(أ)
قاسم أبوزيد .. شاعر غير عادي .. وهذا معروف ومؤكد بالضرورة .. اختط لنفسه خطاً شعرياً ابتعد به عن حال السائد والمألوف .. قصائده غير مكررة .. تكسر إطار العادية والرتابة .. فهو صاحب قلم مغموس في حبر التجديد والتجريب .. وكل مفردة أو قصيده عنده تمثل موقفاً إنسانياً شاهقاً .. وذلك يتضح بمعنى حينما نعاين ونتأمل معه:
ضليت هرب مني الأمل .. جنيت وجافاني الشروق …
حنيت وكنتي معايا في لمة دليب ..
شاشاي و في إيقاع حش المردوم ..
وفي جيد الزمن سوميت ..
مرقت على محطات السفر غربة …
و ما لقيتك أمل شارد ..
(ب)
وكما قال عنه الكاتب شهاب (هاهو ربان آخر في باخرة ( مصطفى سيد أحمد ) … قائد ماهر يعرف كيمياء البحر .. والطريق إلى اليابسة يقود الباخرة بمهارة وفن كما الفراش يتهادى فوق الموج .. يرتشف من كل زهرة أريجها .. ويحيله إلى عسل صاف يرفد به تجربة / مصطفى تلك الخلية الدائبة بالحيوية والنشاط .( قاسم ) يقاسمك الدهشة و الحضور يحيلك من مستمع إلى مستمتع و مشارك في صياغة النص الشعري …( أبو زيد ) يزيدك رقياً وألقاً … يسمو بك في فضاءات رحبة . ما أروع هذا القاسم المشترك بيننا و الراحل (أبو سامر) كما يحلو للبعض مناداته .
(ت)
انضم (قاسم) إلى ركب شعراء المفردة المجنحة ورفض السائد .. غيَّروا شكل الأغنية ورفضوا القوالب الجاهزة لأغنية كانت تخاطب الأنثى كأنثى عباءتها كلمات ضيِّقة وشفافة تلتصق بالجسد وجمل قصيرة لا تغطي سوى ركبتي الأسئلة .. شارك مع مصطفى في بداياته الغنائية .. وكان ميلاد مسرحية / ضو البيت – بندر شاه رائعة الأديب العالمي الطيب صالح، و أحالوا ذاك النص إلى سيمفونية رائعة، هو بالإخراج ومصطفى راوي غنائي للنص، بمشاركة مجموعة من فرقة (السديم المسرحية) .وكانت بحق تجربة مشرفة تهمس بميلاد شاعر من نوع آخر … رجل يطوع الكلمة ويغسلها بماء الجمال وبحروف من نور، تخرج المفردة منه وهي حية متحركة، فهو مخرج ، يخرج الدرر من فمه، ويخرجك من نفسك لترقص طرباً مع شعره.