رئيس المجلس القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي حسن هلال لـ(الصيحة):
توقيع وثيقة الإعلان الدستوري إنجاز كبير يجب الالتزام به
السودان في حالة فقر متعدّد الأبعاد
اتفاق الإعلان السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية (فأل خير)
يجب محاكمة من اعتدى على المال العام في الحكومة السابقة
لن نُشارك في المرحلة الانتقالية وسننتظر الانتخابات
إذا أُبعِدت الأغراضُ الذاتية ستتم الوحدة الاتحادية
وصف رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي حسن عبد القادر هلال، الوضع في السودان بأنه على حافة الخطر، وقال: الرؤية أصبحت معتمة وغير واضحة المعالم، وعزا ذلك للفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد، مشيراً إلى أن الثورة تمدّدت، وما حدث في مدينة الأبيض خير دليل على ذلك.
وقال: ما حدث هو نتيجة التباطؤ في توقيع الاتفاق على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، مؤكداً أن السودان ما زال في إطار المحاصصة السياسية. وقال: يجب أن يكون الحديث الآن عن الاقتصاد والحالة الاجتماعية، مبيناً أن السودان في حالة فقر مدقع متعدد الأبعاد.
وعن التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، قال إنه إنجاز كبير، نتمنى أن يلتزم به الجميع، وقال: هذه الثورة عظيمة لا تضاهيها إلا الثورة الفرنسية قبل مائتي عام.
وتخوف من أن تتحول إلى فوضى يتضرّر منها السودان.. وتطرق الحوار إلى عدد من المحاور إلى التفاصيل:
حوار: آمال الفحل
تصوير: محمد نور محكّر
*كيف يقرأ حسن عبد القادر هلال المشهد السياسي؟
نحن الآن على حافة الخطر، والرؤية أصبحت معتمة وغير واضحة المعالم، والاتفاق الذي من المفترض أن يتم في أسبوع ينتهي في أربعة أشهر، فمن المفترض أن يتم التوقيع على كل الاتفاقيات بنهاية شهر أبريل، ويتم تشكيل الحكومة في الثلاثين من أبريل، وتأخير تشكيل الحكومة نتجت منه مظاهرات واعتصامات وإراقة دماء. وفي تقديري أنه لم تكن الناس جاهزة، وهنالك فرق كبير جدًا بين أن يكون الإنسان ثائراً وأن يكون رجل دولة، فالواضح أن الثورة تمددت وتواصلت وما زالت حتى اليوم وما حدث في مدينة الأبيض خير دليل على ذلك. كل هذه الأشياء نتيجة للتباطؤ في التوقيع وتطوير الإجراءات، ومن المفترض أن يفرغ الناس من المحاصصة السياسية، لاننا ما زلنا في إطار المحاصصة السياسية، وكنت أتوقع منذ بداية شهر مايو أن يكون الحديث عن الاقتصاد والحالة الاجتماعية للسودان والسودانيين، لأننا الآن في حالة فقر مدقع مُتعدِّد الأبعاد، وهذه من الأشياء الخطيرة، كما أن النسيج السوداني الآن يوشك أن يتمزّق، فإذا تمزق النسيج السوداني اصعب لملمة الامور، كما أن كثيراً من دول الجوار تطمع في الحدود السودانية والموارد الطبيعية، ويعتبر السودان من أكبر الدول التي بها موارد طبيعية ولكنها غير مستفاد منها، كما أن الثوار وقعوا في خطأ كبير جداً، وهو الإقصاء، والعمل الإقصائي عمل خطير جداً، لأن الإقصاء يُولِّد الإقصاء، فمن استطاع أن يقصيك اليوم، سوف تقصيه في الغد، لذلك كنت أرى ان يكون الحوار مع الجميع، وقد أخطأ المجلس العسكري عندما احتكر الحوار مع قوى الحرية والتغيير.
وفي تقديري أن هذه القوى يجب أن تفلح في إرساء دعائم الحكم في السودان.
*لكن الآن تم التوقيع على الوثيقة الدستورية بالأحرف الأولى بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير؟
الوثيقة الدستورية التي تم توقيعها بالأحرف الأولى مع المجلس العسكري، لم أطلع عليها حتى هذا اليوم، بالرغم من أنني رئيس حزب، لكن في تقديري هو فأل خير، بالرغم من أنه بالأحرف الأولى، الأحرف الأولى تعني أنه قابل للنقد والتغيير والتبديل وقابل للإلغاء، ولكن نحن نعتبره (فأل خير)، ونعتبر أن هذا الاتفاق سوف يكون نهائياً.
*وكيف تقرأ التوقيع على الإعلان الدستوري؟
في تقديري الوثيقة الدستورية إنجاز كبير، نتمنى أن يلتزم به الجميع، وأنا من خلال هذا اللقاء أتقدم بالتهنئة الحارة للشعب السوداني الثائر العملاق الذي فجر أعظم ثورة في تاريخ السودان المعاصر، كما أتقدم بالتهنئة للمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لهذا الإنجاز الكبير، وأتمنى أن يحتكم الجميع لنظام ديمقراطي تعددي. وفي تقديري أن الديمقراطية هي حكم الشعب ولابد من احترام سياسة حكم القانون واحترام الآخر.
*ماذا تقصد بكلمة (فأل خير) هل يفسر ذلك بأنه يسير في الاتجاه الإيجابي؟
الآن يسير في الاتجاه الإيجابي، لكن لا بد من التوقيع النهائي، وذلك لكي يطمئن الشارع السوداني وتنتهي حالة الفوضى، لأن هذه الثورة ثورة عظيمة لا تضاهيها إلا الثورة الفرنسية قبل مائتي عام، كما أنني أخشى ما أخشاه أن تتحول هذه الثورة العظيمة إلى فوضى عظيمة يتضرر منها السودان ويتمزق، ونكون في حالة يُرثى لها.
*وما المطلوب من الجانبين؟
الطرفان الآن، المفروض أن يكونا شريكين في هذه السلطة، فالثورة هي ثورة شعب، وليست ثورة قوى الحرية والتغيير حتى من كان في السلطة تحول إلى ثورة، والحرية والتغيير تم تأسيسها وتم توقيع ميثاقها في يناير 2119.
فالثورة سبقت تأسيس مكونات الحرية والتغيير، فالثورة ثورة شعب، وأتمنى أن تكون الشراكة بين المدنيين والعسكريين في الاتجاه الصحيح. فالشراكة تستدعي أن يكون كل طرف له حق وحصة، وأنا كرجل اقتصادي وقانوني، لا أرى شراكة واضحة المعالم بين الطرفين، وتحولت الشراكة إلى مناطحة.
*لكن المشهد الآن يوضح عدم وجود خلاف بين المجلس العسكري وقوى الحرية، والخلاف كان بين مكونات الحرية والتغيير؟
العداء بين الشريكين بدأ منذ شهر ابريل وشهر مايو، لكن الآن بحمد الله، تم التوقيع على وثيقة الإعلان الدستوري، وما تم في تقديري إنجاز كبير، ويجب أن نضع النجاح أمامنا ونبتعد عن الفشل، فإذا سعينا إلى النجاح سوف نصل إليه، وفي تقديري أن التأخير والتباطؤ الشديد في العمل هو سبب المشاكل التي حدثت.
*في تقديرك، هل بهذا الاتفاق يمكن العبور بالسودان إلى بر الأمان؟
لا يتم ذلك إلا بعد تشكيل مجلس الوزراء، مجلس الوزراء هو الذي يمثل الحكومة، فإذا تم تشكيل المجلس معنى ذلك ان هنالك ثقة وسوف يذهب الناس إلى الأمام، فإذا لم يكن هنالك مجلس وزراء، معنى ذلك أن ليست هنالك حكومة، وسوف يصبح المجلس العسكري يدير الأمور بطريقته، لذلك لابد من خلطة بين العسكريين والمدنيين، كما أنه لابد أن تأتي حكومة قوية من كفاءات عالية لها آراء، لكن الآراء السياسية يجب ألا تطفح، وألا تطغى المصلحة الحزبية على مصلحة الوطن، ويجب ألا يأتوا لأغراض ذاتية وحزبية، وهذه من أخطر الأشياء، فيجب أن يكون من تم اختياره إنساناً متجرداً لخدمة الوطن، وأن يكون ديدنهم “نحن جئنا لنخدم الناس لا لنحكم الناس”، ويجب أن يكونوا كفاءات عالية ومخلصة وعدم الاعتداء على المال العام وحسن إدارة الاقتصاد والإصلاح الاقتصادي والمالي، وكل من شارك في الحكومة السابقة واعتدى على المال العام يحاسب أمام القضاء، أما من شارك حزبياً فلا يوجد حزب سياسي في السودان يحاسب حزباً سياسياً آخر، ومن يحاكم الناس جميعاً هو الشعب السوداني.
أما الذى اعتدى على المال العام، يجب أن تتم محاكمته محاكمة فورية.
*وماذا عن مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي؟
نحن في الحزب الاتحادي الديمقراطي قررنا ألا نشارك في المرحلة الانتقالية بأي شيء حتى نحتفظ بحقنا ورأينا فيما بعد الفترة الانتقالية، نوافق أو نرفض، هذا بعد الفترة الانتقالية.
*نفهم من ذلك أنكم لن تشاركوا في المجلس التشريعي؟
سوف لن نشارك في المجلس التشريعي، وسوف ننتظر قيام الانتخابات لكي نحتكم إلى الشعب، فالشعب هو مصدر السلطات، وليس مصدر التشريع.
*من خلال الفترة الانتقالية المقبلة هل يستعيد السودان مكانته دولياً وإقليمياً؟
من المؤكد ذلك، لأنه سوف تأتي حكومة منتخبة من الشعب وحكومة مدنية، وكلمة مدنية ليس معناها ضد عسكرية، بل ديمقراطية، حرية وديمقراطية تعددية وأحزاب وحكم الشعب واحترام حقوق الإنسان واحترام الآخر.
*أين الحزب الاتحادي الآن من هذا الاتفاق؟
الحزب الاتحادى بعيد كل البعد من هذا الاتفاق والمعلومات متوفرة لدينا من خلال الصحف ووسائل الإعلام، لكن لدينا مبادرات تم تسليمها للمجلس العسكري، وهي مبادراتنا وآراؤنا الحزبية الواضحة.
*برؤية اقتصادية، ما هو المخرج من المشكلة الاقتصادية الآن خاصة أن هنالك فجوة بين سعر الصرف والسعر الرسمي للدولة، يوجد تدنٍّ للجنيه السوداني واختلال في ميزان الصادر والوارد؟
دائماً ما نقول هنالك دولة صناعية عظمى، وليست هنالك دولة زراعية عظمى، لأن الإنتاج الزراعي إذا لم يتم تصنيعه وتم تصديرة من غير أن يُصنّع سوف نكون في حالة تعب وضنك، فمشكلة السودان هي الاعتماد على الزراعة المطرية، كما أنه يعتمد على الماشية وتصديرها للبلاد المجاورة، فالسودان لم يلتفت إلى تصنيع الإنتاج الزراعي، لذلك نحن دائماً في حالة فقر كبير جدا، وللخروج من هذا النفق المظلم، لابد من تحديد الأولويات، ومشكلتنا الأولى هي تصنيع الإنتاج الزراعي، لذلك لابد من عمل مجهود كبير جداً في الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي، وأخشى على السودان من تراجع الاستثمار الأجنبي.
*في تقديرك ما هي أولويات الحكومة القادمة؟
لابد من الاستفادة من أخطاء التجارب الماضية خاصة تجربة الديمقراطية الثالثة، وهي انتفاضة خمسة وثمانين، كما أنه يجب التركيز على التنمية الاقتصادية والإنسانية والبشرية فالتركيز على السياسة وإهمال الاقتصاد يُطيح بالسياسة والاقتصاد، ففي السابق السياسة هي التي تقود البلاد، لكن الآن العالم أقر بأن الاقتصاد هو الذي يقود البلاد، لذلك لابد من حكومة جديدة، والحكومة التي تأتي ما بعد الفترة الانتقالية، لابد أن تهتم بالاقتصاد والتنمية الاقتصادية الشاملة، كما أن هنالك التنمية الريفية المتكاملة حتى لا يزحف الريف على المدن، ويترك الحقل الزراعي.
*ظلت أشواق الاتحاديين ترنو للوحدة الاتحادية
لكن بالرغم من ذلك توجد انشقاقات داخل الحزب ما هي دواعي هذا التشرذم والانشقاقات وهل لديكم رؤية للوحدة الاتحادية؟
كلمة أشواق هذه ليس من مفردات الاتحاديين هذه مفردات الإسلاميين، وأشواق الإسلاميين عبارة عن عواطف من غير برامج, لكن نحن كاتحاديين نتحدث عن الوحدة الشاملة لكل الفصائل الاتحادية من غير غرض ولا مرض، كما أننا ندعو لعدم التشبث بالقيادة، ومن أخطأ في حق الحزب يتراجع للخلف, والمؤتمر العام للحزب يقدم من يشاء، وأنا متفائل جداً بوحدة الاتحاديين، وسوف يتوحدون إذا أبعدت الأغراض الذاتية والمنافع الشخصية، فبرنامج الحزب الاتحادي الديمقراطي ثابت، فهو الحزب الوحيد الذي لم يغير برامجه، فبرنامجنا هو الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، والاعتراف بالآخر كما قال الزعيم إسماعيل الأزهري الحرية لنا ولسوانا، والحرية نور ونار من أراد نورها فليصطلِ بنارها، لذلك نحن مع الوحدة بديمقراطية وحرية.
* في الآونة الأخيرة تزعّم الشباب الثورة داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي مطالبين بقيام المؤتمر العام للحزب، وهم الآن من يُسيطرون على قيادة الحزب؟
قامت ثورة من الشباب واحتلت المركز العام وهزمت الأمين العام السابق المكلف، ونحن في القيادة الجديدة قمنا بإعطاء الشباب 80% من الفرص، أما الكبار والجيل المتوسط يمثلون 20%، لأن الشباب يمثلون الحاضر والمستقبل كما أن هذه الثورة هي ثورة شباب ومهمتنا الآن هي تسليم الراية للشباب، وشباب الحزب الاتحادي يمثلون 76% من الثوار، وهذه تقديرات عالمية.
*وماذا عن انعقاد المؤتمر العام للحزب الاتحادي الديمقراطي؟
انعقاد المؤتمر العام سيكون يوم التاسع عشر من ديسمبر 2119، وهذا هو يوم إعلان الاستقلال من داخل البرلمان.
*يرى عدد من المراقبين أن تأخُّر انعقاد المؤتمر العام للحزب من أسباب تشرذمه؟
هذا صحيح، لأن تأجيل انعقاد المؤتمر العام ليس يوماً أو يومين، فمن المفترض قيام المؤتمر منذ سبعة أعوام، والتأجيل هو سبب هذا التشرذم.