انطلقت دُون أبرز المُوقِّعين: ورشة السَّلام.. هل تُمهِّد لانضمام الكِبار؟!
الخرطوم- صلاح مختار
بَثّ رئيس الآلية الثلاثية فولكر بيرتس، تطمينات مُهمّة للحركات المسلحة المُوقِّعة وغير المُوقِّعة على اتفاقية سلام جوبا، بأن هدف ورشة اتفاق السلام ليس تعديل أو إلغاء أو رفض اتفاق جوبا للسلام، وأضاف “بالعكس هنالك تشويشٌ وشائعاتٌ، لذلك يجب أن نقول إنّ الهدف هو التركيز على استكشاف دوافع النزاع والظروف التي تؤثر على الناس في مناطق النزاع ومعالجتها بشكل أفضل وسُبُل تحسين تنفيذ وإنعاش اتفاق جوبا للسلام مع الحفاظ على مكاسبه”.
وأكد خلال فاتحة ورشة اتفاق السَّلام، أنّ الورشة تهدف إلى استكشاف الأفكار من أجل تمهيد الطريق لاستكمال عملية السّلام مع الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد. وقال فولكر “يؤسفني أن بعض المُوقِّعين الرئيسيين على اتفاق جوبا للسلام غير موجودين اليوم ومشاركتهم في المناقشات أمر بالغ الأهمية”، وتابع “ستواصل الآلية الثلاثية كل جهودها لتشجيع مشاركتهم في العملية الجارية”.
ومع تطمينات فولكر، هل تُمهِّد انطلاقة ورشة السلام الطريق أمام انضمام بقية الحركات المُوقِّعة وغير المُوقِّعة الأبرز في الساحة؟.
مخرجات الورشة
ورغم غياب عناصر مُهمّة من المُوقِّعين على اتفاقية السَّلام مثل حركتي العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان، إلّا أنّ مُراقبين استبعدوا أن تُساهم مخرجات الورشة، في إقناع الحلو وعبد الواحد محمد نور, لجهة أن كل واحد منهما لديه شروطه ومواقفه, التي يريد أن يحققها من خلال التوقيع أو الجلوس مع أي طرف للوصول إلى اتفاقية للسلام، ورجّح البعض بأن حديث فولكر يبدو عليه الشعور بخيبة الأمل بسبب تلك الغيابات المؤثرة في الجلسة الافتتاحية، والتي قال “ستواصل الآلية الثلاثية كل جُهُودها لتشجيع مُشاركتهم في العملية الجارية”.
ونوّه المراقبون الى أهمية أن تُلبي الورشة رغبات الأطراف الحقيقية وخاصة حركة عبد الواحد نور وحركة عبد العزيز الحلو وحركة العدل المساواة، واعتبروا أن غياب الوسيط الجنوب سوداني سيضعفها.
رفضٌ قاطعٌ
وسبق أن أعلنت حركة العدل والمساواة، رفضها للمشاركة في ورشة تقييم وتقويم اتفاق جوبا للسلام. وكشف موقع “سودان حر ديمقراطي” بأن رئيس الحركة جبريل ابراهيم ابلغ مبعوث الأمم المتحدة للسودان، فولكر بيرتس، برفضهم القاطع المشاركة في الورشة، وفي السياق، ذهبت حركة جيش تحرير السودان جناح مناوي في نفس الاتجاه، حيث أعلنت رفضها تلك الدعوة جملةً وتفضيلاً، وحذّرت من أن يقود هذا الإجراء إلى مزيد من الاحتقان والاحتراب وإشعال نار الحروب العبثية، علماً بأنّ أيِّ إجراء يخص تعديل الاتفاقية يقوم عبر آليات مُوضّحة في الاتفاقية من ضمنها قوة الكفاح المُسلّح مُجتمعةً وآليات أخرى.
رافضو الاتفاق
وأشارت الحركة إلى أن دور بعثة “يونيتامس” يتمثل في تسهيل عملية تنفيذ الاتفاقية والسعي مع الضامنين للاتفاقية لتوفير الدعم اللوجستي والفني وتشكيل اللجان المنصوص عليها في بروتوكولات الاتفاقية، وليس من مهام البعثة الأممية تعديل او تقويض الاتفاقية مع أطراف لم يكونوا ضمن أطراف السلام وكانوا رافضين للسلام، وطلبوا من حركات الكفاح المسلح العودة إلى الغابة مرة أخرى. وطالبت الحركة، البعثة الأممية الذهاب إلى معسكرات النازحين واللاجئين وصرف تلك الأموال لأصحاب المصلحة الحقيقية بدلاً من صرفها في قاعات تجلس فيها أحزابٌ لم يعرفوا عبر التاريخ مُعاناة الشعب السوداني، ولم يزوروا تلك المناطق التي تكتوي بنيران الحروب التي يشعلها المركز ضد الأطراف!!!
مُبادرةٌ إقليميّةٌ
ويقول المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر، إن أول مرة أُثيرت فيها مسألة مراجعة وتقييم اتفاقية جوبا للسلام، كان في ورشة بيوغندا في أغسطس الماضي، حيث شاركت فيه مجموعات من المجتمع المدني والحركات وشتات المهجرين. وأكد لـ(الصيجة) أن الورشة مبادرة للمركز الإقليمي للتدريب لتقديم المجتمع المدني بدعم من منظمة البيئة العالمية. وقال ان الورشة بعد نقاشات مطولة أوصت بأنّ اتفاق جوبا يمثل أرضية جيدة لسلام السودان، لأنه يؤسس للفدرالية واعتماد الأقاليم والولايات على نفسها بأن تتعدّد مراكز اتخاذ القرار في السودان، بالتالي مسألة التنمية تحسم في الإطار الفيدرالي وفي إطار الديمقراطية وحقوق الإنسان ومراجعتها في كل المجالات.
تقييمٌ وتقويمٌ
وأكّد خاطر أنّ النقاشات أشارت إلى وجود عوائق كثيرة جداً لم تمكن الاتفاق أن يصل الى نهاياته السليمة، ولم تتحرّك بسبب نقص التمويل الذي أدى إلى بطء الترتيبات الأمنية وغيرها من القضايا المختلفة، ولذلك النصيحة كانت في مرحلة من مراحل الورشة أنّ المجتمع الدولي يدعو كل الأطراف لمراجعة وتقويم وتقييم اتفاق جوبا باعتباره المدخل المناسب لأي شعور بالغُبن يؤدي إلى حرب. وفي نفس الوقت تأكيدٌ للعوامل الإدارية والمهنية والعملية التي تجعل بنود الاتفاق لصالح العملية السلمية نفسها لكل السودان، وأضاف: على تلك الخلفية أرحِّب ترحيباً كاملاً بها خَاصّةً في هذا الظرف الدقيق من مرحلة الانتقال الديمقراطي بالبلاد.
تعديلٌ وإلغاءٌ
ورأي المحلل السياسي والقانوني إبراهيم آدم إسماعيل أن حديث فولكر بأن هدف ورشة اتفاق السلام ليس تعديل أو إلغاء أو رفض اتفاق جوبا للسلام جيدٌ في سياق بث تطمينات للحركات التي رفضت المشاركة في الورشة، والتي أبدت من قبل تحفظات واضحة بشأنها. واستبعد انضمام الحلو وعبد الواحد للعملية الجارية. وقال لـ(الصيحة) بعد توقيع الاتفاق الإطاري للعملية السياسية، انطلقت مجهودات للتجهيز لانطلاق ورش التقييم، مشيراً إلى أن الملف يُعتبر من أهم القضايا الخمس ووصفه بالمحوري لمجمل العملية، وأوضح أن التقويم أو التقييم ينطلق من مبدأ أهم ما حقّقته الاتفاقية وهو وقف الحرب ويمتد إلى المضمون والممارسة، وأكّد أنّ الورشة تحقق مصالح الحركات المُوقِّعة وتُحافظ على ما تَمّ إنجازه لمصلحة قضية السلام ومجمل قضايا السودان، مبيناً أن التمويل لم يعد عقبة أمام السلام بعد إعلان كل المُجتمع الدولي وقوفه وراء تحقيق بنود الاتفاقية ودعمها الكامل لها من خلال الآلية الثلاثية والرباعية، مشيراً إلى أن تقدُّم العملية السياسية يتم بتحقيق المزيد من التوافق بتسريع تنفيذ الملف بالكامل.
شُمُول العمليّة
وكان المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية المهندس خالد عمر يوسف قال لـ(سونا)، إنّ المُحاولات لم تنقطع من قبل الأطراف المُوقِّعة على الاتفاق الإطاري من أجل زيادة شمول العملية وإكسابها أكبر قدرٍ مُمكنٍ من الشمول، مُشيراً إلى أنّ هنالك نقاشاتٌ مستمرةٌ مع كافة قوى الثورة من مجتمع مدني ولجان المقاومة وغيرها من الكيانات الديمقراطية، من أجل إيجاد صيغ للتفاهم حول المشروع المطروح للانتقال، بما يدمج ويضع في الاعتبار التصوُّرات المُختلفة المطروحة من القوى الديمقراطية، مؤكداً أن هناك إشارات إيجابية في هذا السِّيَاق.