إعسار المُزارعين.. مطالب بإعادة شروط الزراعة التعاقدية
الخرطوم- جمعة عبد الله
تتعدّد المشكلات التي تُواجه مشروع الجزيرة من موسمٍ لآخر، لتعلو نبرة المزارعين هذه الأيام حول قضية الإعسار التي تُحاك بمزارعي المشروع، هذا بعد تلقي التمويل الأصغر بواسطة الجمعيات الزراعية من قِبل بعض الشركات التعاقدية، ليجد مُعظم المزارعين أمام تحدٍ كبير إما السداد أو السجون، ومعلومٌ في بادئ الأمر أنّ المزارعين جُل همّهم جلب مدخلات الإنتاج في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، فما كان خيار لهم سوى الدخول في شراكات لاستمرارية العملية الزراعية أياً كانت النتائج الربح أو الخسارة، ونجد أنّ بعض المُزارعين يرون أن الشركات التعاقدية والجمعيات الزراعية متطابقة بأنّ هذه الأجسام أدخلت المزارع في مشاكل لا حصر لها وزادت من هُمومه وشلّت أفكاره وأصبح مشغولا بكيفية الخروج من هذا المأزق، ويرى البعض أنّ قضية الإعسار موجودة أصلاً في المُعاملات التمويلية وربما تزايدت هذا الموسم، بينما يرى آخرون أن مراجعة العقود مع الشركات التعاقدية ضرورة حتمية لتفادي المشاكل مع المزارعين.
المأزق
فيما يرى المزارع بمشروع الجزيرة، نصر الدين علي، أن كل الآراء عن الشركات التعاقدية والجمعيات الزراعية مُتطابقة بأن هذه الأجسام أدخلت المزارع في مشاكل لا حصر لها وزادت من هُمُومه وشلّت أفكاره وأصبح مشغولا بكيفية الخروج من هذا المأزق، مُستغرباً من حديث العقد بأنّه مُلزمٌ للسداد، معتبراً أن هذا شيءٌ معروفٌ ولكن الذين يبرمون العقود أصحاب معرفة ودراية بمثل هذه الأمور ولهم ضمانات ودراسات جدوى اقتصادية واجتماعية للمشروعات، وأضاف: هناك الكثير من الشروط التي يعمل عليها أصحاب التعاقدات ولهم دراية كاملة بالقوانين، ويفتكر ان المزارعين الذين استطاعوا توفير هذه المدخلات كانوا يعلمون أنّ الاقتصاد فيه كسادٌ، وبالتالي أنّ هذه البضاعة التي بحوزتهم لا مَخرج لها إلا المُزارع المغلوب على أمره، ويرى أنهم كانوا يعلمون أنه إذا لم تخارج بهذه الطريقة ستُشكِّل لهم خسارة فادحة، وبالتالي كانوا يعلمون أن أسعار الأسمدة سوف تتدنى وحمّلوا المزارع هذه الخسارة، وقال إن الذين تحمّلوا الضمانات من قيادات الجمعيات هم الآن أمام وضع صعب والتزام خطير بمثل هذه مبالغ فهم في مشكلة، وأردف: إن المزارع كذلك فمن السهل أن يقدم مستشار الشركة الشيك المحرر إلى الجهات القانونية، متمنياً من رؤساء الجمعيات أن يتفاوضوا مع الشركات التي جلبوا منها هذه المدخلات ليصلوا معهم إلى تفاهمات للوصول إلى حلول ترضي كل الأطراف.
الآثار الإيجابية والسلبية
يقر المزارع بالمشروع، عمر طه، أن قضية الإعسار موجودة أصلاً في المعاملات التمويلية وربما تزايدت في هذا الموسم، لجهة أنه تساءل، هل المشكلة في السياسات أم في التطبيق، وما هي الآثار الإيجابية والسلبية في حالة مُعالجة الظاهرة بواسطة الدولة؟ وهل كانت هناك إدارة جيدة للتمويل أدّت إلى تطبيق التقانات وتحقيق الإنتاجية العالية؟ وقال إن الإعسار يحتاج إلى دراسة مجّانية حتى لا يتكرر، وتوقّع إمكانية معالجته في هذا الموسم، بيد أنّها مُعالجات مُؤقّتة هذه هي المشكلة – على حسب تعبيره.
تبعاتٌ يتحمّلها المزارع
يرى المزارع بمشروع الجزيرة، كمال ساري، أن مراجعة العقود مع الشركات التعاقدية ضرورة حتمية لتفادي المشاكل مع المزارعين، وقال استبشرنا خيراً بقدوم الشركات التعاقدية في بداية الأمر عند دخولها في شراكات ذكية مع المزارعين في بعض الأقسام بالمشروع، وأضاف قامت الشركات بزراعة بعض المحاصيل النقدية وكان العائد جيداً إلى حدٍّ ما، بيد أنه قال كانت هناك أخطاءٌ في نظام التعاقد، وبطبيعة الحال كان المزارعون يستقبلون هذه الشركات بكل عفوية ودون الرجوع إلى التفاصيل الدقيقة لبنود العقد المبرم بين أطراف العقد (المزارع والشركة)، ويعتقد أنه كان هناك نقصٌ كبيرٌ في بنود العقد خاصّةً في النواحي الفنية التي تتعلّق بزراعة المحصول المراد زراعته أو التعاقد عليه، وذكر ان العقود معظم بنودها ينصب في كيفية السداد من المزارعين وأخذ حق الشركة كاملاً مكملاً بدون نقصان، وواصل قائلاً: هناك إهمالٌ للمخاطر والنواحي الفنية التي تؤدي إلى نقصان الإنتاج أو انعدامه ويتم تحميل المزارع كل التبعات التي تنجم عن ذلك الإهمال المتعمد من الشركة التي تسعى إلى تحقيق الأرباح لا يهمها فقدان الثقة من العميل أو المزارع المتضرر.
وتابع: قد تستجلب الشركة بذورا فاسدة أو مبيدات غير مطابقة للمواصفات، إن شركات التأمين على حسب نص الوثيقة التأمينية لا تُؤمِّن على الأضرار الناجمة عن الأسمدة والمبيدات والبذور والتقاوي الفاسدة، بل تأمينها مختصر على المخاطر الطبيعية مثل الغرق والعطش في حال انحسار المياه في النيل والآفات الطبيعية، وقال: بالتالي إن الشركة تضع المزارع في وضع حرج إما السداد أو السجن من غير الرجوع إلى مسببات الإعسار وهي تعلم أنّ هذا هو حقها القانوني، وبحسب اعتقاده أن المزارع هو الحلقة الضعيفة المُدان الأول نتيجة لتوقيعه الشيك والعقد المبتور معها ونتيجة لذلك يكون المزارع هو الضحية، ويفتكر أن هذا ما يحدث بين المزارعين والشركات التعاقدية لتصحيح هذه التعاقدات، داعياً القانونيين إلى المساعدة في إخراج المُزارعين من خداع الشركات ومُراوغتها واستغلال ضعف معرفة المُزارعين بالقوانين، ونبّه المزارعين بعدم التسرع في التعاقد مع الشركات المستثمرة إلا بوضع شروط في التعاقد للمسائل الفنية الدقيقة حتى لا يتم خداعهم.