برأت المحكمة أمس، شقيق الرئيس المخلوع علي البشير، من الاتهام باستلام مال مسروق والثراء الحرام في مبلغ (27) مليون دولار، في قضية شركة سودابت.
وقررت المحكمة الخاصة المنعقدة بالمحكمة التجارية بمجمع الخرطوم شمال برئاسة القاضي محمد بشير، تبرئة مدير عام شركة سودابت السابق و(3) من أعضاء مجلس إدارة الشركة السابقين من الاتهام، فضلاً عن تبرئتها مدير شركة التقنية المتطورة من الاتهام علي ذمة القضية وأمرت بإطلاق سراحهم جميعاً ما لم يكونوا مطلوبين على ذمة إجراءات بلاغ آخر .
وأرجعت المحكمة تبرئتها المتهمين جميعاً من الاتهام في القضية وذلك لفشل الاتهام النيابة العامة في تقديم أي مستندات أو أدلة ترقى لمستوى إدانة المبرأين من الاتهام في الدعوى .
وفور إعلان المحكمة تبرئة المتهمين ضجت قاعة المحاكمة بعبارة التهليل والتكبير من قبل ذوي المتهمين فرحاً بالقرار، حيث فقد ذوي المتهمين السيطرة على أنفسهم وبدا كل منهم يذرف الدمع الحار لبراءة المتهمين وإطلاق سراحهم فوراً، كما دخل بعض منهم في سلام حار بينهم كتعبير لفرحهم.
لم يستغلوا مناصبهم
وقالت المحكمة في حيثيات قرارها بتبرئة المتهمين من الأول وحتى الرابع من تهمة استغلال الوظيفة العامة وخيانة الأمانة للموظف العام ومخالفة الموظف العام للقانون بغرض الإضرار أو الحماية على ذمة القضية وذلك لعدم تقديم الاتهام أي بينة حول ذلك ضدهما، فضلاً عن ثبوت أن المتهمين ليسوا موظفين عموميين بالدولة وذلك حسب لائحة تأسيس الشركة وشهادة تسجيلها بمسجل عام الشركات، كما نوَّهت المحكمة إلى أن المتهمين من الأول وحتى الرابع لم يجحدوا أو يبددوا أو يستفيدوا لمنفعتهم الشخصية أي من أموال بيع الأسهم من سودابت لهايتيك وذلك بحسب المستندات المقدمة من الدفاع وبعض شهود الاتهام بأن اتفاقية (الإيبسا) لسودابت نصت على ضم شركات أجنبية كانت أو محلية للعمل معها كمساهمة لاستكشاف البترول والمساهمة في تطويره ليعود بالتطور للبلاد، كما أنه ثبت لديها بأن المتهمين لم يسببوا خسارة للشركة الشاكية سودابت بشأن الحفر في مربع (سي) لاستخراج البترول وضياع الجهد والأموال سدًى وذلك لأن عدد من شهود الاتهام بينهم خبير فني في مجال البترول أكد حسب الدراسات بأن المربع محل البلاغ به إشارات بترولية ويمكن استخراج الزيوت منه، فضلاً عن أنه وحسب العمل في استخراج البترول يقبل الربح والخسارة، كما أفادت المحكمة في قرارها إلى أنه مثل أمامها شاهد عيان أكد لها بأنه كان شاهداً على قيام الشركة الصينية بمسح جيولوجي لاستخراج بترول من ذات المربع وطرحت نتائجها إمكانية استخراج منه مايفوق الـ(3) ملايين برميل، ونوَّهت المحكمة إلى أن المساهمة الاستشكافية يكون فيها أمر الربح والخسارة ولاترقى لمستوى المساءلة الجنائية حسب لوائح الشركة، ورددت المحكمة وأن حدث أي مخالفات فإن ذلك محله التحكيم وفق المعاملات المدنية، وأشارت المحكمة إلى أن مساهمة حكومة السودان ووزارة الطاقة والتعدين في شركة سودابت لايعني أن الشركة حكومية – لاسيما وأن عقد تأسيسها خاصاً ولديها ذمة مالية مستقلة ومختلفة عن الشركات العامة، إلى جانب أن الحكومة لاتستطيع اتخاذ أي إجراءات جنائية ضدها أو منسوبيها باعتبار أنهم بددوا المال العام في القضية لأنها تعتبر مجرد شريك فقط، وشددت المحكمة في سياق متصل بأن قانون الشركات الحكومية لسنة 2015م لم ينص على أن شركة سودابت شركة تتبع للقطاع العام – إلا أنه وبحسب مستندات الاتهام تم إدراجها كشركة عامة حكومية في التعديل الأخير الذي تم نشره في الجريدة الرسمية بوزارة العدل في تاريخ 21 /فبراير 2023م، ونوَّهت المحكمة إلى أن القرار جاء لاحقا ً على إجراءات الدعوى الجنائية التي وقعت في العام 2008م ولايجوز محاكمة المتهمين بموجب ذلك التعديل، لأن جميع السوابق والتشريعات القضائية ونصوص القانون نصت على عدم محاكمة متهم إلا بواقعة ونشاط إجرامي فعلي يقع وفق النص القانوني المحدد بعد ارتكاب الجريمة، وأردفت المحكمة بقولها: (لا تجريم أو أجزاء إلا بموجب نص قانوني ثابت) وذلك وفق ما أرسته التشريعات الإسلامية وقول الله تعالى الآية (15) سورة الإسراء 🙁 وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا).
سودابت شركة خاصة
في وقت نوَّهت فيه المحكمة إلى أنه ثبت لديها بأن المتهمين من الأول مدير عام الشركة السابق وحتى المتهمين الثاني والثالث والرابع أعضاء مجلس إدارتها السابقين لم يكونوا موظفين عموميين وذلك حسب لائحة وعقد تأسيس شركة سودابت محل الدعوى – وذلك حسب مستند المحكمة المودع بمحضرها، ونوَّهت إلى أنه وبمراجعة نصوص تأسيسها اتضح بأن المتهمين الأربعة لم يتم توظيفهم من قبل لجنة تشريعية أو عبر رئاسة الجمهورية وبالتالي فإنها شركة سودابت خاصة.
عدم ثراء شقيق المعزول
وأشارت المحكمة كذلك في تلاوة حيثيات قرارها إلى أنها توصلت إلى تبرئة المتهمين الخامس مدير شركة التقنية المتطورة عصام عمر، والمتهم السادس شقيق المعزول علي البشير في القضية من تهمتي الثراء الحرام من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، واستلام مال مسروق من القانون الجنائي السوداني وذلك لعدم ثبوت بأنهما قد قاما بالاستيلاء على الأموال العامة محل البلاغ والانتفاع بها لمصلحتهما الشخصية، فضلاً عن ثبوت للمحكمة بأنهما ليسا مؤسسين أو أصحاب أسهم لشركة هايتيك التي حوَّلت لها مبلغ (14) مليون دولار أمريكي، متبقي القيمة الكلية للبلاغ البالغ قدرها (27) مليون دولار أمريكي، مقابل الأسهم التي بيعت لسودابت، وشددت المحكمة على أن قيمة أسهم سودابت تم تحويلها عن طريق الشراء لحساب شركة هايتيك ومنها حولت لحساب شركة لاري كوم ولم يثبت للمحكمة تحويل أي من المبالغ في حساب المتهمين الخامس والسادس أو الاستفادة منها بصورة شخصية – وإنما اتضح للمحكمة من حيث أن المتهم السادس علي البشير ظهر اسمه فقط في عرض الأسهم للبيع علي الشركة الشاكية سودابت، إلى جانب ظهور اسم المتهم الخامس مدير الشركة التقنية المتطورة فقط كمفاوض بالإنابة عن هايتيك، كما عابت المحكمة علي الاتهام تقديم المتهمين لمحاكمتهما على ذمة البلاغ في شخصهما، وأردفت قائلة : ( وحتى وأن ارتكب المتهمون الخامس والسادس أي مخالفات في بيع الأسهم فإن ذلك يعتبر مخالفات إدارية لاترقى لمستوى تقديمهما للمحكمة الجنائية وإنما يتم ذلك حسب عقد الاتفاق وبيع الأسهم بين الشركتين وفق التقاضي المدني).