تقرير: إنصاف أحمد
خلال فترة الحكم السابق، أقيمت العديد من المؤسسات الاقتصادية وغيرها والتي قد يراها البعض ليست ذات جدوى وإنما قامت لأغراض غير معروفة بجانب تهرب العديد منها من المراجعة. والمعلوم أن المؤسسات أو الشركات لها علاقة بالموارد العامة، ولكن اللافت للأمر أنها في العهد السابق أخذت منحى آخر حيث يتهرب العديد منها من عملية المراجعة فأصبحت امبراطوريات اقتصادية لا يحاسبها القانون، كما أضحت من أوجه الفساد الذي انتشر بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى إصدار رئيس مجلس الوزراء السابق محمد طاهر إيلا قراراً بحل عدد من المؤسسات وإعفاء مديريها العامين كالمؤسسة السودانية للنفط، وشركة السكر السودانية، كخطوة للإصلاح الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى وجود رضا من بعض الأطراف الاقتصادية، بعد أن شهد الاقتصاد أزمة طاحنة أدت إلى ظهور أزمات بصورة متكررة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تمت مواصلة الحملة من قبل المجلس العسكري بصدور قرارات بحل مؤسسات تتبع لرئاسة الجمهورية من بينها مفوضية مراقبة تخصيص الإيرادات، وشمل القرار إعفاء رئيسها أحمد محمد علي (الفشاشوية)، ومكتب سلام دارفور ورئيسه مجدي خلف الله، كما شمل قرار الحل المفوضية القومية للأراضي، وإعفاء أمينها العام عبد المعطي حسين هلالي ونائب رئيس المفوضية محمد شريف.
ويرى المراقبون أن الخطوة تصب في مصلحة الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في عهد الرئيس المخلوع والتي تساهم في معالجة مشاكل الاقتصاد التي طال انتظارها، حيث أصبحت مثل تلك المؤسسات امبرطوريات اقتصادية لا يطالها القانون ولا اللوائح، فأصبحت بؤراً للفساد في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد بجانب أنها تمثل جزءاً من مشكلة البلاد الكبرى المتمثلة في الخدمة المدنية، خاصة وأنها تستهلك الكثير دون مقابل، فالتغيير في المؤسسات لا يمثل حلاً إلا ما نسبته 10% فقط، إضافة إلى وجود مسميات وظيفية تقدر بـ30% يمكن الاستغناء عنها فيما ببرر البعض منهم أنها خطوة تتجه إلى تصفية حسابات مع بعض الشخصيات والمؤسسات.
ويرى الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي في حديثه لـ(الصيحة) أن مثل تلك القرارات جاءت لتصحيح الأوضاع في مؤسسات الدولة، وتنفيذ مطالب خبراء بإصلاحات عامة في الخدمة المدنية، مشيراً أن قرار الحل والدمج يفترض أن يكون على أسس واضحة ولا يرتبط بظرف اقتصادي أو سياسي طارئ، لافتًا إلى أن دمج أي مؤسسة يتم لاعتبارين اقتصاديين كون المؤسسة فاشلة لم تحقق أرباحاً أو الأهداف المرجوة منها، وهذا يتم بعد تقييم المؤسسة مالياً وتقديم تقاريرها المالية والأداء هل حققت أهدافها؟
وقال: كما يخضع أيضاً لاعتبارات سياسية تحددها الظروف الحالية والتي تتمثل عادة في إعادة هيكلة وتكييف مع متطلبات المرحلة وبند النفقات، مبيناً أن تلك المؤسسات استنفدت أهدافها سياسياً، لأنها كانت ضمن تنفيذ بنود اتفاقية سياسية في وقت سابق.
وأوضح أن البلاد تعيش مرحلة انتقالية في كثير من النواحي الاقتصادية والسياسية مما يتطلب إعادة النظر في كثير من المؤسسات الحكومية والعمل على إصلاح منظومة العمل الحكومي وإعادة إصلاح الدولة هيكلياً خاصة وأن البلاد تعاني من الترهل الإداري.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل أن حل أو إنشاء مؤسسات يتطلب في الأساس وضع دراسات مستفيضة تحدد الإيجابيات والسلبيات، يتم على ضوئها تقييم الموقف، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة): من المتوقع أن المؤسسات التي تم حلها مؤخراً تمت نتيجة لدراسات تم بموجبها اتخاذ القرار والتي تصب في المصلحة العامة دون الاعتبار لمصالح الشخصية أو السياسية، وطالب جبريل بتأجيل مثل تلك القرارات إلى ما بعد تكوين مجلس الوزاراء في الحكومة القادمة حتى تتم بالصورة المثلى، منوهاً لخطورة التعجّل في تلك المسائل دون دراسة متأنية لما لها من تأثيرات سالبة على الوضع بالبلاد.