الخرطوم- جمعة عبد الله
دفع بنك السودان المركزي سلسلة توجيهات للقطاع المصرفي في البلاد للحد من مخاطر الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة، بقرارات رقابية جديدة لتنفيذ اختبارات الضغط لحماية المصارف من المخاطر التي تتعرَّض لها من جراء الأزمات المالية الكبرى وإعانتها على مواجهة الأحداث السالبة، في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد الوطني بمرحلة ركود كبير بسبب السياسات النقدية الانكماشية، مما خلق بيئة خطرة على النشاط الاقتصادي، وتأثرت بذلك كثير من المصارف، سيما أن عملائها تعثروا عن السداد بفعل الآثار الجانبية للسياسات النقدية، في وقت يرى فيه بعض الاقتصاديين، أن بنك السودان المركزي يريد بهذا المنشور الأخير تحذير المصارف من الاندفاع في تمويل العملاء، وكانت مصارف تعتمد على الرهون العقارية لضمان استرداد قيمة تمويلها، بيد أن العقارات تعرَّضت لانهيار كبير في قيمتها بسبب الركود الاقتصادي.
تغطية المخاطر
وفسَّر البنك المركزي أسباب إصداره التوجيهات، قائلاً: القصد منها اختبارات استخدام المصارف تقنيات مختلفة لتقييم القدرة على مواجهة الأزمات، في ظل أوضاع وظروف عمل صعبة من خلال قياس أثر هذه الأزمات على مجموعة المؤشرات المالية للمصرف ودورها المكمل لأدوات إدارة الأزمات المصرفية، ووجه البنك المصارف بإعداد السيناريوهات اللازمة لاختبارات الضغط لتغطية 6 مخاطر تتضمَّن مخاطر السيولة، التمويل، السوق، التركيز، التشغيل، معدَّل العائد، مخاطر الاستثمار في الأسهم، وألزم البنك المركزي المصارف، أخيراً، بوضع استراتيجية محدَّدة لإدارة مخاطر السوق تتضمَّن في حدها الأدنى، موقف المخاطرة المطلوب في السجلات المحاسبية ومبادئ الإدارة في الظروف العادية، وفي حال التقلبات العالية في أسعار الأوراق المالية وأسعار الفائدة المحدَّدة في اللوائح الداخلية للمصارف التجارية وفروع المصارف الأجنبية، وتضمَّنت القرارات الجديدة توجيه المصارف بإدراجها رؤى محدَّدة لأصحاب حسابات الاستثمار المطلقة والمقيَّدة في برنامج اختبارات الضغط، ومخاطر التمويل المختلفة، بما في ذلك التمويل المتعثر، الأطراف ذات الصلة التي لها تعرضات كبيرة، مخاطر التمويل في المستقبل، التغيُّرات في متطلبات رأس المال، التغيُّرات في نوعية التمويل، مخاطر معدَّل العائد، وقيم الضمانات.
إجراء اختبارات
وألزمت التوجيهات كذلك، المصارف بإجراء اختبارات على محافظ التمويل للأفراد، محافظ تمويل شراء العقارات مقابل الرهن العقاري، والعقارات، ومعاملات المرابحة في السلع والاستثمار في رؤوس الأموال وأن تقيم برامج اختبارات الضغط، باعتبارها جزءاً من التأثيرات المالية التي تضر بسمعتها نتيجة عدم التزام أحكام الشريعة، لتعزيز ثقة الرأي العام باستقرار القطاع المصرفي،وذلك من خلال نشر نتائج اختبارات الضغط على مستوى إجمالي القطاع المصرفي لطمأنة الجمهور وأصحاب المصلحة إلى أن هذا القطاع قادر على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة.
ركود اقتصادي ومصرفي
بحسب إفادة المحلِّل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان، أن الاقتصاد السوداني يمر بمرحلة ركود اقتصادي كبير بسبب السياسات النقدية الانكماشية التي تبنتها وزارة المالية وبنك السودان بغرض خفض التضخم، ويعتقد أنها سياسات نتج عنها إقفال مئات المصانع السودانية أبوابها وتشريد العمال بجانب إفلاس كثير من رجال الأعمال السودانيين والأجانب العاملين في السوق السودانية، وقال: هذا الوضع خلق بيئة خطرة جداً للنشاط الاقتصادي وتأثرت بذلك كثير من المصارف، لأن مجموعة من أفضل عملائها تعثروا عن السداد بفعل الآثار الجانبية للسياسات النقدية الانكماشية.
تحجيم التمويل
وأوضح د. الفاتح أن بنك السودان المركزي يريد بهذا المنشور الأخير تحذير المصارف من الاندفاع في تمويل العملاء، لافتاً إلى أن تلك المصارف كانت تعتمد على الرهون العقارية لضمان استرداد قيمة تمويلها لكن العقارات تعرَّضت لانهيار كبير في قيمتها بسبب الركود الاقتصادي الكبير الناتج عن السياسات النقدية الانكماشية التي تبنتها وزارة المالية وبنك السودان، وقطع لن تفي العقارات بقيمة الرهونات وهذا يعني فقدان البنوك لجزء كبير من أموالها.
ضوابط متأخرة
ويعتبر أن منشور بنك السودان المركزي متأخر جداً، لأن البنوك السودانية تعرفت عملياً على آثار السياسات النقدية الانكماشية وبدأت في تقليل تمويلها وهذا بعني للأسف الشديد بحسب نظرة المحلِّل الاقتصادي إلى مضاعفة السياسات النقدية الانكماشية وربما تنتج عنه أزمة سيولة حقيقية في الاقتصاد السوداني وركود أعظم من الركود الحالي وبالتالي قد يحدث شلل للاقتصاد الوطني، وحث د. الفاتح بنك السودان المركزي على مراجعة السياسات النقدية الانكماشية لأنها نجحت في غرضها وخفضت التضخم من 426% إلى 83%، مبدياً قلقه من أن توشك أن تتحوَّل إلى كارثة كبرى، داعياً إلى إيقافها وضخ السيولة النقدية في الاقتصاد السوداني بشتى أدوات السياسة النقدية حتى لا يحدث شلل للاقتصاد الوطني يصعب حله بسهولة وقد تنتج عنه آثار سياسية وأمنية قد تطيح باستقرار السودان.