الاتفاق السياسي الإطاري على المَحَك
الاتفاق السياسي الإطاري على المَحَك
تقرير- عوضية سليمان
نفى رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، السبت، أن يكون الجيش يخطط للانقلاب على الاتفاق الإطاري.
جاء ذلك في كلمة له خلال حفل زفاف جماعيّ في اليوم الثاني من جولته بولاية نهر النيل (شمال)، وفق بيان لمجلس السيادة الانتقالي.
وقال البرهان: “هناك من أفزعتهم – لم يسمّهم – جولاتنا، واعتقدوا أننا بصدد التنصّل من الاتفاق الإطاري”.
وأضاف أن “القوات المسلحة لا تخطط للانقلاب على ما اتفقت عليه، بل تسعى إلى أن يتوافق السودانيون ويتّحدوا لإخراج البلاد من وضعها الراهن، وهي ماضية في البحث عن الحلول التي يمكن أن تجمع الناس”.
وشدَّد البرهان، على أن الجيش ليس ضد أحد، وقد وقّع على الاتفاق الإطاري ألا يُقصي الآخرين، وأن يشمل النقاش حول القضايا المتفق حولها كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني.
كما دعا جميع الأطراف “للكف عن المضيّ بالعملية السياسية بمعزل عن بقية القوى السياسية”.
والجمعة، قال البرهان في مناسبة مشابهة بمنطقة “كبوشية” في ولاية نهر النيل، إن “الجيش لا يريد أن يمضي في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة، بل يريد مشاركة الجميع في تنفيذه”.
وفي ذات الاتجاه جدَّد نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، التزامه التام تجاه الإطاري. وقال: إن التزامه الكامل لا لبس فيه, باعتبار أنه يمثل نافذة أمل للشعب السوداني, وقال: سنسرع في خطوات الوصول لاتفاق سياسي نهائي يؤسس لسلطة مدنية.
التباين في تصريحات الرئيس ونائبه أربكت الساحة السياسية، لكن مراقبون ومحلِّلون أكدوا لـ(الصيحة) بأن تلك التصريحات تدل على أن المكوِّن العسكري علي قلب رجل واحد, من العملية السياسية, وأن هنالك توافق بينهما في الهدف, والحل بشأن الوصول إلى المدنية.
بينما يرى مراقبون بأن حديث البرهان يؤكد بأن القوات المسلحة لن تمضي في اتفاق تقوده وتسيطر عليه فئة محدودة، كما قال دون إشراك الآخرين، لذلك وصفوا حديث البرهان بأنه مربك لقوى الحرية والتغيير التي وقعت معه على الاتفاق الإطاري: وقالوا: إن حديثه يعني أنه قد وضع نفسه في موقع آخر رغم توقيعه على الاتفاق الإطاري، وأنه يحاول أن يقفز من مركب الاتفاق الإطاري، فيما اعتبروا أن نائبه محمد حمدان دقلو حميدتي، ثابت في موقفه وعلى التزامه بالتوقيع على الاتفاق الإطاري والمضي به إلى نهاياته نحو التحوُّل المدني.
تحوُّل مدني
ليس هنالك أي تباين وخلاف بين حديث كل من: رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، ذلك كان مدخل المحلِّل السياسي عبد الرحمن أبوخريس في حديثه لـ(الصيحة) حيث قال بأن المكوِّن العسكري حتى الآن كل تصريحاته في إطار الدعم والتحوُّل السلمي المدني للسلطة الانتقالية, وقال: إن البرهان منذ تصريحاته في كبوشية يلوِّح إلى الحل الشامل, وتصريحات أخرى بأنه لا يريد الانقلاب, وقال: كذلك حميدتي أجزم بالمضي قدماً في الاتفاق الإطاري، مبيِّناً أن الاثنين مكملين لبعضهما البعض.
وقال: إن حديث البرهان يدل على حرصه على الحل المدني للقضية السودانية، مبيِّناً أن الحل المدني يكون بشكل أوسع بعيداً عن الانقلاب وبطريقة موسعة وليست ضيِّقة. بقوله إنهم يريدان أن يكون الاتفاق اتفاق مفتوح, ويضيف بأن الحرية والتغيير المركزي رفضت أن يكون الاتفاق مفتوحاً بشكل كبير، ومن المهم أن نقول للمكوِّن العسكري إن تصريحاتك داعمة للتحوُّل المدني. نافياً وجود أي تضارب في تصريحات مجلس السيادة جميعها تصب في مصلحة الحل الواسع وبرفض الانقلاب على السلطة. وقال معلقاً: (حتى الآن السلطة لم تشكَّل عشان يتم الانقلاب عليها).
وقال أبو خريس: في تقديري إن التصريحات مفيدة وعلى المكوِّن المدني أن يستوعب تلك التصريحات بأن ليس فيها نوع من التباين، إنما هي حل شامل مدني للسلطة. ولأن الاثنين أكدا دعمهما للاتفاق الإطاري باعتبار أن الاتفاق دعا إلى حكومة عريضة، كذلك التعبير عن رفض الانقلاب، ويمضي قائلاً: لذلك لا أرى أي نوع من التنازع ما بين الرجل ونائبه, وإنما تماسك المجلس العسكري والذي هو مؤمن بالتحوُّل المدني.
عكس صراع
ولكن المحلِّل السياسي د. صلاح الدومة، اختصر حديثه لـ(الصيحة) حول تصريحات البرهان وحميدتي. وقال: إن البرهان انقلب على الانقلاب نفسه, وانقلب على الإعلان السياسي نفسه والوثيقة الدستورية, موضحاً بأن البرهان يدلي بحديث يستحيل تحقيقه, وأن الفريق الكباشي, قال: نحن لا يمكن أن نحمي وثيقة دستورية لم يتوافق عليها الجميع, ومن المستحيل أن يتوافق عليها الجميع, وإنما يتوافق عليها من وافق على الإعلان السياسي, وأي شخص لم يمض على الإعلان ليس له حق حتى يبدي رأيه في الوثيقه الدستورية.
طبيعة الشعب
وفي ذات الاتجاه يرى المحلِّل عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة) بأن تصريحات الاثنين برهان وحميدتي، تدل على أنهما أدركا طبيعة الشعب السوداني المتطلع للواقع الديموقراطي والمبادئ المفضية لها. لذلك تصريحات الاثنين تدل على أنهما ذاهبان إلى مبادئ الحكم المدني دون ما يكون هنالك تقاطعات من أي طرف وأن الشعب السوداني لن يتنازل عن القضايا الملِحَّة التي تعكر صفو المناخ الديموقراطي القادم لذلك لابد من أن تكون تصريحاتهما إيجابية.