عبد الله الزين جاه الله يكتب: التعليم في السودان لمن استطاع إليه سبيلا
7فبراير2023
“التعليم يصنع وطناً”، “التعليم هو أقوى سلاح من الممكن استخدامه لتغيير العالم”، أقوال تبين أهمية التعليم ودوره في صناعة الشعوب والنهوض بها.
ورد في الأثر “اطلبوا العلم ولو في الصين”، تأكيداً على أهمية العلم والسعي في طلبه بغض النظر عن المشقة، ولكن قائل هذه العبارة لو عاش في زمننا هذا لقال: “اطلبوا العلم ولو في السودان”، لأن طالب العلم في السودان يشقى أضعافاً مضاعفة عن طالبه في الصين.
مع التردي المتواصل للظروف المعيشية في السودان، تكرست عملية الفرز الطبقي الحادة في المجتمع، فقد ازداد الغنى وتمركز الثروة، مع قلة من الأغنياء من أصحاب الأرباح الكبيرة، وبدأت الأزمة تلقي بظلالها على الغالبية العظمى للشعب السوداني، وحتى على بعض الطبقات التي كانت تحتسب على أنها “ميسورة” الحال سابقاً، فمع تردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية للجنيه السوداني، ازدادت تكاليف المعيشة بشكل عام، وانعكست في أحد جوانبها على قطاع التعليم، والراغبين في التعلم.
فقد ازدادت تكاليف التعليم ومستلزماته بشكل كبير، فقد شملت سوء الأوضاع طلاب مرحلتي الأساس والثانوي، بالإضافة إلى طلبة التعليم الجامعي، بشقيه العام والخاص، في فرز طبقي مُجحف لا يعير المقدرة والزمكانية والتميز أي اهتمام!
فالفرز الطبقي أصبح جلياً في قطاع التعليم، ففي كل عام هناك من تقذفهم ظروفهم المعيشية الضاغطة بعيداً عن إمكانية استكمال تعليمهم من أجل العمل والإعالة، ولا علاقة بذلك لإمكانياتهم ومقدرتهم وتميزهم، بل لعجزهم المالي فقط.
يظن الكثير بأن طلاب الجامعات الخاصة هم أفضل حالاً مادياً من غيرهم، وبالرغم من أن هذا الكلام صحيح إلى حد ما، إلا أن ارتفاع أسعار الرسوم الدراسية لم يترك أحداً من شره!
فقد بلغت أسعار الساعات الدراسية في الجامعات الخاصة حداً عالياً جداً، يُضاف إلى ذلك، ومع ارتفاع أسعار المحروقات، رسوم النقل، الأمر الذي أصبح يشكل في حالات عديدة للطلاب المسجلين في سنوات سابقة ضعف الرسوم الفصلية.
فالفرز الطبقي أصبح أكثر تعمقاً حتى في الجامعات الخاصة أيضاً، ما يعني أن إمكانية التعليم أصبحت حِكراً على أبناء شريحة النخبة من الأثرياء، فالفرز الطبقي الجاري لمصلحة كبار الأثرياء يسحق كل إمكانية أمام الغالبية الفقيرة، مع غيرها من الشرائح الاجتماعية التي دخلت مرحلة الانسحاق هي الأخرى، ليس على مستوى إمكانية التعليم والتعلم فقط، بل على مستوى إمكانية التحكم بفرص الحياة نفسها، في توحش منقطع النظير تكرسه جملة السياسات الطبقية الظالمة المعمول بها، مما جعل تكافؤ الفرص في مختلف مراحل التعليم بالسودان أمراً قد نُسف، فالتعليم في السودان أصبح لمن استطاع إليه سبيلا ومجانية التعليم في السودان أصبحت من قبيل الوهم.
لذا يمكننا القول، إنّ الوزارة ومن خلفها حكومة الفترة الانتقالية عاجزة عن التخطيط، وعن اتخاذ القرارات الصائبة التي من شأنها توفير التعليم الجيد وفرص النجاح بعدالة لجميع أبنائها. فأصبح التعليم في ظل هذه الظروف ترفاً لمن استطاع إليه سبيلا.