لأجل الوطن
الغالي شقيفات
قريضة وتلس سلام بمفاهيم جديدة
نظّم مُواطنو قريضة وتلس، مهرجاناً اجتماعياً كبيراً ومشهوداً، جمع مواطني محليات تلس وسرقيلا ورجاج ودمسو، ومحلية قريضة بوحداتها الإدارية ود هجام وديتو، وكما يقول أهل المنطقة قريضة أم ضل بلد الكل، حيث شارك الأهالي بالرقص والغناء والفرق الرياضية، وقد تم تبادل الزيارات بين المحليات المعنية في ولاية جنوب دارفور، بحضور الملك يعقوب ملك قريضة والناظر الفاتح السماني ناظر الفلاتة، وتأتي هذه الزيارة بعد صراعٍ وقتالٍ في السابق بين المكونات الاجتماعية في هذه المحليات من الفلاتة والمساليت.
وكانت محلية قريضة في عهد التمرد يُطلق عليها الأراضي المُحرّرة، وقد تم تضليل المواطنين هنالك من قبل مجموعة جاءت من أقصى شمال دارفور على ظهر السيارات وفرضت سياساتها بقوة السلاح ومارست العديد من الانتهاكات، وبفضل حكمة أهل المنطقة تمّ تجاوز الصِّراعات والمرارات والغُبن وانتصرت على إرادة السلام والتعايش الاجتماعي على أجندة الإقصاء والهيمنة وخطاب الكراهية والسلطة، وهذا التعايش سلام محلي بإرادة محلية تجاوز اتفاقيات السّلام التي لم يستفد منها أهالي المنطقة، وكذلك الدور الحكومي ضعيفٌ حتى في تغطية الحدث الكبير والمُهم، ولولا مجهودات الصحافة المحلية في ولاية جنوب دارفور لم نكن نسمع بهذه الفعالية الممتازة.
ومن هنا، لا بُدّ أن نزجي التحية للزملاء الأستاذ محجوب حسون عبد الله الصحفي والباحث الإعلامي والأستاذ خالد التجاني والأستاذ إبراهيم المليك لدورهم في نشر فعاليات المهرجان، الذي بالطبع يحتاج إلى المزيد من النشر والتوثيق وأن تفرد له الإذاعات في دارفور حيزاً كبيراً للتداول والنقاش، لأن الفكرة جيدة وتحتاج أن تُعمّم على محليات دارفور ويمكن أن تستفيد منها حكومة الإقليم وحكومات الولايات التي سبقتهم عبقرية تلس وقريضة. وقطعاً مثل هذه الأفكار ليست موجودة في حكومات إقليم دارفور التي تفرّق قادتها للصراع مع القِوى السياسية وتركوا أمر الإقليم.
وبرأيي، هذا المهرجان أو الزيارات المُتبادلة بين المكونات الاجتماعية قد أزالت الكثير من الهواجس والتحفُّظات تجاه الأطراف وهي تُمهِّد لعمل اجتماعي كبير بين مكونات ولاية حنوب دارفور.
وقد أثبتت الرياضة أنها أداةٌ فعّالة التكلفة ومرنة لتعزيز أهداف السلام والتنمية، وكذلك دور الحَكّامات والقيادات الأهلية والشعبية والشبابية ولجان المقاومة، وأيضاً في هذا العمل هزمت الأجندات السياسية الخاصّة والكل همّه السلام وقبول الآخر.
من هنا، خالص التحايا للذين أنجزوا هذا العمل المفرح والمُهم لأهل جنوب دارفور، ونأمل أن تشهد هذه المحليات المزيد من التنمية وينفذ طريق نيالا – قريضة – برام وطريق نيالا – تلس، وتوفير المياه للرعاة في قوز دنقو ومنجنقري والتومات، وإن عجزت السلطات في ذلك سوف يخرج أبناء هذه المناطق المذكورة الذين التقيتهم أمس في أمريكا وحدّثوني عن مُعاناة تلك المناطق والظلم التنموي.