الأزمة السودانية .. هل تنجح الجهود الروسية؟
تقرير- صبري جبور
أنهى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة إلى الخرطوم امتدت ليومين، أجرى خلالها مباحثات مع رئيس المجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو، بجانب جلسة مباحثات مع نظيره وزير الخارجية علي الصادق، تناولت القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها، بجانب الأوضاع السياسية بالسودان.. يرى خبراء ومختصون أن دور روسيا في هذه المرحلة مهم جداً، لجهة نفوذها في العالم، فضلاً عن تحركاتها الإيجابية تجاه قضايا السودان، والوقوف بجانبه في المحافل الإقليمية والدولية.. لذا الأمل معقود في الجهود الروسية أن تتكلل بالنجاح في نزع فتيل الأزمة السياسية السودانية.
مواقف داعمة
رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أكد حرص السودان على تطوير علاقاته مع روسيا ومع كافة دول العالم بما يخدم المصالح المشتركة.وأثنى البرهان خلال لقائه (الخميس) بمكتبه بالقصر الجمهوري، وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، على مواقف روسيا المساندة والداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن العلاقات بين الخرطوم وموسكو قائمة على التعاون وتبادل المنافع المشتركة بين البلدين.وأطلع رئيس مجلس السيادة وزير الخارجية الروسي، على التطورات السياسية الراهنة بالبلاد على ضوء الإتفاق الإطاري، مؤكداً التزام المؤسسة العسكرية بالخروج من العملية السياسية تمهيداً لتشكيل حكومة مدنية تقود لاستكمال الفترة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة.
مصالح مشتركة
(الخميس)، استقبل نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، بالقصر الجمهوري، وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والوفد المرافق له.
وقدَّم دقلو شرحًا للوزير الروسي، حول التطوّرات السياسية الراهنة بالبلاد، على ضوء الاتفاق الإطاري، والتزام المؤسسة العسكرية بالخروج من العمل السياسي، تمهيداً لتشكيل حكومة مدنية.فيما دعا نائب رئيس مجلس السيادة، إلى دعم الاتفاق الإطاري، لجهة أنه مخرج السودان.وبحث اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها في المجالات كافة، بما يخدم المصالح المشتركة، إلى جانب التطورات الإقليمية والدولية، فضلاً عن الأزمة السياسية الراهنة بالسودان، على ضوء الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في ديسمبر الماضي.
عالم متعدِّد الأقطاب
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن أن موسكو والخرطوم متفقتان على التوجه نحو عالم متعدد الأقطاب.وكشف لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره علي الصادق، على هامش زيارة لافروف إلى الخرطوم،أنه أجرى لقاءات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” (في وقت سابق الخميس)، ووزير الخارجية علي الصادق.
إصلاح الأمم المتحدة
في وقت قال وزير الخارجية علي الصادق خلال المؤتمر: بحثنا القضايا المشتركة والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتحدثنا عن التنسيق بين البلدين في الأمم المتحدة.وأضاف: “تحدثنا عن ضرورة تعاون البلدين في الأمم المتحدة واتفقنا على ضرورة إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي خاصة”.وأشاد الصادق “بموقف روسيا في عدد من القضايا فيما يتعلق بفلسطين وليبيا وسوريا”.وتابع: “السودان يدعم السعي الروسي لخلق عالم متعدد الأقطاب وكذلك العمل على خلق أمم متحدة تتساوى فيها جميع الدول في المنابر الإقليمية والدولية”.
أهمية السودان
يرى المحلِّل السياسي أحمد عابدين، أن روسيا تتحرَّك في عموم أفريقيا والسودان بالنسبة لها محطة مهمة فوصول وزير بحجم لافروف وهو أحد صناع القرار في روسيا ورجل بوتين دلالة على أهمية السودان لروسيا ولدى الروس علاقات قديمة ومواقف قوية في مجلس الأمن والمحافل الدولية لصالح السودان وروسيا عكس الأوربيين ليس لديها اهتمام بالديموقراطية ولا قضايا من شاكلة الدعاية الغربية بحقوق الإنسان والحريات ولا تتدخل في العصب الحي لدى الحكومات بقدر أنها مهتمة ببسط نفوذها وطرد الغرب من أفريقيا وهي تخوض الآن معركة تفكيك القطب الواحد فلذا تجد الوزير لافروف في ترحال دائم.
دولة مفتاحية
وأشار عابدين في إفادة لـ(الصيحة) أن موقع السودان وتأثيره وإمكاناته تجعل دولة مثل روسيا لا تتخطاه خاصة وأنه في ظل الأزمة يقف السودان في الحياد وغير مطلوب منه أكثر من ذلك ولدى روسيا استثمارات وعلاقات عسكرية، بجانب هنالك شركات ضخمة تعمل في مجال الذهب، ثم أن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية بطرد فاغنر الذراع الروسي الطويل والذي بدأ يأخذ حيزاً كبيراً في أفريقيا يجعل روسيا مهتمة بالشأن الداخلي السوداني .. فلذا ستسعى لضمان موقف لها وتأثير على حل الأزمة السياسية،وكذا فإن ذلك يخدم رغبتها في إعادة التفاهم في القاعدة الروسية في البحر الأحمر.
وقال عابدين: “أعتقد أن المؤسسة العسكرية السودانية لديها قناعة أكبر بالعلاقات السودانية الروسية أكثر من أي دولة أخرى.. و ن الضغوط الغربية لن تثمر لا في زحزحة موقف السودان من روسيا ولا تشكيل حكومة ضد روسيا”.
لافتاً إلى أن روسيا دولة مفتاحية وعلى يدها الآن تتشكل ثورة عالمية ضد الهيمنة الغربية والأمريكية ولن تخرج من أفريقيا والسودان خالية الوفاض، وأبان “لذا ستوجه النصح للعسكر بتوخي الحذر وستدعمهم معنوياً وستعينهم اقتصادياً ولا أعتقد أن الروس سيجتهدون كثيراً في الأحزاب السياسية السودانية فهذا ليس من اهتماماتهم.
زيارة مهمة
ويقول المحلِّل السياسي الفاتح محجوب، في إفادة لـ(الصيحة) “جاءت زيارة وزير الخارجية الروسي للسودان في ظل ظروف دولية ومحلية في غاية الاحتقان، وقال: “فعلي الصعيد العالمي جعلت الحرب الروسية الأوكرانية العالم يعيش ما يشبه أجواء الحرب الباردة، إذ تعرَّضت روسيا لعقوبات غربية غير مسبوقة على كل الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية وطالت حتى الرياضة..وتحاول القوى الغربية محاصرة النفوذ الروسي في أفريقيا ” .
وأضاف محجوب: “لذلك تعتبر زيارة سيرجي لافروف مهمة جداً لمستقبل النفوذ الروسي في القارة الأفريقية وهو سيكون سعيداً أن نجح في التقريب بين القوى السياسية السودانية، لكنه مهتم -حالياً- بالتباحث حول مستقبل القاعدة البحرية في بورتسودان وضمان أمن أفريقيا الوسطى وليبيا وحماية الاستثمار الروسي بالسودان خاصة في مجال التعدين، إضافة للتنسيق بين الطرفين حول القضايا السياسية في المحافل الدولية.
دفع “الإطارى”
يقول المحلل السياسي محمد علي عثمان ” المتتبع للمشهد السياسي السوداني والغموض الذي يعتري العملية السياسية والتعنت السياسي من كل أطياف المكونات السياسية جعل التحرك الأممي والمبعوثين الدوليين يتوافدون تباعا للخرطوم لدفع الاتفاق الاطاري والتأكيد على دعم الحكومة المقبلة اقتصاديا”.
وأكد عثمان في إفادة للصيحة أن دخول الجانب الروسي على خط الأزمة السياسية في السودان لايتعدى تأكيده على دعم الاتفاق الاطاري .. لكن الجانب الكبير في هذا الدخول يتمثل في الصراع الأمريكي الروسي في القارة الأفريقية ومايمثله السودان من عمق استراتيجي لبلدان القارة والتحركات الروسية في الدول المجاورة للسودان وتثبيت وجودها بواسطة حكام موالين لها.
وأضاف عثمان ” إذا الصراع الأميركي الروسي في منطقة القرن الافريقي هو عنوان لزيارة وزير الخارجية الروسي سيرجيو لافروف للسودان.
وأشار إلى أن العملية السياسية في السودان وماتشهده من تجاذبات وتقاطعات وتدخلات خارجية لدفعها للأمام جعل من العسير التكهن بماستؤول اليه في القريب العاجل.