صورة ارشيفية لطالبات جامعيات
طالبات جامعيات يروين قصصا صادمة
الخرطوم: آية من الله
كشف طلاب وطالبات بجامعات سودانية لـ(الصيحة)، عن مصاعب جمّة واجهتهم خلال مسيرتهم الجامعية نتيجة تدخل أيادٍ في نتائجهم ودرجاتهم لأسباب متنوعة سياسية وشخصية، ولإجبار بعض الطالبات للإتيان بأفعال غصباً عنهن، إضافةً لأسباب إدارية وأخطاء كارثية من قِبل إدارات بعض الجامعات، وقال الطلاب إنّ أمزجة بعض الأساتذة تتحكّم في النتائج أحياناً.
واقترح طلاب يشعرون بأنهم مظلومون، مقترحات قالوا إنها عادلة ومُنصفة، إلاّ أنّهم أبانوا أن الجامعات في الغالب لا تعيد تصحيح اي مادة بعد ظهور النتيجة ومعظم أوراق الامتحانات يتم التخلُّص منها ورميها.
بعض الطالبات تحدثن بأسى وألم عما واجهن في بعض الجامعات الحكومية والخاصة.
طالبةٌ مُتفوِّقة راسبة!
في مشهد حزين مر عليّ، عندما كنت جالسة أمام مبنى عمادة شؤون الطلاب جامعة السودان في انتظار أن يتم الإعلان عن النتائج، جلست بجانبي فتاة كانت تبكي بشدة والكل يأتي ويشاهد هذا المنظر ويتأسّف، شدّني الفضول إلى معرفة سبب بكاء الطالبة، بعد مضي ما يقارب 15 دقيقة جاء عدد من الطلاب ما بين 15 إلى 20 طالباً وطالبة وبدأوا في مواساتها، بعد ذهاب الطالبة، بدأ الطلاب يتحدثون عن مشكلتها، كانت الطالبة الأولى على دفعتها لمدة عامين، أما نتيجتها في السنة الثالثة كانت إعادة السنة مع الرسوب في أكثر من 4 مواد.
من حديث الطلاب علمت أنها ليست مُتفوِّقة فقط، ولكنها كانت تدرس بعض الطلاب وتقوم بشرح المواد والمسائل الصعبة، لم تحس هي فقط بأن هذه ليست نتيجتها إنما جميع طلاب صفها كانوا يقفون معها، بل إنهم كانوا في حالة ذهولٍ تامٍ.
صديقة مُقرّبة منها قالت إنها لم تُصدِّق النتيجة وكانت متيقنة أن هنالك خطأً صاحب النتيجة النهائية.
قالت لي الطالبة الراسبة المتفوقة سابقاً، إنها طالبت بإعادة تصحيح النتيجة ولم ترفض الجامعة طلبها، لكنها فُوجئت أن نتيجة إعادة التصحيح كانت عبارة مقتضبة (تبقى النتيجة كما هي).
أسئلة مشروعة وكراسات في القمامة!!
بعض الطلاب شككوا في عمليات إعادة التصحيح التي تُجريها الجامعة، وقالوا إن الجامعة أصلاً لا تقوم بإعادة تصحيح أي مادة وأوضحوا أن التجارب تؤكد ذلك.
وتقول الطالبة (م. ن. ع) لـ(الصيحة): قبل فترة جئت الى الجامعة وذهبت الى دورة المياه في الجزء الخلفي من الجامعة، فوجدت كراسات الأجوبة ملقية على سلال المهملات، منها ما أُحرق ومنها ما لم يحرق، أخذت احدى الكراسات ونظرت إليه فوجدته نفس امتحان العام لتخصص آخر، وأضافت قائلةً: إذا كانت هذه كراسات الأجوبة فكيف ستقوم الجامعة بإعادة التصحيح؟
طلاب آخرون تحدثوا لـ(الصيحة) بقولهم: (عايزين يمشُّونا ساي عشان ما نتكلّم) ولكنهم في الحقيقة لا يقومون بأي عمليات لإعادة تصحيح، وأضافوا بقولهم: يفترض أن تكون لجنة محايدة وتتم إعادة تصحيح أي مادة بحضور الطالب المُتضرِّر.
تجربةٌ شخصيةٌ
شخصياً، حدثت معي مُشكلة في سياق هذا الموضوع عندما كنت طالبة بالجامعة، كنت وبعض الزملاء متفوقين، ودائماً ما نحرز المراكز الأولى على الدفعة، ولكن نتيجتنا في السنة النهائية كانت صادمة بالنسبة لي، بينما أحرز طلاب آخرون تربطهم علاقات قوية بأساتذة، نتائج باهرة للأسف الشديد، وعندما نظرت إلى درجاتي في المواد علمت ان هنالك تلاعبا كبيرا في بعض الدرجات وبعض المواد التي كنت أتوقع فيها درجات عالية جداً، ولكننا تقبّلنا الأمر ورفعنا الأمر إلى الله، لأننا نعلم قدراتنا جيداً.
مُناشدة طالب
طالبة خريجة في جامعة السودان كلية الهندسة تحدثت لـ(الصيحة) قائلة: في احدى محاضرات الرسم طلب منا الأُستاذ أداء واجب أثناء المحاضرة، عندما شارفت على الانتهاء، لاحظ الأستاذ إني استخدم يدي اليسرى، فطلب مني استخدام يدي اليمنى، حاولت أن أشرح للأستاذ إنني لا أستطيع الرسم باليد اليمنى، فما كان منه إلا أن قام بتمزيق الواجب أمام حشد من الطلاب وطلب منى إعادته مرةً أخرى، درّسني ذلك الأستاذ 6 مواد خلال سنواتي الثلاث في الجامعة، كنت أرسب فيها كل مرة حتى عندما كنت أجلس لامتحان الملحق كانت نتيجتي رسوبا في جميع مواده، ليس بسبب تلك المُحاضرة فقط، بل لأن والدي كاتب في الصحف الرياضية وكان يكتب لفريق مُعيِّن وكان الأستاذ يُشجِّع فريقاً آخر كنت أجد منه مُضايقات كثيرة، كان يطردني من المُحاضرة بدون أسباب، أحياناً كان يتناقش معي فيما يكتبه والدي دون أن يترك لي مجالاً للرد ويطردني بعد ذلك، كان ذلك محرجاً بالنسبة لي أن أُطرد أمام زملائي كل مرة، حاولت عدة مرات أن أكتب شكوى ضد الأُستاذ، لكن في كل مرة كان يتم نصحي بأن لا أقدمها حتى لا يزداد الأمر سُوءاً فمن الشائع عندنا أن كل من يقُدِّم شكوى ضد أُستاذ يتم طرده أو رفده من الجامعة، مع العلم أن الأُستاذ كان مديراً للقسم، ثم أضافت قائلةً: إذا كان هو مدير القسم فلمن سأقدم الشكوى؟ وأيضاً سمعت قصصَاً كثيرة مُتداولة بين الطلاب عن آخرين قدّموا شكاوى وتم طردهم، هذه القصص كانت مُخيفة بالنسبة لي ولكل الطلاب، لذلك لم يستطع أحدٌ متظلمٌ أن يقدم شكوى ضد أي أستاذ.
واصلت الطالبة حديثها قائلة: عندما تخرجت، لم أستطع الحصول على شهادتي، فقد كان عليّ النجاح في مواده، أخيراً بعد ثلاث سنوات من تاريخ تخرجي غادر الأستاذ الجامعة، فجلست للامتحانات مرة أخرى وأحرزت النجاح في كل المواد واستلمت شهادتي.
اختتمت الطالبة قائلةً: كنت أتمنى أن يأتي يوم تصل فيه شكوتي إلى كل البلاد، لأن هذه المشكلة هي قضية مُهمّة ومُؤرِّقة جداً لجميع الطلاب في البلاد وهي قضية ما زالت موجودة حتى الآن وبكثرة، ويمكن أن تكون سبباً في ترك أحدهم للجامعة أو قد تُسبِّب مشاكل نفسية وضغوطات للطالب، مِمّا يُؤثِّر على مستواه الأكاديمي، وأنا أتمنى من السُّلطات المُختصة وإدارات التعليم العالي النظر في هذا الأمر وأخذه على محمل الجد.
شرف البورد
في حالات متشابهة تحدثت لـ(الصيحة) طالبتان من جامعة إسلامية، قالت الأولى: عندما ذهبت لمطالعة نتيجتي، وجدت إنّني مسجلة غياباً في احدى المواد، ذهبت إلى إدارة الامتحانات وقدمت شكوى، أكدت فيها حضوري الامتحان تحت شهادة جميع زميلات صفي، وقد تمت مراجعة حضوري وأسمي اثناء الامتحان، انتظرت أن يتم الرد عليّ، ولكن النتيجة كانت سالبة لم تكترث الجامعة لشكوتي، أخبرتني احدى الصديقات أنّ الجامعة لن تعدل نتيجتي أبداً، لأن هناك ما يُسمى بـ(شرف البورد) ويعني ذلك أنه لا يتم تعديل أي نتيجة تم الإعلان عنها على البورد، وفي هذه الحالة لن يتم تعديل نتيجتي حتى لو علمت إدارة الجامعة أن الخطأ منها، وهذه المشكلة شائعة جداً في الجامعة، استسلمت بعد ذلك وتقبّلت النتيجة ولكني ما زلت أتساءل هل شرف البورد يعني أن يُظلم طالبٌ بسبب خطأ إداري من الجامعة ويتقبّل ذلك على نفسه؟
هجرت الجامعة بسبب البورد
قالت طالبة اخرى في حالة مشابهة: تركت الجامعة بسبب (شرف البورد)، نتيجتي كان بها رسوبٌ، طالبت بإعادة مُراجعة ثمّ إعادة تصحيح، علمت من احدى الموظفات أن نتيجتي نجاح في كل المواد، ولكن الجامعة رفضت تعديل النتيجة بسبب (شرف البورد)، كنت أذهب إلى الجامعة كل يوم وأُبدى احتجاجي على الموقف، يئست جداً وقدّمت استقالتي، اضطررت إلى إعادة امتحان الشهادة مرة اخرى حتى يُتاح لي التقديم بشكل نظامي مرةً اخرى ثمّ التحقت بجامعة أخرى.
في حديث لـ(الصيحة) مع إحدى طالبات جامعة بحري الأهلية قالت: تمّت طباعة احد الامتحانات بصورة رديئة جداً، مِمّا جعل الطلاب لا يستطيعون قراءة ما بالورقة، تحدّثنا إلى أحد المراقبين، فأخبرنا أن نؤدي الامتحان على مسؤوليته الشخصية، عند إعلان النتيجة وجدت أنني راسبة في المادة، وعندما عدت إلى المراقب أخبرني بأن الأمر خارج عن مسؤوليته وليس في يده شيءٌ لمُساعدتي، وان عليّ تقبل النتيجة، فاضطررت للجلوس لامتحان الملحق!
وقالت لـ(الصيحة) طالبة في احدى الجامعات الخاصة: دخلت إلى موقع الجامعة الإلكتروني لمعرفة نتيجتي، فوجدت أنّها رسوبٌ في ثلاث مواد، تخوّفت من تقديم طلب إعادة التصحيح، لأنّني كنت أعلم أنّ الجامعة لن تعدل نتيجتي حسب ما هو شائعٌ، أردت التأكُّد فاتصلت بأساتذة المواد للتأكُّد من نتيجتي، أكدت لي معلمة احدى المواد أنني قد نجحت بالمادة وأن الراسبين بالمادة ثلاثة طلاب فقط، مع العلم أنّ معظم طلاب صفنا كانت نتيجتهم رسوباً في هذه المادة، وأكد معلم آخر نجاحي في مادته، قدّمت طلب إعادة تصحيح، ولكن بقيت النتيجة كما هي واضطررت للجلوس لامتحان الملحق!!
قصة طريفة
حكت إحدى طالبات كلية بحري الأهلية قصة طريفة حدثت لها قائلة: وجدت بأنني نجاح في إحدى المواد التي لم أحضر امتحانها، ووجدت درجات عالية في مواد كنت أتوقع أنني سأرسب فيها، أما أكثر مادة كنت متوقعة نجاحي وتفوقي فيها كانت رسوباً، ضحكت الطالبة وعلّقت ساخرة (بخُّتوا لينا درجات ساي)!!
وروت إحدى الطالبات لـ(الصيحة)، قصة مُتداولة بين الجامعات قائلةً: كانت إحدى الطالبات تتحدّث إلى زميلتها وتنصحها بعدم الزواج من أُستاذ تقدم لخطبتها، وصادف أن ذلك الأستاذ كان مارّاً بجانبهم فسمع حديثهم فتوعّد الطالبة بأنها لن تنجح في مادته أبداً، وفعلاً رسبت في المادة هي وصديقتها.
ختام
خلال تناولي لهذه القضية، أبدى الكثير من الطلاب غضبهم وأسفهم لما يحدث من تلاعُب وإهمال في درجاتهم لأسباب أكثرها كان إهمالاً إدارياً، ومعظم التساؤلات كانت تدور حول متى سيتوقّف ذلك؟ هل سيأتي يوم يثق فيه الطالب بالدرجات التي تُمنح له من قِبل الجامعة؟ الكثير من الطلاب فقدوا أمل الثقة وبعضهم قال إنه قد توقّف عن المذاكرة لأنه يحس فعلاً بأن مجهوده لا يثمر بالدرجات التي يتوقّعها، وهناك من أبدى استياءه من الأساتذة الذين يستغلون سلطتهم ومشاكلهم الشخصية مع بعض الطلاب ومنحهم درجات الرُّسوب، وبعض القصص الشائعة والمُتداولة عن الطلاب الذين أعادوا السنة الدراسية أو تمّ فصلهم لأسبابٍ سياسيةٍ ولسان حالهم يتساءل، ما علاقة توجُّهي السياسي بتحصيلي العلمي؟ متى ستكون هناك رقابة على هذا الأمر؟ ومتى سينظر في أمر الشكاوى المُقدّمة من الطلاب؟ هل سيأتي يوم تُعدّل فيه درجات طالب مُتظلِّم أو يُعاد تصحيح أو مُراجعة مادته؟ ولماذا لا تعترف إدارات الجامعات بأخطائها الواضحة في حق الطلاب؟
نختم بمُناشدة للجهات المُختصة وإدارات التعليم العالي والجامعات بالنظر في هذا الأمر واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منه.!