خواتيم هذا الأسبوع حضرت بالقصر الجمهوري لقاءً مثمراً وجلسة عصف ذهني اقتصادي التأم بمكتب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس العسكري الانتقالي اللواء الركن. إبراهيم جابر إبراهيم وضم خبراء إعلاميين ينتمون الى المركز السوداني لدراسات وأبحاث الرأي العام، فهو لقاء تفاكري محض صبر فيه الجميع على بعض، وقد تحدث كل من كان حضوراً حيث ابتدر الدكتور حذيفة أبونوبة نائب مدير المركز السوداني لدراسات وأبحاث الرأي العام الحديث حول أهمية توافق أفكار الخبراء مع دوائر صناعة القرار الاقتصادي والاستفادة من المنصات العلمية كموجه وعقل استشاري وبيت خبرة مجانية لكل متخذي القرار.
وقد أعجبتني كثيراً عبارة قالها اللواء الركن إبراهيم جابر في معرض حديثه، وهو يحاول شحن همم الحضور وتعبئته ضد اليأس ومحاولة مقاومة الاستسلام للتحديات حتى لا تقعدهم عن العمل والاجتهاد.
وفيما يلي نورد عبارته نصاً: ( لا تتذكروا مآسي الماضي بل تذكروا السودان المشرق)، وهنا يرى جابر أن العصر الذهبي للسودان ونهضته الاقتصادية لم يبدأ بعد، لكنه بدأ يتشكل وأن العلماء والمفكرين عليهم أدوار عظيمة في تصويب النظر نحو المستقبل ووضع كل الآليات البحثية من أجل التقدم ولا يعتقلون أفكارهم في النظر لمآسي الماضي ونقده دون التبصر في قيم النهوض وشروطه.
ويعتقد جابر أن السودان حين شهد العالم مولد ثورة شبابه النضير الذين قدموا إلى الجيش أمام القيادة العامة في 6 أبريل كان في وضع حرج يستحق أن يهب الشعب لتوحيد جهوده لنجدته وانتشاله. كان مستوى طموح الشباب حد السماء، وبالتالي هؤلاء الشباب لا يقبلون بأي نظام دون طموحهم، ولا يحقق اهداف ثورتهم.
وسرني حديث جابر وتمجيده لشباب الثورة، ولم يخف إعجابه بحصافتهم وجسارتهم التي استطاعوا من خلالها إجبار الجيش على الانحياز إلى ثورتهم المجيدة، لأنه بحسب جابر أن القوات المسلحة قد رأت فيهم طينة الشخصية السودانية الأصيلة، وهي تبحر بمهارة في عباب الأمواج المتلاطمة، مشيرًا إلى أن الشباب أكدوا أن الأمم تبنى بسواعد بنيها، وليس أدل على ذلك، تغنيهم بالنشيد الوطني أيام الاعتصام. وأضاف جابر: (هؤلاء الشباب إذا مُنِحوا الفرصة يمكن أن يصنعوا واقعاً مختلفاً للسودان، وخلال فترة وجيزة) من تصميمهم وحسن إدارتهم للتحول المنشود، إذا استطاعوا الإمساك بالفرصة السانحة لتشكيل الأوضاع انطلاقاً من الرؤية العميقة التي استغلها المجلس العسكري رغم تحفظ الآخرين في بعض الممارسات التي تمت حول الاعتصام وداخله لكن المجلس العسكري استلهم من تصميم أولئك الشباب أفكاراً وإرادة لتحقيق الوحدة الوطنية والحفاظ على تماسك واشتراك الجميع في الانتصارات التي حققتها الثورة السودانية بعد انهيار النظام السابق، وما يجب ذكره هنا، أن إبراهيم جابر عسكري مثقف ومدرك، وهو كان أول دفعته في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، وقد عمل ضابطاً بالقوات البحرية لعشرات السنوات، وكان قد عمل ملحقاً عسكرياً بماليزيا لفترة سبع سنوات، وبذلك فهو يرى الأمور من وجهة نظر خبير مهني ورجل معاصر من خلال انخراطه في العمل الديبلوماسي العسكري لعدة سنوات، كما لا تتبدى شخصيته كضابط جيش وحسب وإنما شخصيته تكشف أنه لم يعد مزوداً بتعليم نخبوي في إحدى أرقى الجامعات السودانية، وإنما كنز وطني لم يكتشف في الماضي، ولكن كشفه التغيير، ولو لا التغيير لما أدرك الكثيرون أن القوات المسلحة بها كوادر علمية وإدارية، وهي بهذا الثراء المعرفي والثقة بالنفس، وهو يعتبر من أهم المكتسبات الاستراتيجية التي حققها السودان بخروجه منتصراً برجال أكفاء مثل اللواء إبراهيم جابر الذي يعتبر مفخرة وطنية بلغته الرفيعة، وهو يتحدث إنجليزية فصيحة وملم بتفاصيل الملف الاقتصادي السوداني بصورة مدهشة، مما يؤهله لعمل فرق واضح في الملف الاقتصادي هو فرق العمل التي يعمل معها من الخبراء والمخططون الاقتصاديون السودانيون الذين يستأنس بهم من وقت لآخر.
اللواء إبراهيم جابر أدهش أساتذة الاقتصاد، وهو يحكي بعمق عن أي مفردة تلتقط أثناء جلسة المفاكرة التي امتدت لفترة تجاوزت الـ (5) متواصلة، حيث خرج الجميع وهم أكثر سعادة بما سمعوه منه من بشريات وأمل في غد مشرق وناهض بسواعد وأفكار جميع أبنائه.
بث جابر روح الأمل في نفوس الجميع بأن السودان قادر على أن ينهض من عثراته وإزالة كل التشوهات وأنواع الفساد التي لحقت به خلال المراحل الوطنية السابقة في الثلاثين عاماً الأخيرة .