محمد البحاري يكتب: عمر الشاعر.. في الليلة ديك!
الثنائيات في الغناء السوداني دائماً نجد النجاح والإبداع حليفها والسبب في ذلك حسب تقديري لتقارب الوجدان أولاً قبل العمل الفني، ونجد الثنائيات بين الشاعر والمغني أو العكس أو بين الملحن والمغني أحياناً أخرى، وذلك في حالة التجربة التي بصددها وهي تجربة فنية ثرة يقف القلم عندها عاجزاً لما فيها من إبداع..
تجربة الملحن العميد معاش (عمر الشاعر) مع الفنان الراحل العندليب الأسمر (زيدان إبراهيم) وهي تُعتبر تجربة فنية يجب الوقوف عندها كثيراً، و(عمر الشاعر) واحد من مبدعي المؤسسة العسكرية وعذا يعتبر امتدادا لمقالاتنا فيما يخص الإبداع داخل المؤسسة العسكرية وما جاد على لسان عمر الشاعر نفسه انه عاش مع العندليب زيدان ايراهيم عشر سنوات متواصلة في غرفة واحدة بحي العباسبة الشهير بأم درمان وكان نتاج ذلك هذا الإبداع الذي ظل وسيظل خالداً في وجدان الشعب السوداني.
إذا وقفنا أولا عند اغنية (في الليلة ديك) للشاعر المرهف (بابكر الطاهر شرف الدين) فهي تعتبر واحدة من عيون الغناء السوداني وهي أغنية ملازمة للعاشقين في حلهم وترحالهم الوجداني وفي حالة الشوق والعتاب ترجمها في قالب لحني العميد (عمر الشاعر) وأخذها العندليب ورمى بها في حديقة العشاق فأصبحت مزاراً لكل العاشقين ولـ(بابكر الطاهر شرف الدين) أيضاً أغنية خالدة أخرى هي (مالك مجافي الناس) التي تغنى بها الفنان محمود علي الحاج.
الأغنية الثانية التي وددت الوقوف عندها هي اغنية (قصر الشوق) التي شكل فيها نفس الثلاثي حضوراً كثيفاً من الإبداع المشترك وكانت بالنسبة لي شخصياً هي أول أغنية جعلتني التفت للعندليب الأسمر وكان ذلك في فترة باكرة من الصبا من خلال تلفزيون السودان بصوت عمر الشاعر في برنامج تلفزيوني بحضور (زيدان إبراهيم) فكانت كمية من المشاعر والأحاسيس التي تجعلك تتخيل قصراً من الأشواق حاضراً أمامك من خلال اللحن والأداء.
من الأغنيات الخالدة والتي تعتبر أغنية عاطفية ووطنية في آن واحد أغنية (العزيزة) كلمات الرحل (سعد الدين إبراهيم) وخرج فيها (عمر الشاعر) بنفس الإبداع الذي جمعه مع العندليب لكن هذه المرة مع الفنان (فتحي حسين) وهو فنان مظلوم كثير وحتى هذه الأغنية في أحيان كثيرة لا تنسب إليه في اعتقادي أن الفنان (فتحي حسين) لو استمر مع ألحان (عمر الشاعر) لن يكون هو (فتحي حسين) بوضعه الحالي وهذه الأغنية تؤكد نجاح ألحان (عمر الشاعر) بعيدا مع ثنائيته مع العندليب (زيدان إبراهيم) وهذا يؤكد أن (عمر الشاعر) كالغيث أينما حل نفع.
ويطيب لي أن أذكر بأنني نظمت قبل عدة أشهر بصحبة أستاذي (سراج الدين مصطفى) بالتعاون مع (دار الخرطوم جنوب للغناء والموسيقى والمسرح)، جلسة فنية لـ(عمر الشاعر) صراحة ذُهلت من الحضور والتفاعل الكبير من الحضور مع هذا المبدع الذي ظل وجدانه يحمل على مر السنين الحب والجمال فكانت ليلة بحق وحقيقة بمنتهى الروعة والجمال سكب عليها بتواضعه وحبه للناس مزيداً من الألق حيث سرد فيها كثيراً من مواقف الأغنيات وتحدث عن علاقته بالراحل (زيدان إبراهيم).