ماذا وراء قرار حل السيادي المرتقب؟
تقرير- مريم أبَّشر
تناقلت الوسائط الإعلامية معلومات تشير إلى أن ترتيبات محدَّدة يعتزم رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اتخاذها في مقبل الأيام يرجح المراقبون أن تكون جزءاً من الترتيبات لإكمال الفترة الانتقالية وذلك في سياق تكهنات تشير لقرب التوصل لاتفاق نهائي.
وكشفت المصادر في الخرطوم بحسب ما أوردته لـ(الجزيرة نت) عن أن رئيس مجلس السيادة يعتزم حل مجلس السيادة خلال أيام وتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسته، على أن يستمر في مهامه السيادية إلى حين التوافق على المستوى السيادي الجديد واختيار رئيس للوراء.
وقالت ذات المصادر القريبة من القصر الرئاسي: إن البرهان شرع في ترتيبات المرحلة الجديدة التي تعقب مغادرة المكوِّن العسكري السلطة وتسليمها إلى حكومة مدنية تدير البلاد خلال مرحلة انتقالية جديدة تستمر عامين إلى حين إجراء انتخابات عامة في البلاد، حسب ما ورد في الاتفاق الإطاري الذي وقّعه العسكريون في ديسمبر العام الماضي، مع تنظيمات تحالف قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي و قوى التحوُّل الديموقراطي.
وذكرت المصادر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيضم القيادات العسكرية في الجيش وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) والمدير العام للشرطة والمدير العام لجهاز المخابرات العامة.
ولفتت التكهنات إلى أنه لم يتم حسم المستوى السيادي الجديد الذي سيتم التوافق عليه في الاتفاق النهائي للقوى السياسية، منوِّهة إلى أن الراجح هو التوافق على جسم سيادي محدود أو رأس دولة من الشخصيات المدنية، لكن المشكلة في اتفاق سلام جوبا الذي منح الحركات المسلحة 3 مقاعد، في مجلس السيادة ولم يعدَّل الاتفاق في الورشة الأخيرة لمراجعة الاتفاقية.
إكمال التسوية
وعزا مراقبون ما ينوى البرهان القيام به يأتي في سياق استعجال تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل تشكيل الحكومة المدنية.
وفى إطار الترتيب للمرحلة القادمة وتحقيق اختراق في الأزمة السياسية السودانية يفضي لتشكيل حكومة مدنية تنهي حالة الاحتقان السياسي الذي لازم السودان منذ إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر العام قبل الماضي، فقد كشف مصدر موثوق أن وفداً إماراتياً سيزور الخرطوم لبحث تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية بالسودان.
الأقرب الثوار
ورداً على ما يثأر في الوسائط بشأن وجود خلاف بين البرهان وحميدتي، أكد أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات البروفيسور عبده مختار، أن الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” بات هو الأقرب للثورة والثوار، ويرى مختار في تصريح لـ(الصيحة) أن قرب حميدتي ومدافعته للثورة ليس جديداً عليه فهو أول من وقف نصيراً للثورة إبان اندلاع الثورة وقف ضد الرئيس المعزول، وأضاف أن حميدتي -الآن- هو داعم للحكومة المدنية، وأضاف: إذا صح ما نشره موقع “الجزيره نت” فإن رئيس المجلس السيادي يسعى لإبعاد الدعم السريع، لافتاً إلى أن الدعم السريع وقائده يمثل قوة داعمه للتحوُّل المدني وهو الأقرب للثورة والثوار، وأضاف مختار: حتى إذا تم دمج قواته في الجيش فإن قرار تحركها سيظل في يده، لأنها تدين له بالولاء، فضلاً عن امتلاكه قاعدة عريضة في الشارع، لأنه ظل يقف دائماً إلى جانب الثوار والحكم المدني.
مطالب قديمة
ومنذ انتصار ثورة ديسمبر، ظلت مطالب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وكل القوى السياسية ولجان المقاومة بلا استثناء، تدور حول أهمية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وذات المطالب جدِّدت في اتفاق جوبا، بيد أن الاتفاق الإطاري الذي وقع نهايات العام الماضي، بدوره منح قوات الدعم السريع وضعاً مستقلاً، حيث حدَّد القوات النظامية في الجيش والشرطة والمخابرات العامة والدعم السريع، رغم أن الأخيرة وقانوناً تتبع للجيش.
وظلت قيادات عسكرية باستمرار تطالب بوضع شروط قبل توقيع الاتفاق، تشمل وضع مصفوفة زمنية لدمج قوات الدعم السريع بنهاية المرحلة الانتقالية.
لا يمانع
من ناحيته ظل الفريق أول محمد حمدان دقلو، حميدتي، قائد قوات الدعم السريع يؤكد أكثر من مرة استعداده للاندماج في المؤسسة العسكرية، وأن هذا الأمر ليس موضع خلاف بينه والقوات المسلحة،ومضى للتأكيد على استعدادهم لدمج الدعم السريع في الجيش، وشدَّد في خطاب للشعب السوداني على أن الاتفاق الإطاري هو المخرج وأنهم سيمضون فيه إلى أخر الطريق بثبات، فيما ترى قوى الحرية والتغيير، المجلس المركزي، أن مواقف البرهان الجديدة بشأن الدعم السريع لا تعنيها في شيء، وترى أن وضع قوات الدعم السريع تم حسمه في الاتفاق الإطاري الذي نص بصورة واضحة على (جيش واحد بعقيدة جديدة)، ودمج الدعم السريع فيه، وكذلك جيوش الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، وعبر الترتيبات الأمنية كما وردت في اتفاق جوبا لسلام السودان.
وتأتي ورشة الإصلاح الأمني والعسكري (الترتيبات الأمنية)، والتي ترعاها الآلية الثلاثية الأممية الأفريقية، ومن المزمع عقدها خلال الأسابيع المقبلة بالخرطوم ضمن قضايا الاتفاق النهائي لحل الأزمة السياسية، ستضع الإطار الموضوعي والزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش، ومن خلال جلساتها سيحدِّد العسكريون الآليات الفنية للدمج.